القاهرة 21 يناير 2020 الساعة 11:22 ص
بقلم: د. هبة سعد الدين
يصعب أن يُذكر اسم "ماجدة" ولا نتذكر "عمو عزيز" وغيرها من الكلمات التى كانت تنطقها بطريقة "ماجداوية"، ومهما حاولت الكثيرات تقلديها تنفرد هي بها!! ولا يمكن أن تغادر عينيك مشاهدها كمراهقة ومشيتها ونظراتها التي لها وحدها!
وكذلك لن تنسي صورها فى فيلم "جميلة" وبالتأكيد ستعجب كيف استطاعت أن تكونها!
عندما تمر على الشريط السينمائي لماجدة ستتساءل كيف استطاعت أن تكون كل هؤلاء وكيف استمرت بذات الاختلاف والشبه فى ذات الوقت على مدى حوالى نصف قرن؟
لقد غادرت ماجدة عالمنا بعد أن أثرت السينما المصرية بسيل جارف من الأعمال بدأ منذ عام 1949 بفيلم "الناصح" للمخرج سيف الدين شوكت؛ الذى شاركها ثلاثة أفلام أخرى هي: فلفل ، أماني العمر، زوجة لخمسة رجال.
وتاريخها على الشريط السينمائي متنوع؛ فتارة مراهقة لاهثة تسرع نحو الحب، وأخرى متمردة لكل قيود المجتمع، وثالثة مناضلة بحثاً عن حريتها أحياناً والأخرى تتجه بنظراتها نحو الوطن.
لم تسر ماجدة فى ذات الطريق طويلاً فعندما تنهل من نبع إحسان عبد القدوس تكتفى بثلاث روايات تمثل كل منها مرحلة فى حياتها، فكانت أفلامها: أين عمرى 1957 وأنف وثلاث عيون 1972 واختتمتها بروايته "ونسيت أنى امرأة" 1994.
وعندما تلجأ إلى نجيب محفوظ تنهل من رائعته "السراب"، وتجذبها "نداهة" يوسف إدريس!
قد يكون ذلك الاختلاف وعدم التوقف طويلا فى ذات المكان سر استمرارها وتألقها، وبالتأكيد كانت تقصد ذلك، فكيف لا تقف أمام كاميرا يوسف شاهين سوى ثلاثة أعمال: بين إيديك، وجميلة، وحدوتة مصرية!، وكيف لا تسير أسيرة أفكار تحرر إحسان عبد القدوس وتكتفى بثلاثة أعمال: وكيف يبهرها فقط "سراب" نجيب محفوظ و "نداهة" يوسف إدريس، وتمر بحسين كمال، وكمال الشيخ، وعاطف سالم، وحسن الإمام، وأنور وجدى، ومحمود ذو الفقار. وتصنع مع كل منهم ثلاث أيقونات سينمائية على الأكثر ثم تمضى!
يمكن أن يقف أداء "ماجدة" والتزامها بشخصيتها ورسمة عيونها "عقبة" أمام بعض عشاق السينما الذين لن ينكروا قدرتها على جذبهم بإطلالة أو فكرة أو عمل روائي لا يتوقعون أن يرونه سينمائياً.
لذلك تجاوزت "ماجدة" بذلك "النمط" كافة أنماط جيلها وكانت دوما المتمردة النمطية!
والتفتت فى ذات الوقت إلى النضال من أجل صناعة السينما التى انتجت لها اثنى عشر فيلما لا يحبها شباك التذاكر! فمن ذا الذى يريد أن يرى ثورة الجزائر أو حرب أكتوبر أو تلك الأفلام الدينية؛ لكنها أخذت على عاتقها الرهان وقدمت تلك الأفلام واستطاعت أن تجذب إليها الجمهور وأن تجعلها علامات فى تاريخ السينما المصرية والعربية.. رحم الله ماجدة التى كانت دوما تغرد خارج السرب حتى استطاعت أن تكون سرباً بمفردها.