القاهرة 08 مايو 2020 الساعة 04:20 ص
بقلم :د. هبة سعد الدين
كلما مرت السنوات تطورت مشاركة الدراما في معركة الإرهاب التي تواجهها الدولة ولا تزال ، وكما كانت البدايات السينمائية الواضحة التي ظهرت في التسعينيات على حذر في اقترابها ؛ وصاحبتها أعمال قليلة اقتحمت المعركة بقوة ، جاءت الألفية الثانية بعدة أعمال لكن يشع منها ضوء مبهر بمكانة خاصة لفيلم "دم الغزال" 2005 لوحيد حامد ومحمد ياسين ، الذي صدم الكثيرين بمعالجة تظهر بعض الجوانب الخفية في هذه المعركة ؛ خاصة وأنه اقترب من واقعة إعلان الإمارة في منطقة إمبابة وكافة أعمال العنف التي صاحبت تلك المرحلة ، ولذلك طرح الفيلم بعض الجوانب بشكل واضح ، فذلك الطبال الذي يطمع في السيطرة ؛ في رغبة ملحة لتجاوز ماضيه ؛ من خلال سلاح "الدين" الذي جعله يقطع "يد" اللص!! ولا يستطيع أحد أن يقف أمامه!! لذلك تتجلى قوة مشهد الحديث عن قبول "الطبال" في الجماعة كرصاصة توضح بصورة مباشرة "الاحتياج" لمثله لأنه قادر على تنفيذ ما يعجز عنه الآخرون!! وكأن الفن يسبق الواقع لنرى تطور "الفكرة" فيما بعد فهاهم "المرتزقة" يقاتلون في هذه التنظيمات التي تشعبت على المستوى المحلى والقومي والعالمي ، وهاهو الفن يطرح الأبعاد النفسية المتنوعة بين البشر ؛ فهذا يريد المال وذاك السلطة والسيطرة والبعض الآخر "الحور العين" !! ولم تكن تلك المواجهة الأولى لقلم وحيد حامد للإرهاب فقد سبقها بعشر سنوات بفيلم "طيور الظلام" 1995 مع المخرج شريف عرفه ؛ محذراً من الخطر القادم وكأن أيقونته "طيور الظلام" نبوءة تتجاوز الواقع لسنوات. فتلك العلاقات المتشابكة مابين أطراف المجتمع لابد وأن تكون تلك نتيجتها ، وكما كان "الطبال" في "دم الغزال" في احتياج للسلطة والمال ، أوضح "المحامى" في "طيور الظلام" بشكل آخر دوره المختلف، وهكذا "مصر من فوق" ومن "تحت"!! هل كانت مصادفة أن تمر عشر سنوات مابين العملين ؟ وهل مصادفة أخرى أن يلي ذلك في 2006 "عمارة يعقوبيان" مع المخرج مروان حامد!!لا أعتقد في المصادفات الفنية فتلك العشر سنوات أظهرت بعض ما رآه الفن مبكراً ، ومرور العشر سنوات سمح بالمزيد من الصدمات ، لذلك ليس غريبا أن يعيد الكثيرون رؤية تلك الحوارات التي لم يلتفت إليها الكثيرون في وقتها . وتتضح الصورة أكثر بالرجوع إلى 1994 عندما قدم مسلسل "العائلة" مع المخرج إسماعيل عبد الحافظ معيداً القضية إلى جذورها بطرح قضية "التطرف" بصورة واضحة وكأنها محاولة يائسة لحصار ذلك "المارد" قبل خروجه وصعوبة السيطرة عليه فيما بعد. لقد سبقت "دراما" وحيد حامد ورأت ما لم يكن في الحسبان ورصدت البدايات والخبايا التي لابد وأن تأتى بتلك النتائج ، وقدمت جوانب في العديد من الأعمال الأخرى ، وجاءت "عمارة يعقوبيان" لنرى في ختامها مشاهد الدم التي ستلاحقنا!! لن يستطيع عمل بمفرده أن يواجه تلك المعركة أو حتى عدة أعمال ، لكن "الدراما" تساهم بحسب الوقت والمتاح من المعلومات والرؤية في "نضج" المجتمع والإلمام بجوانب المعركة ، ومواجهة الإرهاب لا يمكن أن تكتفي بالجانب الأمني لأن الوعي بجوانب هذه المواجهة المتعددة هو الضامن الأكيد للقضاء عليها،، وللحديث بقية.
|