القاهرة 11 فبراير 2020 الساعة 10:02 ص
بقلم : د. هبة سعد الدين
لا يمكن أن يأتي ذكرها دون توالى صورها التى يمثل كل منها جانباً من شخصيتها وتاريخها على شاشة السينما، ويتوالى كذلك على مسامعك غناء العندليب لها؛ لتشعر أنه وصفها الذى يلازمها كظل الأيام!
ولم تكن الشخصيات التى كانت حبراً على الأوراق سوى جزء من روحها التى بثتها فى صاحبة النظارة السوداء أو العالمة أو بائعة الهوى وغيرها من الشخصيات، فالاختيارات فى حد ذاتها وجهه نظر ورؤية للحياة ودور الفن، وتفكيرها في كيفية تجاوز ملامحها الشقراء تحتاج إلى عقل قادر على إدارتها كممثلة! فصاحبة النظارة السوداء بالتأكيد ليست بائعة الهوى أو المحاربة أو العالمة وغيرها من الأدوار التى استطاعت نادية لطفى أن تمنحها بعضاً من روحها والكثير من عقلها.
كيف استطاعت أن تقطف وردات كل هؤلاء الكبار، ليقتنع كل منهم أنها قادرة على إبهاره برؤية شخصياته التى كانت حبراً على ورق تنبض بالحياة؟
فها هو إدريس ومحفوظ وإحسان وغيرهم من الكتاب الذين سطروا روايات يصعب أن ترى تلك الشقراء جزءاً منها، وها هم كبار المخرجين: كمال الشيخ وحسن الإمام وعاطف سالم وحسين كمال وغيرهم الذين تعددت أعمالهم وتنوعت لتقف نادية فى صدارة أفيشات أفلامهم.
لقد شاركت نادية بشخصيتها فى مشاهد أفلام كانت تجارب فى وقتها فظهرت بضحكتها الحلوة تشارك حسين كمال فيلم "أضواء المدينة" الذى يعد تجربة فريدة فى تاريخ فطين عبد الوهاب، ثم صامتة فى تجربة "المومياء" بمشهدين أضافا الكثير لفيلم يعد علامة فى تاريخ السينما المصرية بشكل خاص بكل ما أراده شادي عبد السلام.
كانت السينما عشقها؛ لذلك كانت الأكثر كماً وكيفاً فتجاوزت أفلامها خمسة وسبعين فيلما وأطلت على الفنون الأخرى بعمل وحيد؛ مسلسل إذاعي "أنف وثلاث عيون" ومسلسل تليفزيوني "ناس ولاد ناس" ومسرحية وحيدة "بمبه كشر".
كان اسمها فريداً فى المجتمع المصرى بولا محمد شفيق، وكذلك أعمالها، لذلك لابد وأن نصدق أنها كانت تخشي "ريرى" السمان والخريف، ولم توافق على أدائها إلا بعد أن اختبرتها وفتحت الباب للأديب أمين يوسف غراب بالملابس والشكل الذى اختارته لها، وكان عدم تعرفه عليها صك النجاح!
لا أدرى هل رأت شخصياتها التى جسدتها أم أنها كانت أضغاث أحلام!! هل استطاعت أن ترى حركات وقسمات كل منهن وملامحها! هل أدركت أنها لم تكن ما هي وقت أن تحركت الكاميرا لتسجل مسيرة كل منهن؟ هل تخيلت ما أطلقته من جوانب تجاوزت ما هو مكتوب؟
يمكنني أن أرى كلماتها عن "شهرت" قاع المدينة ليوسف إدريس و "ريري" و "زنوبة" نجيب محفوظ، ورأيها أنهن الثلاثية المقدسة، وأن لكل منهن دورا مختلفا تماما ويجمعهن الظلم الاجتماعي والفقر والحاجة إلى المال.
فهل كانت تطوق لحياة "مادى" أم تتعاطف مع "ريرى" أم ترى ما لا نراه مع "لويزا"!
على كل الأحوال كانت بولا محمد شفيق الشهيرة بنادية لطفى شخصية فريدة وممثلة من ذلك الطراز الذى يتلاشى بكل ملامحه وشخصيته فى أدواره، لذلك كانت دائما.. "الحلوة".