القاهرة 15 فبراير 2020 الساعة 06:31 م
كتبت: سمر أرز
يواصل العرض المسرحى "صبايا مخدة الكحل" عروضه على مسرح الطليعة بقاعة صلاح عبد الصبور، حيث عرض بالأمس فى الثامنة والنص مساءً وسط حضور جماهيرى حاشد، والعرض رؤية موسيقية وإخراج انتصار عبد الفتاح.
حيث قدم لنا "عبد الفتاح" من خلال العرض نسيج درامي يمتزج فيه أنواع عدة من ثقافات الشعوب يمكن مخاطبة المرأة فيه سواء فى أوروبا أو الخليج العربى مستخدماً الأداء الحركى والتعبيرى والتمثيل مع مزيج من الموسيقى المختلفة لتراث الشعوب تعبيراً عن القهر والمعاناة التى تولد مع الفتاة منذ ولادتها، حيث تحكى لنا الجدة فى اسلوب حكى شفاهى عن ذلك الموروث الثقافى الملئ بالمعاناة والقهر والذى تمارسه هى ذاتها وتورثه لبناتها وحفيداتها فى انحياز للأعراف والتقاليد والعادات الموروثة إلى أن تجد نفسها فى مواجهة مع الفتيات.
وجاء أسلوب الحكى الشفهى الذى قدمته الفنانة القديرة "سميرة عبد العزيز" (الجدة)، وهى تجلس خلف ماكينة الخياطة القديمة، ممزوجاً ومشرباً بالموسيقى بمختلف إيقاعاتها بين الوتريات أو آلات النفخ أو الآلات الإيقاعية؛ فالعرض يشبع الحواس كافة جمالياً، كما يعرض الغناء تارة فردياً وتارة جماعياً، مع نبرات صوت الجدة التى تجعل الجمهور أكثر تأثيراً معها ومع حكاياتها، فمن أقوال الجدة (صار لازم نعلق الدهبات ونقيد الشموع... صوت من بعيد بيقول السما ما هي بعيدة للي ليه جناحات، وأبهى طير طير يرفرف من دون قيود... ده العمر ورده بيدبل ووردة كمان بيموت... لو كان الزمن بيعود لرجع ما سرقته الأيام)، فأقوالها تارة تلمس فيها التسلط وتارة أخرى الشفقة والأمل وأحياناً أخرى التشفى فتشعر معها بالغضب منها والشفقة فى نفس الوقت فقد تكون لحظات التشفى نابعة مما عانته الجدة من العادات والأعراف التى سمحت بالتسلط الذكورى عليها إلى أن أصبحت أسيرة لها وتورثها لتلك الفتيات.
وعلى الجانب الآخر نرى ما يعكسه هذا القهر على الفتيات عبر أداء حركى وتعبيرات جسدية ونظرات معبرة عن مدى المعاناة، باستخدام المخرطة والمكحلة، ونجد من ترقص مع دميتها تحكى وتشكى لها معاناتها ثم ينتهى بها الأمر بممارسة هذا التسلط عليها تعبيراً عن الدائرة المفرغة التى يقع فى المجتمع نتاج ذلك التسلط الذكورى سواء من الأب أو الأخ أو الزوج، ويأتى رمز التسلط والقهر فى صورة رجل واحد فى العرض يقرع إيقاعات ذات صدى يتردد في أرجاء المسرح بصوت مرتفع تعبيرا عن مدى سلطته وقهره مع رسومات الوشم التى تملأ ظهره.
يقدم المخرج خلطة درامية متعددة الصور والمستويات من أداء حركي وحكي شفهي وموسيقى مختلفة الإيقاعات، مع استخدام عدة عناصر تعبيرية كالمخرطة التى تعبر عن كم الضغوط التى تتعرض لها المرأة، والمكحلة التى تتزين بها المرأة فى حزنها وفرحها والتى استخدمها المخرج كتعبير عن الزمان، وماكينة الخياطة التى تنسج بها الجدة الأحلام وتستعيد بها الذكريات والآلام، فالعرض جاء ليعكس عالم المرأة بمخزونه وتراثه واحباطاته بسبب تمركزها حول محور واحد وهو الرجل .
يذكر أن "صبايا مخدة الكحل” من بطولة سميرة عبد العزيز، شهيرة كمال، رشا سامي، لمياء حميدو، نجلاء يونس، حربي الطائر، بالاشتراك مع فرقة ستونة، ديكور و أزياء نعيمة عجمي، كتابة حوار كوثر رمزي، رؤية موسيقية و إخراج انتصار عبد الفتاح.
وهو إعادة لمسرحية "مخدة الكحل" التي عرضت لأول مرة عام 1998 على مسرح الطليعة، وشارك العرض ضمن فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي، وفاز بجائزة أفضل عرض مسرحي وقتها، وهو العرض الثاني الذي يعاد إنتاجه من إنتاج فرقة مسرح الطليعة، حيث تم اعادة انتاج عرض “الطوق والأسورة” من إخراج ناصر عبدالمنعم، وذلك عام 2018.