القاهرة 24 ديسمبر 2019 الساعة 11:50 ص
كتب: حاتم عبد الهادي السيد
تحيلنا الشاعرة "صباح هادى" في ديوانها "صباح هادئ جداً" – منذ البداية - إلى المفارقة، الذات الشاعرة، البوح والشجن، الحزن والبراءة، النّوح على ماض سعيد، والأمل قي استمرار الحياة بعد وفاة العاشق، الزوج، المحبوب. وقد جاء اختيار العنوان ممزوجاً باسمها لتشير إلى الذات الحزينة، الفراغ، الوحدة، وجع الاغتراب في المكان، غياب المحبوب، آهاتها الممزوجة بالوجع الشهي الزاعق في الروح، فنراها تنشد قصائد الحزن الذى تربع في القلب، وتطل من شرفة الحياة وحيدة على العالم، تنادى ابنتها منذ البداية لتتجرع معها مرار الأيام والصبر، وتنطلق دموعها / دموعنا معها مهراقة عبر اللغة الشجيّة لموسيقى الحزن التراجيدية المنسابة عبر الصباح الهادئ جداً،وكأنها يوميات الحاضر، تروى من خلالها الماضى الجميل السعيد،حيث الحب والحنان، والقلب الكبير،والوفاء لذكرى المحبوب، تبكى وتبكينا عبر رسائلها، تعاليمها لابنتها بالصبر على الفجيعة والفقد: فقد الزوج، الحبيب، المعشوق، وعدم الشعور بالأمان، تقول عبر التقديم: "إلى مريم، يتيمتان في مرمى الزمان نحن يا فتاتى بلا قلب يؤازرنا ويمحو ما يخط، فمن كان يرفق بنا لم يعد معنا، ولم نعد نراه، ورغم أنك ابنة وحيدة، لكننى أرى أن مسئولياتك كبيرة جداً، فرفقاً بأمك يا ابنتى، كونى معى يداً بيد، لتصبحى كما أريد، وكما كان والدك يحب ويرغب، ولتكونى معى عوناً على الزمان، كزهرة من زهرات الربيع الجميلة أريد أن أراك، بريئة كما أنت، ولكن جريئة تأخذين من الحياة حقك كاملاً، تحددين هدفاً، وتصنعين عالمك الذى يلائمك.. المحبة دوماً، أمك". إنها تذكّرنا بحكيمة العرب الأم التى توصى ابنتها، لتتصّبر بالأيام وتحدد هدفها، لتأخذ من الحياة حقها كاملاً، وفى هذا إصرار على بلوغ الغاية، وقوة احتمال من الأم، تريد أن تنقلها للابنة الصغيرة لتواجه الحياة بعد فقد الأب، بعد أن أصبحتا يتيمتين في مواجهة العالم والكون والحياة .
وفى الديوان نلحظ جماليات السرد القصصى الشعرى، وكأنها تسرد أحزانها على الأوراق بشكل إيقاعى رائع، وشعر عمودى، وتفعيلى سلس عميق،غائر كجروحها التى تحاصرها، وتريد أن تكسرها، فإذا هى عصيَة على الاستسلام، تجابه الواقع بقوة وشجاعة وصبر، وفى الليل تأوى إلى مخدع الذكريات، تناجى طيف المحبوب الغائب الذى تركها وحيدة مع الأيام، تخاطبه عبر الغرفة الخالية، والوسادة التى تشتكى صمتاً وسكوناً، وغربة، ومراراً لفقد الذى قد كان يوماً يضىء غرفة قلبها بالدفء، ويشدّ على يديها الحانيتين، فنراها تصرخ، تنوح، تبوح، تجأر في سكون العتمة وظلمة الليل الموحش بالوحدة، تستنطق الذكرى، وتجترّ الأيام الخوالى، والبوح الصامت، والشجن اللذيذ، تقول في قصيدتها "على ضفاف الروح": (وحبك كان منسأتى/ التى اشتدت / وكان عصاى/ أهش بها على الأيام / تأخذ شيبتى لصباى). (الديوان ص:6).
