القاهرة 07 فبراير 2020 الساعة 03:48 م
كتبت:سمر أرز
استضاف مساء الأربعاء 6 فبراير 2020، صالون السينما الوثائقية بسينما الهناجر الذي يديره المخرج أحمد فؤاد درويش الدكتور مالك خوري أستاذ السينما في الجامعة الأمريكية المصرية، بحضور محمد توفيق صالح
نجل المخرج توفيق صالح ومجموعة من السينمائيين والمهتمين
وقد قال درويش إن توفيق صالح مخرج غنى عن التعريف ويجب أن تعرفه الأجيال الجديدة. سافر صالح إلى فرنسا لتعلم السينما عام 1950، وعمل هناك في عدد من الأفلام الفرنسية كمساعد مخرج، عاد بعدها إلى مصر وأخرج سبعة أفلام روائية طويلة وسبعة أفلام قصيرة قدمها بين 1955 و1980، أخرج فيلم "درب المهابيل" عام 1955 وتوفي 2013 .
أما يوسف شاهين الذي ولد عام 1926، أخرج أول فيلم لشاهين عام 1950، وهو فيلم "بابا أمين "للفنان الراحل حسين رياض، في حين إن أول فيلم لتوفيق صالح أنتج عام 1955وهو "درب المهابيل "عن سيناريو للأديب العالمي نجيب محفوظ، وقد شارك توفيق صالح في وضع الحوار له مع عبد الحميد جودة السحار.
وأضاف درويش أنه اقترب من توفيق صالح منذ 2003 إلى أن وافته المنية، وتابع إن فكرة كسب اليناصيب التي حصل عليها البطل الذي قام بدوره شكري سرحان هي فكرته ومنها أبدع محفوظ في السيناريو.
وكان عبد العزيز فهمي مدير التصوير وماهر عبد النور مهندس الديكور ومونتاج سعيد الشيخ بمساعدة المونتير حسين عفيفي،بطولة شكري سرحان، توفيق الدقن، برلنتى عبد الحميد. وقد صنف هذا الفيلم ضمن المائة فيلم الأهم في بتاريخ السينما المصرية.
وأكد درويش على أهمية تجربة المخرج توفيق صالح والمخرج يوسف شاهين، فقد أثرت تلك التجربتين على مسيرة السينما المصرية. وخاصة أن تجربة توفيق صالح تميزت بمزج الفانتازيا بالواقعية والأفكار التقدمية. بينما شاهين اعتنى بالتكنيك، بل يمكن تصنيفه بأنه الأعلى تكنيكا.
وتحدث "خوري" من هذا المنطلق موضحاً السيرة الذاتية لشاهين تحديداً من خلال فيلم "إسكندرية كمان وكمان" كواحد من الأفلام الأكثر اختلافاً، فقد استطاع شاهين بقدرة عظيمة في ذلك الفيلم ربط القضايا الخاصة بما هو سياسي وعام موضحاً تأثير الصورة السياسية على الأيدلوجية المهيمنة على المجتمع.
بما لم يتجرأ عليه حتى أي مخرج غربي في التركيز على قضايا خاصة وربطها بما هو عام أو سياسي، فالفيلم يمثل منعطفا خاصًا في محاولة اكتشافه للقضايا العربية التي شغلت الكثير من ممارسي السياسة وأيضا حديثه الخاص عن قصة إضراب الفنانين بأوائل التسعينات.
ثم أشار أحمد درويش أن الحدث الرئيسي في الفيلم هو إضراب السينمائيين وتقديمه من خلال رؤيته الشخصية ومزجه بين الشخصي والعام.
كما علق أحد الحضور وهو د.صفوت حاتم موضحاً أن مشهد الرقصة كان مبهرا لما يتمتع به شاهين من لياقة فنية في هذا السن حيث كان سنه وقتها 64سنة ، وتابع قائلا إن لغة أداء الممثلين ومخارج الحروف غير واضحة ولا يعلم إذا كأن هذا مقصودا تطبيع الطريقة الشخصية لشاهين على المشهد بل وعلى عمرو عبد الجليل.
واستكمل "حاتم" إن شاهين كان مؤرخا عظيما ويمثل ذلك أفلام عديدة مثل "عودة الابن الضال"، " حدوتة مصرية" فهو رصد ذلك بشكل جيد ، ومشهد نضال السينمائيين هو تعبير عن النضال المصري.
وطرح أحد الحضور سؤالا هاما، فقد تساءل هل ترى بأننا أمام شاهين واحد أم اثنين فعند مشاهدة أعمال شاهين مثل : "الأرض" و"حدوتة مصرية" ؟ أم أننا أمام فكر متناقض ؟ فما تفسير ذلك؟
وقد أوضح خوري أن شاهين متعدد الأساليب في الفيلم الواحد، فهناك تناقضات كثيرة في أفلامه فهو متنوع ولديه أسلوبه الخاص، كما يطغى بشخصه على الممثل كما تطغى الأعمال الشخصية على العامة.
