القاهرة 09 يونيو 2020 الساعة 09:43 ص
بقلم: د. فايزة حلمي
تقول جيني ماردر: (Jenny Marder)
يمكن أن يكون وقت العزل المنزلي؛ مخيفًا للأطفال.. لا بأس، ولكنه.. صحي! لنعترف بذلك.
في الأسبوع الماضي في شيكاغو، قدم شاب يبلغ من العمر 14 عامًا قائمة بأفراد العائلة الذين يعتقد أنهم سيعيشون، ومن المحتمل أن يموتوا، وفي بلد آخر، كان الطفل البالغ من العمر ستة أعوام قلقًا من أنه إذا لم يتمكن من الاحتفال بعيد ميلاده مع أصدقائه؛ لأنه يعتقد أنه لن يكبر، في غضون ذلك، تعرضت ابنتي البالغة من العمر ثلاث سنوات لحوادث في الحمام في الأيام القليلة الماضية أكثر مما تعرضت له حتى الآن هذا العام.
وعلى الرغم من أن الأطفال أقل عرضة للإصابة بالمرض فإننا بدأنا نفهم فقط ما قد يعنيه الوباء بالنسبة للصحة النفسية للأطفال ورفاهيتهم العاطفية.
هناك الكثير ليتعامل معه الطفل.. هناك تعطيل للأنشطة العادية، الانفصال المفاجئ عن الأصدقاء، وبالطبع الخوف من الفيروس نفسه، وتتفاقم هذه الصعوبات للأطفال الذين يعتمدون على الواجبات المدرسية، أو الذين مرض أفراد أسرهم.
فكيف يمكننا مساعدة أطفالنا خلال وقت التغيير وعدم اليقين هذا؟
الاستجابة للوباء بين الأطفال تمتد عبر سلسلة، يستمتع البعض بجدة الإجازة من المدرسة، بينما يعاني البعض الآخر مما وصفه عالم النفس الإكلينيكي "جون دافي" بأنه "مستوى من الخوف يقترب من الرعب"، "ما يخبرني به الأطفال هو أنهم يخافون من المجهول.. يشعرون بهذا النوع من النذر، أن شيئًا فظيعًا على وشك الحدوث، ويشعرون بأن لديهم قوة محدودة لذلك، حيث يمكن أن يكون تعطيل الروتين صعبًا بشكل خاص للأطفال الصغار.
يجب أن يتوقع آباء الأطفال الأكبر سنا؛ تقلبات المزاج، بالنسبة لهم، فقد يكون الابتعاد الاجتماعي هو المشقة الحقيقية. يقول دوفي: "يثبت المراهقون والمراهقات أنفسهم عاطفيا في علاقات ببعضهم البعض"؛ لِذا, يمكن أن يشعرهم الانفصال عن أقرانهم بـ "البؤس" وبأنهم غير طبيعيين.
قالت راشيل هيربست "Rachel Herbst"؛ وهي طبيبة نفسية في مستشفى للأطفال، إن الأطفال يبالغون في إدراك أجسادهم، إلى جانب سلامتهم وأفراد أسرهم، وهم يتأثرون بالضغط الذي يشعر به الكبار من حولهم، "فالقلق معدي أكثر بكثير من أي فيروس، والأطفال سوف يمتصون ذلك".
بينما نمضي قدمًا في هذا الوضع الطبيعي الجديد الغريب، نتساءل حول كيف يمكننا مساعدة الصحة النفسية لأطفالنا، خاصة "أن محاولة تكرار المدرسة في المنزل عندما لا تكون مدرسا وليس لديك المواد، فهذا يشبه المهمة المستحيلة".
حيث "هذا ليس تعليما منزليا". "إنه إجراء طارئ."
فكيف نواصل تعليم أطفالنا على الرغم من أننا توصلنا إلى أننا لسنا مدرسين؟ قد تكون الإجابة مفاجئة، وهي "ضرورة توسيع مفهوم التعلم" فالتعلم الحقيقي يمكن أن يتجاوز الموضوعات التعليمية الأساسية، فلا ينبغي أن نشجع أطفالنا فقط على أداء واجباتهم المدرسية، بل بالفعل نحن بحاجة إلى تخفيف توقعاتنا الأكاديمية، والأهم من ذلك، توسيع مفهومنا للتعلم.