إنها تحيلنا عبر الالتفات إلى الذات في قولها " وكان عصاى"، وكان لها أن تقول: " وكنت عصاى"، لكنها أرادت بالالتفات أن تأخذنا إلى مرار الفقد، عبر قوة التعبير الزاعق في الروح، كما تستنطق القرآن الكريم في قصة موسى عليه السلام: "قال هى عصاى أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولى فيها مآرب أخرى" صدق الله العظيم. فهو كان العصا التى تهش بها على الأيام ، تستنطق فيها أيام الصبا، لتعيدها بكراً حوراء، بعد أن علاها الشيب، بفعل الفقد والوجع، وغربة الأيام الحزينة.
ولنا أن نتوسل عناوين الديوان لنجمل تجربة الحب والحزن والفقد، فنراها قد تخيّرت عناوينها الدالة بدقة متناهية، بالإضافة إلى الأطر الجمالية للتنسيق الداخلى للديوان، وكأنها تبحث عن الجمال، تستشرف السعادة الآتية، تجابه الذات المقهورة وعصف الأيام، فهى تتجول في أقاليم الحزن عبر فصول الأزمنة، وهى قابعة في وحدتها تتلفّع البرد، الصقيع، الوحدة الخرساء، دون مدفأة، يد حانية،شهقة صدر، قرقعة أضلاع، تأوهات، ترجيع لعناق يمتد، كلمة حانية تعينها على رهق الأيام، وقد أجادت اختيار العناوين المعبّرة عن الحالة النفسية التى اندغم فيها صوت الراوى/ السارد، الحكّاء، بصوت وجيب قلبها الزاعق، فرأينا عناوينها الرومانتيكية التراجيدية المأساوية، ويمكن لنا عبر استقراء العناوين أن نقدم تحليلاً رقيقاً، لنضطلع إلى شاعرية العناوين عبر الحالة الكلية لها، فنقول: على ضفاف الروح، تجلس الأنثى لتنادى الحبيب الغائب فتقول: "هلا فتحت الباب" لتجد "رفيف الشوق" و"صعقة في حنايا الروح" تحتاج إلى "ساقي الأرواح" ليهدهد "مر الهجير"،على "أرض الجنة"، حيث " العشق داء" يؤدى إلى "الهاوية"، وحيث أنا أغرق في "بحر الحنان و أخشى "جفوة " الأيام عبر "أيامي" و"ذبذبات الحب"، الخ.
ويمكن لنا أن ننسج حكايتها الحزينة عبر عناوينها الدالة: "هواك درعي"، "نحن العقاب لنا"، "أنين"، "وحدك قيدى"، "ميّتاً"، طيوف الذكرى، "يغمرني عشقاً"، "لست أعفو"، "غياب"، "جنون"، "غرام"، "ظمأ ورىّ"، "رغد الحياة"، "صلابة جوفاء"، "مذنب وبرىء"، "أنثى"، "أرق الأحزان"، "صباح هادئ جداً" ثم قصيدتها الرائعة "معارضة لنونية ابن زيدون شاعر الحب الكبير، ولعلنا نلمح عبر قراءة عناوين القصائد هذه الحيرة التى تنتابها، والشوق الذى يعتريها، والألم الصامت الحزين رغم محاولاتها أن تكون قوية فإن القوة والصلابة تتحولان إلى صمت أجوف، وضعف لأنثى تستشعر الوحدة، وتتجرّع صنوف العذاب، والغياب، وكأنها عبر منافى الذات والوجع تتلمّس بصيص الحياة من جديد.
إنها الأنثى الباحثة عن الدفء عبر القصيدة، وحروف الوجع والبوح، والألم الشهى، تصرخ عبر ذاتها، وتجأر في بريّة السكون والعتمة، تناجى روحها، وتتصبّر بالأيام ، تقول:
إني أنا الأنثى القصيدة قد منحتك
رشفة من شهد فاتنة فأنت المغرق
إني انتظرتك أن تجيء إلى دمى
عطراً فرنسياً يفوح فيغدق. (الديوان ص:92).
