القاهرة 11 يونيو 2020 الساعة 10:11 ص
كتب: محمد علي
لقرابة أكثر من عشر أعوام استمر المخرج أحمد الجندي في تقديم الأعمال الفنية ذات الطابع الكوميدي بدايةً مع النجم أحمد رزق في فيلم "حوش اللي وقع منك"، ومن ثم تعامل استمر لأربع سنوات مع النجم أحمد مكي في أفلامة "اتش دبور" و"لا تراجع ولا استسلام" و"طير انت"، و"سيما علي بابا"، وأيضًا في أربعة أجزاء من المسلسل الكوميدي الأشهر "الكبير"، كما أنه صاحب أهم الاعمال التلفزيونية الكوميدية والتي حققت نجاح باهر في مواسمها الرمضانية "نيللي وشيريهان" و "في اللالا لاند" للنجمة دنيا سمير غانم، ومن أهم أعماله السينمائية أيضًا "الحرب العالمية الثالثة" للثلاثي هشام ماجد وشيكو وأحمد فهمي.
هذا جزء من السيرة الذاتية لمخرج استطاع أن يصحح مسار مفهوم الكوميديا بتقديم عمل تلفزيوني/سينمائي جدير بصفة العمل الفني حقًا، وربما هذا ما يكون قد دفعنا لمشاهدة عمل رمضاني أجمع الكل -مع الأسف- على أنه سخيف ولا يستحق المشاهدة من الأساس وهو مسلسل "رجالة البيت".
يقوم الجندي باستخدام تيمة الأفلام الأمريكية الكوميدية للصديقين الغبي والأكثر غباء، فمن خلال كل من شخصية "تيمون" أحمد فهمي وشخصية "بومبة" أكرم حسني؛ حيث يروي لنا مواقفهم الحياتية في سياق حلقات متصلة منفصلة، في حدوتة تعتمد على سرد المواقف العديدة التي تظهر الجانب الساذج والغبي لكل منهما، دون أن يكون هناك بناء درامي يمثل العمود الفقري للحدوتة ككل، فالاستسهال الذي يظهر بوضوح في كل مشاهد المسلسل يعبر بشكل واضح عن الكتابة الضعيفة والركيكة حد الابتذال في أحيان عديدة من أيمن وتار ؛الذي استغل نجاحة مع النجم أكرم حسني في مسلسل "الوصية".
وهنا سوف نتوقف لعرض مفهوم النجم في تسويق العمل وتصنيفة، وكيف يساهم نضج ووعي الفنان في استغلال هذه الإشكالية!
نجم وكوميديان قادر يضحكك أول ما يظهر ! ببساطة لأن دا شغله .. هذا الأمر قد اعتمد عليه صُناع الكوميديا في مصر بشكل مطلق ودون قواعد أو أعراف تنظمه حتي اصبح منهج يُتبع في معظم الأعمال التي تكون غايتها الضحك والتسليلة.
البداية من عند سمورة نجم المسرح والفوازير!
في معظم أفلام المقاولات في الفترة من أول 1980 تقريبًا كان المنتجين والمخرجين يعتمدون على نجم محبوب من الجماهير في تسويق أعمالهم والذي يستقطب قطاع عريض من الجمهور المجذوب والمفتون به إلي شباك التذاكر وهم على يقين بأنهم سوف يضحكون طليلة الفيلم حتي إن لم يتذكر أحدهم أي من أحداث الفيلم، وأبسط دليل على ذلك هو النجم سمير غانم، فمعظم أفلام تلك الفترة كانت تعتمد دون أن تشغل همها بمضمون الفيلم أو الحبكة الإخراجية له فبمجرد أن يظهر سمير على الشاشة سوف يضحك المتفرجون لأنه ببساطه سمير غانم الذي لا يكل أو يمل أحد من مشاهدته.
مع تطور الصناعة بات هناك شكل مختلف نوعًا ما وهو كوميديا "الإيفيه" وفيها يظل النجم طوال مدة الفيلم في تكرار جملة لها وقع لطيف وخفيف على أذن المُشاهد حتي أنه بمجرد أن يتذكرها فيما بعد يضحك، ونجوم هذا النوع كثيرون (محمد هنيدي، محمد سعد، علاء ولي الدين، وغيرهم)، وبمرور الزمن أصبح الارتجال المفرط في أحيان عدة سمة ضرورية للنجم المنوط به تقديم عمل كوميدي، وذلك يتجلي بوضوح في موجة الوجوه الجديدة من شباب مسرح مصر على سبيل المثال.
عودة لرجالة البيت ..
بعد أن تكاثرت الآراء السلبية حول العمل على مواقع السوشيال ميديا حاول المخرج أحمد الجندي أن يتدارك الازمة بتطبيق هذه الفكرة وهو أن يترك نصيب الأسد فيما تبقي من الحلقات لأكرم حسني؛ كونه النجم المحبوب الذي يري فيه الجمهور جانب كوميدي لا يخيب فيه ظنهم، وذلك أملًا منه في اجتذاب كل من محبي طريقة الإلقاء والتمثيل الخاصة بأكرم فيعود أي منهم لمتابعة العمل أو على الأقل أن يتراجع أحدهم عن وجهة نظره السلبية عن العمل، حتى أن شخصية "بومبة" أصبحت البطل الرئيسي للعمل وبات الشريك والصديق "تيمون" يقوم فقط بدور السنيد شأنه شأن بقيه المشاركين مثل الممثل بيومي فؤاد والممثلة ويزو.
وعلى الرغم من اعتذار كل من أحمد فهمي وبيومي فؤاد عن تدني مستوي الكوميديا في العمل إلا أن اللجوء لهذا الاعتذار لم تكن إلا مناورة منهم تهدف لامتصاص الغضب الجماهيري ليس إلا، وأن استخدام احمد الجندي لأسلوب بيع بالنجم المحبوب كان له الأثر في انتشال المسلسل من السقوط المروع.
إلا أن كل هذا لا ينفي الضعف والاستسهلال المبالغ فيه من كاتب العمل؛ الذي رأى في إعادة تدوير أفلام لها شعبية شهيرة وسط المجتمع وتقديمها في قالب من المفترض أن يكون مضحكًا كعادة هذه الطريقة، لم يخرج من اطار الاكليشيهات التي عبرت عن قصور بالغ في الكتابة حاول المخرج معالجتها في الحلقات الاخيرة بالطريقة التي أشرنا إليها.
في النهاية ربما لا يعجبك المسلسل ككل ومؤكد أن مستوي العمل ضعيف كوميديًا حقًا، إلا أنك كمُشاهد جيد للمخرج أحمد الجندي سوف تتحسس وتلمس العديد من اللقطات التي سوف يغلبك الضحك فيها لما قد بذله ذلك المخرج الموهوب والذي يبذل جهد مضاعف دائمًا في سبيل أن نضحك.