القاهرة 12 مايو 2020 الساعة 10:44 م
مسرحية من ثلاثة فصول "1/4"
تأليف: ماركو براجا
ترجمة وتقديم: د. عصام السيد علي – د. عبدالله عبدالعاطي النجار
ماركو براجا
مقدمة المترجم
المسرحية الأصلية في سطور:
العنوان في لغته الأصلية: La Moglie Ideale
لغة الكتاب المترجم عنها: الإيطالية
المؤلف: ماركو براجاMarco Praga
دار النشر الإيطالية: Fratelli Treves, Editori
تاريخ النشر: 1910م
التصنيف: أدب مسرحي
عدد صفحات المسرحية الأصلية: 138 صفحة
"ماركو براجا" المولود في ميلانو عام 1862، هو ابن الشاعر والرسام الإيطالي الشهير "إميليو براجا" أحد أعمدة الفن والثقافة في إيطاليا في القرن التاسع عشر الميلادي. توفي والده وهو لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره، وتركه وحيداً لا يقدر على تحمل نفقات معيشته، لذلك أضحى مضطرًا للبحث عن عمل، فعمل كمحاسب حتى عام 1889. عاش معظم حياته مع أمه المترملة وتخللتها فترة زواج لم تدم طويلا. كان يميل بشدة في شبابه إلى الأدب الدرامي. بدأ الكتابة المسرحية عام 1883 بمسرحية "اللقاء"، وفي العام التالي كتب مسرحية "المنزلان" ثم "الصديق" عام 1886 ثم "جوليانا" عام 1887 ثم "العذراوات" عام 1889 وقد حققت نجاحا كبيرا وتم عرضها على مسرح "مانزوني" في ميلانو، ومنذ ذلك التاريخ كرّس وقته كله للمسرح تأليفا وإدارة، فكتب مسرحية "الزوجة المثالية" عام 1890 و"العاشقة" عام 1891 و"أليلوجا والسحر" عام 1892 و"الوريث" و"الشقراء الضغيرة" عام 1893 و"أبولُّو الجميل" عام 1894 و"الأم" عام 1895 و"الشك" عام 1899 و"الأزمة" عام 1904 و"الباب المُغلق" عام 1913. بلغ عدد المسرحيات التي ألفها اثنين وعشرين مسرحية. ويعتبر أحد أهم كتاب المسرح الإيطاليين الذين طوَّروا حركة الواقعية في الأدب الإيطالي في أواخر القرن التاسع عشر. هو أحد مؤسسي الجمعية الإيطالية للمؤلفين والمحررين "La Società Italiana degli Autori ed Editori SIAE" والذي أصبح بعد ذلك مديرا لها في الفترة ما بين عامي 1896 و1911. عمل كناقد مسرحي في مجلة "صور إيطالية Illustrazione Italiana" منذ عام 1919، وقد تم بعد ذلك جمع كل ما كتبه في كتاب مكون من عشرة أجزاء بعنوان "أخبار مسرحية". ظهرت العديد من الأعمال النقدية التي تناولت حياته وأعماله الأدبية مثل: "حياة وفن ماركو براجا" للكاتب "م. فورجوني"، وكتاب "الدراما الإيطالية" للكاتب "ك. ليفي". كما قام الكاتب الإيطالي "جورجو بوليني" بتأليف كتاب يحمل اسم "ماركو براجا" يتناول فيه سيرته الذاتية وأعماله المسرحية. أصيب في أواخر حياته باكتئاب حاد ومات منتحرا في 31 يناير عام 1929.
أشهر أعماله:
الزوجة المثالية، ويعتبر أهم أعماله؛
العذراوات؛
الشقراء الصغيرة.
تم تقديم مسرحيتنا هذه على خشبة المسرح لأول مرة في الحادي عشر من نوفمبر عام 1890 على مسرح جربينو دي تورينو "Teatro Gerbino di Torino"، وقامت ببطولتها إليونورا دوزى Eleonora Duse"" وهي واحدة من أعظم ممثلات المسرح في ذلك الوقت وشاركها في التمثيل كل من فلافيو أندو Flavio And?"" وفيتورينو زامبيري ""Vittorio Zampieri. ثم تم تقديمها كذلك خلال عامي 1953-1954 وحققت نجاحاً منقطع النظير، وكان ذلك على المسرح الصغير في ميلانو" "Piccolo Teatro di Milano بمشاركة كل من سارة فيراتي "Sarah Ferrati" وتينو كارارو "Tino Carraro". وأحدث عرض لها على خشبة المسرح كان عام 1969 وقام بالبطولة كل من إليانا جيوني "Ileana Ghione" وجاستوني موشين "Gastone Moschin" وناندو جاتسولو "Nando Gazzolo".
تعتبر "الزوجة المثالية" هي الملهمة للعديد من الكُتَّاب مثل "هنري بيك" "Henry Becque" في روايته "المرأة الباريسية" "La Parisienne" (1985) و"جاكوزا" "Giacosa" في روايته "الحب التعيس" "Tristi Amori" عام (1987).
نالت المسرحية شهرة عظيمة في أول عرض لها، وإلى الآن تترك انطباعا طيباً على الجميع عند مشاهدتها على خشبة المسرح أو مطالعتها الورقية.
