القاهرة 31 يناير 2020 الساعة 04:35 م
كتبت : نهاد المدني
أقيم ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ51 اللقاء الفكري مع الشاعر فاروق جويدة، وذلك بالقاعة الرئيسية في بلازا 1، بمقر المعرض وأدارته الإعلامية منى الشاذلي، حيث رحبت منى بالحضور ورواد معرض الكتاب الدولي وكل القارئين قائلة: "انا احب الكتاب لان حياة واحدة لا تكفيني، وتحية للتواصل وعدم القطيعة وتحية لأفريقيا".
واضافت انها ممتنة لدعوتها في معرض الكتاب امتنان يليق بقامة الضيف فاروق جويدة، الذي كان دائما وما يزال يمثل وجه مصر الثقافي الحضاري، فهو شاعر ترجمت أعماله لأكثر من لغة، ومسرحياته الشعرية تدرس في كليات الآداب وأكاديمية الفنون".
وتابعت الإعلامية منى الشاذلي، إن قصائد الشاعر فاروق جويدة، لم تقتصر على الجوانب العاطفية، حيث كشف عن وطنيته وعروبيته في الكثير من القصائد، منها تلك التي كتبها بعد مباراة مصر والجزائر الشهيرة عام 2009 والتي تسببت في أزمة بين الشعبين آنذاك، حيث نظم قصيدة عن محبته للجزائر وعمق العلاقات بين البلدين.
ثم بدأ فاروق جويدة كلمته بشكر القائمين على معرض الكتاب، وعلى رأسهم الدكتور هيثم الحاج على رئيس الهيئة العامة للكتاب، وأعرب عن سعادته بعودته لمعرض الكتاب الذي يرتبط معه بذكريات عزيزة، مؤكداً أن المعرض يليق بالثقافة المصرية وتاريخها الحضاري والإنساني، كما توجه بالشكر إلى منى الشاذلى، مؤكدا أنه يرتبط معها بصداقة قوية، وذكر أنها هي التي شجعته على حضور الندوة بعد 16 سنة من آخر لقاء في معرض الكتاب.
وذكر جويدة، إن أحد متابعي برنامج "معكم مني الشاذلي"، قام بمقاضاته مع الإعلامية، بسبب قصيدة ألقاها بالبرنامج في رأس السنة، وطالب بتعويض مليون جنيه، بحجة أننا أفسدنا سهرة رأس السنة، قائلا "تحدث إليّ في الصباح قائلا لي أنا رفعت عليكوا قضية أنت ومنى ومش هتنازل عنها، وطالبت بتعويض مليون جنيه، أنت عارف أنا صرفت على اليوم دا كام، وانتوا فوقتوني بالقصيدة دى"!
وأكمل جويدة : كتبت قصيدة "بغداد" الذي استأذنني المطرب العراقي كاظم الساهر ليغني جزءًا منها في أغنية حملت نفس الاسم، وكتبت مسرحية "هولاكو" عن سقوط بغداد أيام الدولة العباسية، وهو ما يتشابه مع سقوط بغداد في 2003، ثم علق على عدم عرض المسرحية بقوله: "متوقفة على المسرح القومي، ربنا يفك أسره".
وأكد جويدة أن مصر هي من حكت لغة القرآن والعقيدة واللغة العربية، فمصر هي من قدمت أرقى أنواع الإبداع في العالم العربي، ولا بد أن تحافظ على هذه الريادة وأن الإنسان المصري هو الثورة الحقيقية، والمصري أول من علم الناس الزراعة قائلا "لا ثقافة عربية دون مصر"، وأوضح أنه لا ينكر دور التلاحم مع الشعوب العربية، ولكنه شدد على أن مصر دائما كان لها دور الريادة.
