القاهرة 17 مايو 2020 الساعة 11:49 م
بقلم :د.هبة سعد الدين
تلاحقت الأحداث على مستوى مصر والمنطقة والعالم ككل في العشر سنوات الأخيرة ، وحاولت المعالجات السينمائية اللحاق بها، ويظل "الإرهاب" القضية التي تشعبت منابعها وآثارها ، وبالتالي قراءتها على عدة مستويات ، وكلما ازدادت المعلومات المتاحة اقتربت السينما من تلك المعركة وخاضتها بمزيد من الوعي.
وقد تنوعت المعالجات السينمائية لتكتفي تارة بالتطرف كمنبع للقضية ومحركها الأساسي الذي لابد من الالتفات إليه ، وأخرى ترصد إحدى المواقع الإرهابية التي تم التعامل معها ، وثالثة تسعى للاقتراب من صورة "الإرهابي" ؛ علها تحذر من الوقوع في ذلك البئر السحيق ، وغيرها الذي يجعلنا نرى عن قرب الضحايا. ويبدو أن عام 2017 كان، نوعاً ما، عام الحصاد الذي يبشر بالمزيد من الأعمال ، فانضمام ثلاثة أفلام بصورة مباشرة إلى كتيبة قوات المعركة قادر على أن يجذب المزيد؛ خاصة أن كل منها ذهب في اتجاه خاص، وذلك هو المتوقع بعد انضمام الأفلام على مدى أكثر من عشرين عاما لهذه الجبهة. ففي هذا العام كان "الخلية" لصلاح الجهينى وطارق العريان ، و"جواب اعتقال" تأليف وإخراج محمد سامي، و"مولانا" لإبراهيم عيسى ومجدي احمد على، ونحن هنا لسنا بصدد الرصد النقدي لهذه الأفلام لكننا نتوقف عند كيفية مشاركتها في تلك الحرب وتنوعها واجتيازها أسوارا شائكة. ففيلم "الخلية" رصد الجانب المهني والإنساني لرجل الأمن الذي يضحى من أجل بلده لكنه في ذات الوقت إنسان يفقد صديقه وزميله ، ليضاف إلى المعركة ؛بالنسبة إليه؛ المزيد من الجوانب عبر تجربته الإنسانية ؛ فبعيداً عن تنقل الأحداث بين تنفيذ العمليات ضد الإرهاب ؛ نرى بوضوح الاستشهاد والفقد والإصابات ، وصرنا نشعر بضابط العمليات الخاصة كمقاتل و "بشر" يعانى على عدة مستويات!! على الجانب الآخر جاء "جواب اعتقال" لنرى الإرهابي الذي لا يتوقف لحظة أو يفكر بعيداً عما يريد، ولنقترب من عمق التفاصيل المتعلقة بالتجنيد وتنفيذ العمليات الإرهابية ورصد الأمن لكل هذا. أما فيلم "مولانا" فيرجع بنا إلى تأصيل الأفكار التي أدى انتشارها لكل هذا ، وخطورة ذلك على "الوعي" بالدين وكيفية استغلاله للحصول على التأثير المطلوب ، وكذا شبكة العلاقات وتداخلها ورؤيتها في هذا الإطار. معركة الإرهاب ليست أحادية الجانب ؛ بل التعدد سمتها الأكيد وإدراك الجمهور لذلك جانب من مواجهة الصراع وجبهة قوية للمقاومة. ولذلك تعد تلك الأعمال بتنوعها من حيث رصد التعامل الأمني برؤية إنسانية والكشف عن ملامح "العدو" ثم العودة إلى "الوعي" الذي يحركه ؛ كل هذا قادر في المقابل على نشر "الوعي" الذي نحتاجه لنخوض المعركة بعقل وقلب في آن واحد ، فالخطر والخسارة بصورتها التي تتبلور في أخبار وبيانات لا يمكنها أن تجعلنا نرى ما وراءها من ثمن يدفعه "وطن" وجار وأخ وصديق وقريب. لقد جاءت التجارب السينمائية التي اشتبكت مع الإرهاب كوليد ينمو ويسعى للنضج من خلال اختيار الموضوعات وزوايا المعالجة وكذا العمق لخلق وعى مجتمعي بالخطر وبالتالي مواجهته، لقد شاركت الدراما على مدى سنوات لإحداث ذلك الأثر ولا يزال الحديث عن ذلك مستمراً.