القاهرة 03 مارس 2020 الساعة 09:36 ص
د.فايزة حلمي
ما هي إدارة الوقت؟ تعتقد أن هذا سيكون سؤالًا سهلًا للإجابة عليه ، خاصة مع "صناعة إدارة الوقت" المتنامية، ومع ذلك ، يشير العديد من المفكرين في إدارة الوقت إلى أن فَهْم الوقت وكيفية إستخدامه، ليس بهذه البساطة التي قد نفكر بها، خاصة إذا أخذنا في الإعتبار التفكير الأخير الذي يشير إلى وجود صلة عميقة بين الطريقة التي ننظر بها إلى الوقت والطريقة التي نستخدمه بها.
الآن ، نطرح الطرق الأربعة الجذرية للتفكير في الوقت:
*- الوقت ليس هو الذي نحتاج إلى إدارته:
لقد عملت صناعة إدارة الوقت بلا كلل لبيع تقنيات توفير الوقت لنا, والتي قد تخفّض ثواني أودقائق أو حتى ساعات من الوقت الذي نقضيه في المَهَام، لكن هل تعمل جميعها؟ وماذا تكلفنا؟، لأنه في كثير من الأحيان مشكلتنا في "إضاعة" الوقت، تكون بسبب عدم قدرتنا على الإلتزام بالوصفات العلاجية.
في كتابه: "مبدأ 80-20"، يجادل ريتشارد كوتش "Richard Koch" بأن الصناعة تقدم عادة وفورات تتراوح بين 15 و 25 ? إذا التزمنا بنظام مُعيّن لإدارة الوقت، هذه النتائج قد يكون من الصعب تحقيقها بالنسبة للناس الأقل إنضباطًا بيننا، حتى لو نجحنا في الإستفادة من هذه المُدخرات الزمنية، فكم من الناس يمكنهم الحفاظ على هذا النظام إلى أجَلٍ غيْر مُسَمّى؟ لذا حان الوقت لاتخاذ وجهة نظر مختلفة لإدارة الوقت.
غالبًا ما يكمن وراء عملية إدارة الوقت، الإعتقاد بأننا ببساطة لا نملك الوقت الكافي للقيام بكل ما نحتاج إليه، أو نريد القيام به، ويرى ريتشارد أن وقتنا ليس قصير، بل مشكلتنا الحقيقية هي "أننا نستخدم فقط 20 في المائة من وقتنا"، لهذا فإن "إستخدامنا للوقت ، وليس الوقت نفسه .. هو العدو"، هل نحن غارقون حقًا مع الوقت؟ ربما لا يبدو الأمر كذلك بالنسبة لمعظمنا، وغالباً، يكون لدينا وقت متاح لنا أكثر مما ندرك.
لذا، إستخدام أكثر فعالية.. لوقت أقل، هو الإجابة الحقيقية على سؤال: ما هي إدارة الوقت.
*- كل جزيئات الوقت له قيمة متساوية:
إن النظر إلى الزمن بإعتباره مرورًا حتميًا للثواني والدقائق، أي التسلسل الزمني للوجود ، يعتمد على الكلمة اليونانية كرونوس "Kronos" وتشير هذه الكلمة إلى الوقت على أنه خَطّي ومتسلسل ، وهو شيء نمضي فيه حياتنا نحاول السيطرة عليه، ولكنه في الواقع يهيمن علينا بدرجات متفاوتة، نعيش جميعًا حياتنا مقيدين بالساعات والتقاويم التي لا ترْحم, وقت كرونوس ، كما يقول ستيفن كوفي، يعني أن أي ثانية لاتستحق أكثر من أي ثانية أخرى.
