القاهرة 31 مارس 2020 الساعة 10:58 ص
كتب: حاتم عبد الهادى السيد
عن سلسلة الأدباء التى تصدرها دار الإسلام للنشر والتوزيع وبإشراف أيمن عيد ، والسعيد المصرى - صدر هذا الأسبوع ديوان من أغانى الفتى القروى للشاعر / أشرف محمد قاسم، ويعد الشاعر من أبرز الأصوات الشعرية في مصر، حيث يكتب الشعر التفعيلى والعمودى إلى جانب كونه أحد المحاورين الجيدين حيث ينشر حوارته مع كبار الأدباء العرب في كبريات المجلات العربية والمصرية.
وما يميز الديوان القصائد الابيجرامية القصيرة، حيث يشتغل الشاعر على تقنية التراكم والتكثيف والإزاحة، كما ينشد تشاركية المتلقي لاستكناه خلف ظاهر النص الشعرى، بما يكشف جوهر الشعرية عنده، يقول في قصيدته " ربكة القنديل" :
بيدي/ سأرسم وجهة لقصيدتي/ من فتنة الكلمات /أشعل فتنتي!/ من شمعدانات المجاز/ومن دمي/ ومن النجوم النازفات /بشرفتي / من ربكة القنديل/قرب رسائل/منها يفوح العطر/يغمر قصتي !/ مني ../ ومن أرق الحروف على يدي/ تصطف أرتالًابمدخل مهجتي !/ قد أذبح القمر المُدَلَّى / في يدي/ كي أكتبَ الفصلَ الأخيرَ/ بسيرتي!!.
وفى قصيدته "الحلم والليل الملوث بالفراغ"، يحيلنا عبر ابيجراماته إلى الذات/ الحلم / العالم / الكون / العالم / الحياة، وإلى مدائن القلوب عبر المحبوبة التى تستحوذ خياله، ملهمته التى تتغيا السكنى والدفء عبر خيالاته الحالمة/ أو مشهديات الذات الساردة عبر التدوير والموسيقا التى تنداح صادحة في الروح ، لتستلب المتلقي، كما استلبته هو منذ البداية، يقول:
الآن
قد خفت الشعاع
لتستريح مدائن الأحلام من صخب الصغار
وتغلق الشرف المطلة عند باب القلب
نام العالم المصبوغ
بالحناء والعنبر !
* * * *
الآن
يدفع بالصغير لعالم الموتى
وقانون السكون الأولي
وفلسفات الانهيار !
* * * *
الآن
أطفأت الشوارع نورها
كي لا يسير التائهون
ولم يزل يهمي المطر !
كل المدائن نائمات
تحت أسواط الحذر !
" يأيها المتسول العربيد
أغلقت الحوانيت البذيئة
فارتحل !
ماذا تريد ؟
ما عاد فخذ نَيِّئٌ
لا
ولا نهد
ولا حتى صديق!
عندي الزجاجات الفوارغ
هل تريد ؟ "
* * * *
الآن
تستغشي الليالي ثوبها المسود
من صخب النهار !
فلترتحل
كل المدائن نائمات
تحت أنات
الحصارْ !!
* * * *
وابحث عن القلب الموشى
باخضرار مدينة الوهم التي
في خاطرك !
وابحث عن الوطن المسافر
في مرايا الروح
خلف تخومها الشوهاء
وازرع للصغار الواهمين
مدائنًا أخرى من الصبار
والحسك المميت !!
* * * *
الآن
تتركك المدائن
خلف سور العقل
تسبح في فضاء الروح
تنعم بالسكوت !
الآن قد خفت الشعاع
لتستريح مدائن الأحلام
من صخب الصغار
وتغلق الشرف المطلة
عند باب العقل
نام العالم المصبوغ
بالحناء
والعنبر !!
والديوان يكشف عن شاعرية متبدأة لشاعر يوظف التراث عبر التناص والتضمين، كما تمثل اللغة لدية معادلا سحرياً للحياة عبر المفارقات والإحالات التناصية والسياقية بما يكشف عن شاعر يجيد سبك معانيه، كما يجيد سبك معمارية القصيدة الشاهقة التى تجعلنا نثمن تجربته الحياتية والمجتمعية، فهو إلى جانب القصائد العاطفية نرى القصائد الوطنية والمعالجات الفريدة لهمومنا الحالية ليساوق بين ما نحن فيه الآن وتخييلاته وما تشعر به الشاعرية عنده، وهو ديوان يشى بشاعر يغزل من صوف الشعر عباءة للنور عبر ابيجراماته القصيرة، وقصائده ومطولاته أيضاً.
هذا وقد أصدر الشاعر من قبل عدة دواوين منها: قراءة في كتاب النأي سلسلة إبداعات الهيئة العامة لقصور الثقافة 2009 م، ديوان: سهد المصابيح.. دار الهدي للمطبوعات الإسكندرية 2009 م ، وديوان: هذا مقام الصابرين عن جماعة تراب الأدبية بالتعاون مع مركز الخماسين للتنمية الشاملة 2010 م.