واستكمل"خوري" موضحاً أن السيرة الذاتية لشاهين لم تكن الحقيقية بل التي كان يطمح إليها؛ لذا جاءت سيرته الذاتية التي صنعها أكثر تشويقا من سيرته الحقيقية.
حاول شاهين أن يقدم الفنان "عمرو عبد الجليل" والفنانة يسرا بالفيلم كوجهين له ولشخصيته في تحقيق حلمه العالمي الذي ظل مراودًا له ومزج الحس الذكوري بالأنثوي من خلال تلاقي أفكار البطلين واستخلاص شخص واحد وإشباع الأنا الذي أراد يوسف توصيفها بأكثر من مشهد من الاستعراض المنظم والبكاء والضحك والتحرر والحلم بالعالمية والانهزامية والتفوق في المفارقة المبتكرة بمعنى أوضح يرفض شاهين فصل مشاعر الرجل عن مشاعر المرآة فللاثنين شعور وإحساس وأفكار واحدة لا يمكن إغفالها واستطرد "درويش" قائلاً: إن شاهين كأن تركيزه الكامل على البحث والدراسة والتقصي، كما أنه متنوع في الفكر حيث فيلم الأرض والسيناريو الرائع ومن الجانب الآخر كان هناك السيناريوهات القائمة على الورشة، فشاهين يقوم بمزج كل الأفكار مما حوله ليخرج بفيلم متشعب الأفكار؛ لذا يتوه معه الجمهور كثيرًا فهو متحرر في الأسلوب في التكنيك السينمائي .
كما أضاف "درويش": شاهين له أفلام واقعية كفيلم "ابن النيل" وهو ثاني أفلامه وهناك مجموعة من الأفلام لشاهين لا يمكن تصنيفها فهناك أفلام تعاون فيها سيناريو نجيب محفوظ وهناك فكر لطفي الخولي أو صلاح جاهين أو عبد الرحمن الشرقاوي في "الأرض" فيتضح من خلال المشاهدة أن شاهين متعدد الأساليب.
وقد أكد درويش أن شاهين كان شديد الجرأة وقدم أشياء كثيرة لم يستطع تقديمها أحد.
ومن جانبه قال "محمد توفيق صالح" بدءا من منتصف السبعينات جميع الأفلام لشاهين لم تكن بتمويل مصري وبالتالي المنتج الغربي هو من يتحكم بالفيلم.
فهناك أفلام واقعية وأفلام عالجت موضوعات كثيرة مثل السيرة الذاتية والاجتماعية والفلسفية وهناك أيضا أفلام نستطيع القول إن المنتج الغربي أرادها بشكل معين.
أن أباه توفيق صالح كان قارئا جيدا لتاريخ الفن، وأن هذا أثر على رؤيته الإخراجية.وأن السينما هي وسيلة جيدة لإرسال الرسائل الأدبية.
وقد عاود درويش الحديث عن فيلم درب المهابيل قائلا:" إن درب المهابيل فكرة طرأت على ذهنه، وأخبر بها نجيب محفوظ الذي استطاع أن يأخذ الفكرة الأساسية ويصنع منها سيناريو مختلف ومتميز.
وأكد أن بداية توفيق صالح من خلال ذلك الفيلم كانت بداية قوية جدا وأكثر نضجا من شاهين في بدايته من خلال فيلم "بابا أمين"وأكثر نضجاً من بداية هنري بركات وأكثر نضجا من صلاح أبو سيف..
واستكمل:الزمن في الفيلم محدد بيومين وليلة ويتم التصعيد والصراع إلى نهاية الأحداث وقد يقال أن السيناريو بناء تقليدي، ولكن محفوظ صنع به طفرة، ويشمل الفيلم طبقة واحدة فقيرة تقريبا، لكنهم مختلفون في الطباع والأخلاق وبينما العديد من المشاكل.
وتابع اليوم الأول من أحداث الفيلم يشمل عرض للشخصيات وحياتهم، واليوم الثاني ورقة اليناصيب كسبت ألف جنيه أهداها شكري لبرلنتى عبد الحميد فالقتها في الشارع؛ ليأخذها طفل من الشارع ويعطيها لدرويش الحارة مقابل كوب لبن من الماعز، ويفوز درويش الحارة بالألف جنيه فيتودد إليه كل من بالحارة من أجل استغلاله.
وأكد درويش أن محفوظ طرح في الفيلم قيمة العمل مقابل قيمة الثراء فورقة اليناصيب والثروة التي تهبط من السماء خرافات ليس لها وجود.