لذا فإن الخطوة التالية في الإجابة على سؤال: "ما هي إدارة الوقت؟" ربما هي طرح سؤال آخر, ما هي القيمة التي تحصل عليها من وقتك؟ ومع ذلك ، إذا اعتقدنا أننا نضيع الوقت ، فإننا سنصدر حكمًا على القيمة, لأن إهدار الوقت معناه, أننا يجب أن نقضي وقتًا في القيام بأشياء أقل قيمة مقارنةً بالأنشطة الأخرى, كأن ترتبط هذه القيمة بكل من وقت العمل وغير وقت العمل, في كثير من الأحيان نشير إلى الوقت الذي نقضيه في هذه الأنشطة القيّمة بأنها "وقت جيد"، على الرغم من أن هذا يتم تطبيقه في الغالب على أوقات فراغنا، أكثر من إستخدامه الفعال لوقت العمل.
ويستند هذا الرأي للقيمة المقارنة للوقت على أن الشيء المُهِم هو" أن الوقت يتم إعتباره من وجهة نظر نوعية وليس من وجهة نظر كمية".
*- ما هي إدارة الوقت؟ قارن بين الساعة والبوصلة
في كتابِه: "الأشياء الأولى أولاً"، يبرهن "ستيفن كوفي Stephen Covey" بأن طريقة تفكيرنا في الوقت يمكن أن تتميز بإستعارات: الساعة والبوصلة، "تمثل الساعة إلتزاماتنا ومواعيدنا وجداولنا وأهدافنا وأنشطتنا، ما الذي نفعله وكيف ندير وقتنا".
في المقابل، تُمثل البوصلة ما نشعر أنه مُهِم وكيف ندير حياتنا، "يأتي الصراع عندما نشعر بوجود فجوة بين الساعة والبوصلة، عندما لا يساهم ما نفعله، في الأمر الأكثر أهمية في حياتنا."
وحين نطرح السؤال "ما هي إدارة الوقت" في أنحاء مختلفة من العالم, مِن المرجح أن نحصل على إجابات مختلفة للغاية, حيث يرتبط المنظور الغربي بتفسير كرونوس للوقت كتطور خَطّي, نحن نقاتل ضد ضياع أو إضاعة الوقت أثناء مرورنا به ، مما يسبب لنا التوتر والتعاسة على طول الطريق, هذا هو وقت "الساعة" الذي وصفه ستيفن كوفي.
بدلاً من ذلك ، يمكن القول إن الوقت الذي يتم رؤيته من منظور كايروس يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالمنظور الشرقي، ولكن أفضل طريقة لإدارة الوقت هي تقييم مروره، وليس مقارنته، ويُعتَبر عَرْض الوقت كمرور دوْري أو موسمي، هو الوقت الذي يَجْلب فرصا للتعلّم ، والتفكير في القيم، وتعميق العلاقات، وتقدير الحياة، هذا أقرب إلى وقت "البوصلة"، مع التركيز على كيفية الوقت بدلاً من كمية الوقت "على مدار الساعة".
وبهذا، يكون رد سؤال: ما هي إدارة الوقت؟ ذلك يعتمد على طريقة تفكيرك في الوقت.
*- ماذا لو استطعنا تحقيق الكثير في وقت أقل بكثير؟
ماذا لو استطعنا جميعًا أن نحقق الكثير خلال وقت أقل بكثير؟ هذا هو إستنتاج ريتشارد كوخ في كتابه "مبدأ 80/20".
غالبًا ما يساهم فقط جزء صغير مما نفعله فعليًا في أي أسبوع, في تحقيق نتائج مهمة, إذا كان هذا هو الحال ، فغالبًا ما يضيع جزء كبير من وقتنا في غضون أسبوع, يستنتج ريتشارد "إذا كنت تعمل من 60 إلى 70 ساعة في الأسبوع من أجل التأقلم ، إذا كنت تشعر بأنك غيْر متقدّم دائمًا ، إذا كنت تكافح من أجل مواكبة متطلبات العمل" فأنت بحاجة إلى إكتشاف ال 20 ? من وقتك التي تنتج 80 ? من أهدافك في العمل.