القاهرة 03 مايو 2020 الساعة 01:24 ص
محمد حسن الصيفي
نعيش موسم الدراما الرمضاني، الخيال والعقول والأدمغة، الأفكار، الحبكة، القصة والسيناريو والحوار، كادرات التصوير والإخراج، ويبقى السؤال هل نعيد إنتاج الواقع أم أن الواقع يعيد إنتاج الحياة من حولنا على نحو لم يسبق له مثيل؟! أغلبنا يشاهد الأفلام الأمريكية، الإنتاج الرهيب والإمكانيات الخرافية. الكثير منا متعلق بما تقدمه، الكادرات الاحترافية، بات مان وسوبر مان، الأفلام الحربية والاستخباراتية، الأبطال الخارقين، المتعة والإثارة والسرعة، الكادرات الاستثنائية، الأسماء اللامعة، نقارن بين ما تقدمه السينما هنا، وما تقدمه السينما هناك، نحاول ونتمنى السير في ركب العالمية، وكان آخر المحاولات استقدام أسماء هوليودية أُحيلت إلى معاش هوليود للفت الأنظار تبركًا بـ "روايح" العالمية ولو عن طريق إعلان أو برنامج أو دقائق في فيلم من أفلام الأكشن.
! ولا أحد يتخيل أننا نملك هنا من يستحق العالمية والخلود، من يستحق أن يُسطر اسمه بماء الذهب، هب أني أحكي إليك الآن قصة فيلم تحكي أن شابًا مصريًا قمحي اللون، ابن ملح الأرض، لا يملك عضلاتٍ مفتولة ولا يقضي ساعات النهار في الجيم كل يوم؛ ليقوم بتصوير جسده الرائع أمام المرآة على إيقاعات أغاني الهيب هوب الأمريكية؛ ليفتن الفتيات ويقعن في غرامه، ولا يملك قَصة شعر ملفتة ولا يرتدي القمصان المفتوحة والسراويل المقطوعة فوق الركبة، لا يتحدث الإنجليزية ولا الفرنسية بطلاقة، حاصل على الدبلوم؛ بل هو حاصل ضرب جموع الشعب في خلاط الحب والعرق والكفاح، يمثل الأغلبية الكاسحة، البسطاء والعامة، وسينتقل من الحي الشعبي الذي خرج منه الكثير من الأبطال إلى الشارع؛ ليعمل في صناعة الجبس، ومن الصبر على صناعة الجبس إلى الإخلاص والتفاني في صناعة الأمان، أن تلعب دور الحزام، تمثل لأبناء شعبك حارس الأحلام.
وهنا تحدث الحبكة بعد وصوله للكتيبة حيث يلعب دورًا خطيرًا في وقف زحف الإرهابيين على الكمين المنوط بتأمينه مع زملائه من الجنود والضباط والذي تم تدمير أكثر من 70% من قوامه؟!.
يقف البطل بجسده أمام السلاح الآلي والرشاشات حتى لا يكون جسرًا يعبر من فوقه الخونة؛ بل كان حجر عثرة حتى وصلت الإمدادات، ولك أن تتخيل لو سيطر الإرهابيون على الكمين، ومثلوا بجثث الشهداء!
لكن علي علي السيد كان سيدًا عاليًا بالفعل بروحه التي وضعها على كفه في مواجهة أهل الخسة لو تخيلت معي أن هذه قصة خيالية لفيلم حربي لن تصدقه أو ربما تعجبت واستنكرت حدوثه، وربما لو أنك كاتب هذا الفيلم لن تجد له منتجًا يحول هذا النص إلى صوره مرئية تدب فيها الروح، لكن الحقيقة أن القصة المذكورة ليست من وحي الخيال؛ بل هي واحدة من القصص الحقيقية التي يميل العقل أن يراها بعين الخيال.
! تلك كانت قصة الشهيد البطل المجند علي علي السيد، الذي قدم روحه فداءا للوطن، وحماية بكل ذرة من جسده حماية للحدود ولزملائه ولنقطة التأمين التي كان يقوم عليها قبل أن تصعد روحه إلى بارئها وذلك في كمين "البرث" في رفح مع الشهيد البطل أحمد المنسي والعديد من رجال الجيش البواسل في يوليو 2017 يَحكِي الملازم أول أحمد فهيم فايد، الضابط بالقوات الخاصة، قصة استشهاد الجندي علي علي، حيث كان في ذروة القتال مع التكفيريين وإذ به يرى مدفعًا رشاشًا متعدد الطلقات يحضره أحدهم لتفريغه في جنود الكتيبة فتوجه بظهره يتلقى الطلقات ليحمي زملاءه ما بين خمسين إلى ستين طلقه! رحم الله جميع الشهداء الأبطال.