وإذا كان بإمكان العائلات استخدام هذا كفرصة لإشراك أطفالهم في التعلم الحقيقي، فقد يكون ذلك تحويلا لنمو الأطفال.. وطالما لا يزال لديك مهارات لتعليم أطفالك، خاصة عندما يكون لديهم المزيد من الوقت؛ فيجب أن تفكر في استخدام هذا الوقت لتعليمهم المهارات الحياتية.
وكنموذج...
*قام الأب وابنه البالغ من العمر 13 عامًا، هنري، بإعادة بناء محرك سيارة 1972 MGB. تقول والدة هنري: "إن العمل؛ ميكانيكي للغاية ودقيق ومحبط أحيانًا؛ وهو يعلمه الصبر والاهتمام بالتفاصيل، وهذا يبعث على السرور حقا". لقد فوجئت عندما اختار ابنها مؤخرًا دراسة ميكانيكا السيارات لفصل اختياري في مدرسته الثانوية في الخريف المقبل.. إنه قرار لا تعتقد أنه كان سيتخذه قبل الحجر الصحي.
*قامت أم بتعليم الصغار كيفية تحضير أرض الحديقة، وإضافة السماد، وبذر النباتات، وزرع النباتات.. وقالت: "أعتقد أن الحجر الصحي يغير الوالدية، وهذا بدوره يغير أطفالي". وربما تكون علاقتنا أفضل بسبب هذا الوقت المكثف الذي قضيناه معا.
* يقوم الأهل بتدريس الأعمال اليومية أيضًا: الخياطة، أو الطبخ الأساسي، كانت هناك أم لأربعة أولاد، تتساهل دائمًا في جعل أطفالها يطوون الغسيل ويغسلون الأطباق ويرتبون أسرتهم الخاصة.. وقالت: "بين الإسراع للمدرسة وبعد العودة منها؛ الاندفاع نحو كرة القدم.. كان من الأسهل بالنسبة لي أن أفعل كل شيء". وأضافت: "الآن لا يوجد مكان يذهبون إليه؛ لذلك لدينا المزيد من الوقت للجلوس وتعليمهم طي نفس البنطال بشكل مضجر أربع مرات حتى يتعلموا ذلك".
اتبع اهتماماتهم:
إذا كانوا يقاومون الاهتمام بما تفعله، فلا تيأس.. إن اهتمامات طفلك الخاصة تكفي كنقطة انطلاق لتعليم مهارات الحياة.
تظهر الدراسات أن الأشخاص الذين لديهم إحساس بالهدف هم الأكثر احتمالًا للازدهار، خاصة عندما تكون الأوقات صعبة؛ لذلك، فإن تعزيز اهتمام طفلك يعتمد على هذا، وإذا تعلم الطفل شيئًا واحدًا يهتم به في اليوم، فهذا يكفي.
على سبيل المثال، الذي يحب الموسيقى، قد يحصل على دكتوراه في علم الموسيقى، وقد يعتقد الناس بعدم أهمية "ألعاب الفيديو"، "لكن المهارات التي يتعلمها الطفل من الألعاب التي يلعبها رائعة. إنه يتعلم الاهتمام والانتباه بمرونة وتطوير إستراتيجيات حل المشكلات، وستساعده هذه المهارات الحياتية بشكل جيد في كل ما يفعله في المستقبل.
البراعة؛ هي دعم مصالح طفلك، حتى لو لم تكن مهتمًا بها:
إذا كان طفلك يحب ألعاب الفيديو، العب معه.. وإذا كان مهتما بالفرسان والأبطال الخارقين، فاقرأ كتبا حول هذا الموضوع.. وتحدث معه؛ عن معنى أن يكون بطلا.
قد لا يكون هذا النهج ممكنًا لأولئك الذين يواجهون فقدان الوظائف والمرض، أو لأولئك الذين لا يستطيعون العودة إلى المنزل ليكونوا مع أطفالهم.
ولكن إذا كانت العائلات قادرة على استخدام ظروف الجائحة؛ كفرصة لإشراك أطفالها في التعلم، فهذه هدية حقًا، أعتقد أن هذا هو الوقت الذي سيتذكره الأطفال دائمًا، إنه وقت الذكريات إلى الأبد".
فما هي الذكريات التي نريدها لأطفالنا؟!