القاهرة 19 مارس 2020 الساعة 08:50 م
كتب: محمد علي
في مطلع فبراير من العام الجاري عُرض على منصة شاهد الترفيهية آخر أعمال الكاتب السيناريست محمد أمين راضي "مملكة إبليس" متعاونًا هذه المرة مع المخرج أحمد خالد موسى، وبطولة مشتركة بين كل من أحمد داود، غادة عادل، إيمان العاصي، سلوى خطاب، رانيا يوسف وظهور صبري فواز في الحلقة الأولى.
"نون النسوة" لاتزال تيمة أساسية في كل أعمال راضي، منذ عمله الدرامي الأول "نيران صديقة" رمضان 2013 والحضور النسائي عند راضي يشغل حيز كبير على الورق فدائمًا ما يكون العنصر النسائي هو المحرك للأحداث كما هو الحال في شخصية كل من أميرة، سمرة، نهال ونور ودورهم في تنويع الأحداث وقيادة لحظات ذروة درامية جديدة دائمًا، واستمر راضي في التأكيد على هذه التيمة بشكل أقل ولكنه يظل محافظًا على إنه هو من يقود الحدث في عمله الثاني "السبع وصايا" في رمضان 2014، كما في شخصية بوسي التي طرحت فكرة قتل الأب ومن نفذت بالفعل لتنطلق أحداث المسلسل كله منذ اللحظة تلك.
كما يظهر بشكل مميز وبفانتازيا لحد كبير في عمله الثالث "العهد.. الكلام المباح" رمضان 2015، حتى أنه قد جعل للنساء مكانًا خاصًا "كفر النسوان" وما يظهره في شخصية ريا من قوة نسائية تفرض مفردات العالم التي تبتغي الوصول إليه. ويستمر راضي في عرض تيمته هذه في "مملكة إبليس".
تدور أحداث المسلسل فيما بين الواقع والخيال بمعنى أدق الواقعية السحرية؛ فالمكان حارة شعبية لها عادتها التي تحكمها كما هو الحال في روايات نجيب محفوظ، يطلق عليها حارة الجنة فتوتها هو فتحي إبليس الذي يظهر لحلقة وحيدة لكنه يظل مؤثر ومحرك للأحداث طوال حلقات الموسم، مع موت فتحي إبليس مقتول تبدأ الشخصيات تكشف عن أسرارها ومن ثم تتصاعد الأحداث مع ظهور أبن إبليس البكر من حنية والتي تقوم بدورها رانيا يوسف والذي تختلف طباع شخصيته عن طبائع أهل الحارة، فيصل إلى اتفاق فيما بين كاسية ابنه خالة إبليس وداليدا وأزهار زوجتي إبليس من خلاله يحكمان الحارة بالداعي الذي يتكرر طوال الحوار الحفاظ على شقى العمر.
بشكل راق عبر الإخراج بالصورة عن العالم الخيالي الذي يعيشه أبطال المسلسل سواء بالألوان التي كست بيوت الحارة، أحجام اللقطات وزوايا التصوير التي عبرت عن الشخصيات بطريقة سلسلة، اختيار أغاني للتعبير عن مشاعر فردية لشخصية ما أو حتى في التعبير عن ما يشعر به أهل الحارة جميعًا كما في مشهد تخديرهم -حلقة صراصير حبنا- والأهم في الذي يعبر عن ذاك العالم السحري الغير واقعي هو دائرة الأسرار التي لا تنتهي. طريقة الوصول لبعضهم البعض بطرق بدائية كما في إرسال الرسائل بالحجارة أو دخول البيوت من على المواسير، معرفة ممارسي البغاء وتركهم لشأنهم دون التطرق لإشكالية أخلاقية.
في أحيان عدة خرج المسلسل عن نمط الخيال هذا وكأنه يبرر أحداثه كما في تبرير الجرائم التي ترتكب دون ظهور للشرطة؛ بأن التوقيت الزمني للأحداث أثناء ثورة 25 يناير. ربما هذا ليس تقصير في السيناريو ولكن ما يؤخذ حقًا عليه هو اللجوء إلى المرسلات البدائية رغم ظهور الأبطال جميعهم بموبايلات وكذلك عندما تتحدث أحد الشخصيات الثانوية عن مشكلتها في مآساة اختفاء أمها هو أنها لا تستطيع صرف معاش أبيها المتوفي وبعد حلقتين يكتشف أهل الحارة جثة مجهولة ومن ثم يتضح لنا من نفس الشخصية أنها جثة الأب!
ويؤخذ أيضًا وهذا على افتراض أن الكاتب كان يحاول من خلال شخصية بودي -ابن فتحي إبليس- التي تكاد تكون تعبر عن شخصية المخلص الذي يتحدث عن ضرورة الخير والحب والجمال للوصول إلى عالم يوتوبيا وتشبيه حال الحارة بحال البلد.
ولكن إجمالًا حلقات المسلسل يميزها التشويق والسلاسة في سرد الأحداث والتنقل بينها وقد لاقى إشادة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي وأنهم ينتظرون الموسم الثاني.
وكما وضحت في البداية عن النساء في عالم راضي الدرامي، كانت الشخصيات النسائية هنا أيضًا في المرتبة الأولى بكونهم هم المحرك الأساسي لكل حدث بالإضافة بأنهم يمتلكون نصيب الأسد في الحوار.
بينما يأتي الصف الثاني من الرجال الذين ينفذون التعليمات وهم مقتنعين كانوا أم يفعلون هذا باسم الحب؛ فتشترك كل من كاسية وأزهار وداليدا في إخفاء الأسرار عن الجميع وبسبب هذا هم من يحركون خيوط الأحداث.
وعلى الرغم من الدور الفعال للشخصيات النسائية إلا أن الأداء التمثيلي القوي كان لمجموعة الممثلين الرجال وتحديًدا كل من كريم قاسم وأحمد داود.
حتى الآن لم يتم الإعلان عن موعد الموسم الثاني من المسلسل، رغم أن الكاتب نفسه قد أعلن عبر حسابه الشخصي على فيسبوك أن الباقي من المسلسل قد تم تصويره وتسليمه لشاهد إلا أنه لا يعرف سبب تأخير العرض أو حتى متى سيتم عرضه.