تتجسد فيها العديد من المشكلات النفسية والاجتماعية التي لازالت حاضرة حتى وقتنا الراهن؛ فالمرأة التي هي محور المسرحية تتجاذبها العديد من المشاعر والأحاسيس المتناقضة بين حبها ووفائها لزوجها وأسرتها، وبين حبها وعشقها لصديقها. هذا الصراع المحموم الذي ينتهي عند أعتاب خيانة الصديق لها وهجرها ليتزوج بأخرى، ثم تصل الدراما عند ذروتها عندما تعلم بذلك فتطلب منه هي بنفسها أن يبتعد عنها، ومن ثم تعود لتكرِّس كل اهتمامها ووقتها لزوجها وأولادها.
ولعل القارئ يسأل، لماذا هي زوجة مثالية؟ والإجابة هنا تأتي إليك عزيزي القارئ من ثنايا المسرحية ذاتها وعلى لسان أحد أبطالها وهو كوستانزو حين يقول عنها: "في هذا المجتمع الفاسد الذي نعيش فيه، والذي تتفشَّى فيه الرزيلة، وتُحاط فيه المرأة بكل الإغراءات، حيث يحاول الكل فتنتها لينال من شرفها، فوجود زوجة حكيمة ووفيّة يُعد استثناء. وحينها ستكون جديرة بأن تكون معبودا ينبغي لنا أن نبني له مذبحا. والرجل الذي يمتلك زوجة وفيّة هو رجل حصل على مَزيَّة لا توجد في شريعة هذا العالم. وبالنسبة لمعظم الناس وفي الأعم الأغلب، فالزوجة المثالية هي تلك الزوجة الطيبة والمُحبة لزوجها، حتى وإن كان لها عشيق، وهي تلك التي تتحاشى الفضيحة وتعاسة أطفالها، وتحافظ على السلام الداخلي في المنزل، السلام الحقيقي والصادق وليس الزائف، الذي نراه من الكثيرات، الذي تكمن تحته مشاعر الازدراء والكراهية"، وأيضاً حين يوجِّه حديثه لجوليا بطلة المسرحية قائلا لها: "لديكِ حبيب، ورغم ذلك يشعر زوجك أنه أسعد رجل في العالم، وهذا بفضلك أنت. هناك سيدات شريفات – يطلق الناس عليهن شريفات – يُنغِّصن على الزوج حياته ويُكدِّرنها وهو ما لا تفعليه أنتِ." وكذلك على لسان زوجها وهو يعاتبها لما بدر منها في أحد المواقف: " حالة عدم الاكتراث التي أنت فيهاِ تثير قلقى: حالة لم أعهدها فيكِ من قبل. لم أوجِّه لك يوما خُطَباً ومواعظ ولم أفرض عليكِ أو أرغب في يوم من الأيام أن تكونى مثل تلك النساء اللاتى يتظاهرن بالعفَّة ويحكمن على كل شيء من خلال المظاهر. بل وفي كثير من الأحيان يحصرن الشرف في مجرد الحفاظ على المظاهر. لم أتضايق منك أبدا فى أى وقت مضى، بيد أن تصرفاتك ليلة البارحة ضايقتنى".
ومع تباين الزمن والظروف الحياتية المختلفة إلا أن هذه الأحداث لازالت تقع إلى الآن، وإن اختلفت في بعض تفاصيلها، ومن ثم تأتي أهمية أن تقرأ المرأة العربية وكذلك الرجل العربي مثل هذه المسرحية في نسختها العربية ليطلعوا على مزيد من تجارب الآخرين الحياتية فيكون ذلك عوناً لهم في حياتهم وتجاربهم الشخصية، فمن أخطاء الآخرين يتعلم الفَطِن.
ولا يفوتنا هنا في هذا المقام أن نتحدث ولو بإيجاز عن الترجمة وأهميتها. فالترجمة هي الشكل الجديد المُعطى لمحتوى العمل المترجم، ويجب أن يكون هذا الشكل الجديد مطابقا للعمل الأصلي ما أمكن. وهنا تكمن أهمية الترجمة وصعوبتها في نفس الوقت؛ حينما يتعين على المترجم التعبير بلغته عن المشاعر والأفكار التي جالت في صدر المؤلف، وكذلك حينما يتوقف نجاح العمل الأدبي أو فشله على الترجمة التي يجب أن تكون أمينة وصادقة، فكلما سعى المترجم جاهدا للقيام بذلك، كلما كان العمل أكثر نجاحا.
أرجو أن أكون قد وُفِّقتُ في هذه الترجمة متمنياً من عميق قلبي أن تنال رضا القارئ العزيز الذي يحاول أن يطَّلع على كل الثقافات من خلال قراءة مثل هذه الأعمال الأدبية المترجمة التي تساعده على توسيع أفقه المعرفي بالمجتمعات والشعوب الأخرى، ما يساعده على فهم الآخر وتقبُّله والاستفادة من تجاربه الحياتية.
القاهرة، 20 إبريل 2020.
الشخصيات
أندريا كامبياني: وسيط أوراق مالية
جوليا: زوجة أندريا
جانِّينو: ابنهما ويبلغ من العمر 7 سنوات.
جوستافو فيلاتي: محامي
كوستانزو مونتيتشلّي: محامي
تريزا: عاملة في المنزل
إتُّوري: خادم
المكان: ميلانو – الزمان: الفترة الحالية