القاهرة 06 يناير 2020 الساعة 01:38 ص
كتبت : سمر أرز
فكرة جريئة وذكية يقدمها لنا المؤلف والمخرج "محمد إبراهيم، تلك المسافة الطويلة التى قطعها مولانا الزاهد الكبير "جلال الدين الرومى" لعصرنا هذا كى يعلمنا الحب، حيث استحضر لنا المؤلف والمخرج "محمد إبراهيم" شخصية "جلال الدين الرومى" الملقب بمولانا كأحد العارفين بالله والسائرين إلى الله عن طريق العشق الصوفى، وكونه أديبا وفيلسوفاً جرب آلام المحبين وسعادتهم ليحل المشاكل العاطفية، فالحب هو أقصر الطرق لحل جميع مشكلات العصر، فيقدم لنا "إبراهيم" اسكتشات بسيطة لتعبر عن تلك المشاكل البسيطة فى ظاهرها ولكنها عظيمة فى تأثيرها، وهي المشاكل التى تمتلئ بها حياتنا اليومية والتى يحاول المخرج من خلال رؤيته لجلال الدين الرومى أن يضع لها الحلول على خشبة مسرح ميامي.
يرى مولانا شيخ العاشقين أن الحب هو المفتاح السحرى لكل تلك المشاكل الحياتية كما أتى لينصف ذلك الكائن الضعيف ألا وهو المرأة، بالإضافة إلى العديد من الحواديت السريعة التي أداها مجموعة من شباب أكاديمية الفنون فى شكل مبسط وجذاب، وكل حدوتة لها الحل عند الشيخ الجليل جلال الدين الرومى والذى أدى شخصيته الفنان القدير ( مفيد عاشور ) الذى يبعث إليك حالة من الشجن الجميل تشعر بها وأنت تستمع لذلك الصوت القادم من أعماق التاريخ وكأن الشيخ الرومى استطاع أن يهرب من كتب التاريخ ليتجسد على خشبة المسرح.
و"رسائل العشاق" أو رسائل الحب التى أطلقها الرومى الذى جاء إلى هذا العصر ليعلمنا كيف نحب وأن اسمى آيات الحب تجلت فى قوله ( تعلق الفانى بالفانى يفنيه، وتعلق الفانى بالباقى يبقيه ) لنتعلم جميعا أن هناك عشق أكبر وحب أكبر من حب الدنيوي، ألا وهو حب الخالق وتلك سمة الصوفية والتى تجلت فى الرقصة الأخيرة للممثلة الشابة ( زينب العبد ) والتى صاغها مصمم الرقصات مناضل عنتر؛ مستوحيا حركاتها من راقصى التنورة في الطريقة المولوية، والتى تعبر عن حالة خاصة من الوجود الروحى والصفاء النفسى الذى يعد أهم سمات الصوفية.
العرض بمثابة السهل الممتنع فهو رغم بساطته جميل وملهم، وقد استطاع الفنان القدير ( مفيد عاشور ) أن يقوده باقتدار، بالإضافة إلى الأداء المتميز لأبطال العمل الشباب عبد الله صابر ، سهر رضا، يارا المليجى ، آسرعلى، جورج أشرف، الذين قدموا جميعا أداءا جيدا فى الرقصات التعبيرية التى أدوها باقتدار، وكان للممثلة الشابة (زينب العبد) حضور طاغ على المسرح؛ حيث استطاعت أن تضحكك وتثير شجنك فى وقت واحد، وجاء على الهلباوى بصوته الجميل كتجربة أولى له لتكتمل سيمفونية العمل، ومن أبرز ماتغنى به (حِن يا قاسى الفؤاد فإننى خُلقت منك وإننى سُكنن لقلبك فكيف تحيا إذ أنت كسرتنى، أنت الحبيب وإننى كالوردة فى بستان قلبك تحيا بعطرك إذ أنت بحنان عشقك سقيتنى).
وقد أوضح المخرج محمد إبراهيم أنه أراد بتلك الفكرة أن يشعر الملتقى وكأن أمامه جلال الدين الرومى نفسه الذى أتى ليحل المشاكل العصرية، فكان العمل أشبه بالسينما داخل المسرح من تقديم عدة مشاهد حياتية يأتى فيها جلال الدين الرومى ليذكرنا بمعانٍ افتقدناه سواء كانت معانى عاطفية أو أخلاقية.
"رسائل العشاق" من إنتاج البيت الفنى للمسرح، فرقة المسرح الكوميدى، ألحان وغناء الفنان على الهلباوى، توزيع موسيقى محمد الكاشف، بطولة الفنان مفيد عاشور ونخبة من المبدعين الشباب، تصميم الرقصات مناضل عنتر، كاست اخراج ( هايدي العسال، محمد عبد الشافي، مروي سيد، هبي السقا، احمد صبري ) تأليف وأشعار واخراج محمد ابراهيم.