وتابع: الإنسان المصري هو ثروتنا الحقيقية، ولم نكن يوما دولة غنية، بكل تنوع أطياف الجمهور من العمال إلى الفلاحين إلى المبدعين، ومصر أشبه بالشقة البحري، تطل على العالم وكأنها بلكونة، تطل على عدة نواصي، لأنها تطل على أكثر من محيط وبحر، كما نجحنا في ترويض نهر النيل، كما أعرب جويدة عن حزنه الشديد لتراجع دور مصر الثقافي، قائلا: "حزين على تراجع دورنا الثقافي، فبعد أن كانت أم كلثوم ترج العالم العربي كله، أصبحنا نشاهد الأقزام يغنون بدون ملابس ولا موهبة".
وحول أولى خطواته مع الكتابة، قال جويدة "عندما كنت في بداية حياتي في الأهرام أرسلت في رحلة بحرية لدول غرب أفريقيا، وعندما كنت بجوار جبل طارق قلت إننا أحدثنا حضارة هنا"، فبدأت هذه المشاهد تلهمه للكتابة، وعن ذكرياته في الطفولة، قال "في صغري أحببت ابن زيدون، وكان وقتها وزير حربية ووزير خارجية وأشهر شعراء عصره، وعاهدت نفسي أن أكتب مسرحية حوله، كما أعشق شعر إبراهيم ناجي، ولكن مقارنته بأحمد شوقي ظالمة، لأنه يشبه كوخ صغير على نهر، مقارنة بشوقي الذي يشبه ناطحة سحاب، ولكني أحب هذا الكوخ الصغير".
واسترسل جويده في حديثه قائلا: كنت مع نزار قباني في لندن، وكانت هناك قطيعة بينه وبين النظام المصري، وسألته متى ستأتي مصر فقال مصر لم تعد تحتاجني، فقلت له انت موجود في كل منزل، ولبى بعدها الدعوة وجاء لحضور معرض الكتاب وأقمنا أمسية شعرية تاريخية، ثم حفل عشاء حضره كبار مثقفي مصر من القامات الكبيرة وقتها.
وقال جويدة- خلال اللقاء إنه كتب نشيد الجيش المصري قائلا "رسمنا على القلب وجه الوطن"، بحب شديد واعتبرته تكريما لي، معربا عن سعادته بوقوع الاختيار عليه لأن كلماته عندما يرددها الجيش المصري يوميا، هو أفصل تكريم لي، وقد رفضت قبول أي مقابل على هذا النشيد، وروى واقعة طريفة حدثت معه عندما انتهت انتخابات مجلس الشعب، في إحدى الأعوام بالتسعينيات، وقرأ أسماء الفائزين فوجدهم نفس الأسماء التي تنجح كل عام بلا تغيير، فقرر أن يكتب قصيدة حتى ينكد عليهم كما نكدوا عليه هذا اليوم وكتب قصيدة في نفس اليوم من كلماتها:
"مازال يركض بين أعماقي جواد جامح
سجنوه يوما فى دروب المستحيل
ما بين أحلام الليالي،
كان يجرى كل يوم ألف ميل
وتكسرت أقدامه الخضراء
وانشطرت خيوط الصبح فى عينيه
واختنق الصهيل
من يومها
وقوافل الأحزان ترتع في ربوعي
والدماء الخضر
في صمت تسيل"
وحول مذكراته قال جويدة: عشت من قلمي ومن عرقي ولم أزيف أي شيء، وفخور بمشواري وأعتبر أن ثرائي في هذه الوجوه التي جاءت لكي تسمعني اليوم، ومن يريد أن يعرف من هو فاروق جويدة، فليقرأ مقالاتي وأعمالي وأقبل الخلاف والنقد، وأحببت هذا الوطن حتى النخاع ولا يستطيع أحد أن يساوم على تاريخي، وأكثر ما يحزنني هو تراحع دورنا الثقافي؛ وكل ما يحدث من أخطاء سواء مقصودة أو غير مقصودة لا ينبغي أن تحدث.