القاهرة 18 فبراير 2020 الساعة 09:13 ص
بقلم: د. هبة سعد الدين
لم تكن وفاة الكاتب الكبير لينين الرملى، مؤخراً سوى مساحة من التفكير والرؤية في تاريخه الذى امتد أكثر من 45 عاماً؛ ما بين سينما ومسرح وإذاعة وتليفزيون، فعلى الرغم من الكم والكيف الذى قدمه للمسرح عشقه الأول وبيته الذى إن غادره قليلاً لابد وأن يعود، ورغم إبداعاته السينمائية والتى سبقها نجاحات تليفزيونية ذات مذاق خاص، لم يشعر صاحب "وجة نظر" أن أعماله السينمائية جعلته يصل إلى جمهور مختلف؛ بل تجاوزت ذلك نحو تجارب متفردة، فقد كان دوماً يشعر أن الجمهور لا يعرفه!! وذلك ما صرح به منذ سنوات في أحد الحوارات مؤكداً أن نجاحاته عادةً ما تنسب لآخرين!! ولكن من يمكنه أن ينسي رائعته مع صلاح أبو سيف "البداية"، وأعماله الأربع مع الزعيم أو تجربته مع "النعامة والطاو"؟
لقد كان يبحث قلم لينين الرملى دوماً عندما يتجه لوسيلة أخرى غير المسرح عن "الاختلاف" ليعود إلى بيته من جديد بتجارب أخرى ترضى قلمه.
لذلك تساءلت: لماذا لم يشعر بنجاحاته السينمائية التى كان لها وقع خاص مع النقاد وشباك التذاكر وكسر التابوهات؟ لماذا لم ترض طموحاته أو تعوضه الكتابة للمسرح؟؟
ارتبط اسم لينين عادةً بالمسرح على الرغم من بداياته التليفزيونية التى سجلت نجاحات غير معتادة، فمن ذا الذى ينسي هند والدكتور نعمان أو حكايات ميزو وفرصة العمر، وغيرها من الأعمال الكوميدية التى أضافت للدراما ولتاريخ كل من شارك فيها مساحات التميز؛ فقدمت لكل منهم وجهاً غير معتاد إلى جانب كشف خبايا المجتمع المصرى ليمتزج الحزن بمساحات الضحك!!
ويبدو أن ثنائية الرملى وصبحى التى توالت مسرحياً لفترة مهمة في تاريخ كل منهما؛ فرقتها كذلك السينما والتليفزيون؛ فاكتفى الثنائى بمحامى تحت التدريب ومسرحية "على بيه مظهر" التى ظهرت عام 1976 ثم تحولت إلى مسلسل "فرصة العمر" في نفس العام ثم فيلم عام 1985.
ترى: هل أخفقت السينما في جذب قلم لينين الرملى أم أن إخلاصه للمسرح جعله دوما ذلك الضيف الخفيف الذى يقدم عملاً ثم يعود سريعاً لبيته من جديد!!
تجارب لينين بعيداً عن المسرح تجعلك تشعر وكأنه يجوب الشرق والغرب، لكنه لن يمكث طويلاً فهو الغريب الذى لابد وأن يعود.
وسيلمح الراصد للثلاثة عشر فيلماً اختلافها ما بين عمل وآخر ونجم وآخر فنجومية سميرغانم فى "الرجل الذى عطس" ستختلف عن "بداية" صلاح أبو سيف والإرهابي وثلاثية "بخيت وعديلة" للزعيم، وكذلك آخر أعماله السينمائية "النعامة والطاووس" النص الذى رُفض على مدى ثلاثين عاماً وأخرجه كعمل أول ابن المخرج الكبير صلاح أبو سيف، محمد عام 2002، ولتخبرنا مسرحياته الست والخمسين أنه تعامل مع السينما بمنطق "عابرالسبيل". رحم الله "الرملى" الذى أثمرت زياراتها لقليلة للسينما كل هذا الإبداع؛ وليظل السؤال: ماذا لو امتدت قليلاً تلك الزيارات؟