إنها تنتظر السراب، مجىء الفارس الذى يغمر روحها، ويمسّد جسدها بالعطر الفرنسى الضّاج بالأقحوان، الذى يدغدغ أعصابها المرهقة، وآهاتها المسافرة عبر الذات، والوقت ، والمكان، والحياة والعالم.
وفى قصيدتها "غرام" نلمح جمالية الصورة الشعرية، وتخالفيتها، وأثيريتها، فالغرام لديها مختلف كالطلق، الألم الزاعق في الجسد والروح، ولكن بغير ولادة، وهى هنا المشتاقة كشجرة عريانة من الأوراق وقت الخريف، تجأر في الصمت بالغرام لتعيد للتذكار عهده الذى مضى، وجفلت أيامها بعده، تقول: الحب ما بيننا / طلق بغير ولادة/ يلهو الزمان بنا / وتلك أسوأ عادة / قلبى بكم مبتلّ / له العذاب رفادة / وأنت يا سيدى / بلغت سبق الريادة. (الديوان، ص: 76).
وفى قصيدتها "هلا فتحت الباب" تحيلنا إلى روعة الأنثى عندما تفتح الباب للحب، وهى كالغريبة تتوسله بكل معانى الشوق، ولنلمح غربة الروح عبر الحدود ومدى الرقة، وجمالية المعنى والمبنى لمعمارية الشعر الشاهق الأثير، تقول:
هلا فتحت الباب قلبى عالق عند الحدود يراقب التحنانا
شغف كان ملاكه متوثب يمشى على جمر الرؤى عريانا
يصطاد شهد الذكريات من الردى ويودع الغربات والأحزانا
يشتاق ضمة عاشق يهب الحياة ملاذها .. ويفجر اللقيا بها بركانا.
(الديوان ص: 10).
ومع الزيادة في مقاطع البيت الأخير على مستوى الموسيقى، إلى أنها زيادة تضيف للمعنى الكثير عبر جمالية الصورة الكلية والصور الجزئية الجمالية الباسقة الشاهقة. إنها الأنثى الرقيقة، المعذبة،الصارخة في وجه العالم، المقهورة والمحبة،عبر غربة الذات التى ترفل في رواق الرومانتيكية، الأثيرة الجذلى، تستنطق الحب القديم، تناجيه كل وقت، تنشد الدفء والحنان، وتعاتبه على الفراق وتركها وحيدة، تقول:
وما قدّرت حبى حق قدري وقد حملتني فوق احتمالي
وما أشفقت من ضعفي وعجزي وما أعطيتني صك اكتمالي
وتهت علىَ مزهواً بحبي وقد قطّعت قلبي بالنصال
وأشكو البعد ثم أظل أشكو فلم تحفل بحزني وانعزالى
وكم قد صرت بالأحزان أشقى يعذبني انشغالك واشتعالى
إلى أن صرت بالأشواق حمقاً ومنك شفيت جرحى بارتحالي
رددت الطعنة النجلاء ضعفاً فعش ميتاً وحيداً في الليالى.
(الديوان ص58-59).
وفى قصيدتها الشاهقة "جنون" نراها عاشقة متبولبة، متيمة فريدة، ترفض أن يشاركها أحد في حبه، تصطفيه لذاتها دون النساء، تقول:
لأجل هواك قد أوقفت قلبى وصدقاً قد أموت وأفتديكا
وإنى حين قد أعلنت حبى حسبتك لست تشرك بى شريكا
ففى عشقى أنا القدح المعلّى ولكنى شقيت لأصطفيكا
وأنت مضيع في كل أنثى و لكنى بريك أرتجيكا
عجبت لأمر قلب قد عصانى وراح يبيعنى كى يشتريكا.
(الديوان ص:73-74 ).
إنها صوفية الحب حيث تجسّدت حالتها /حالته وأبدلت مكانه بمكانها، فنراها قد اشتعلت بحبه، عبر تبادلية الدور، وكأنها تعاتبه، تنتقم منه لتركها وحيدة، فتصفه بأنه الذى الآن أصبح وحيداً في ليالى الحياة لا الموت، وكأنها أرادت الخلاص وذابت في عشقه حتى النهاية. إنها فلسفة اللغة الشاعرة، شعرية الذات وصوفيتها عبر سرمدية الوجود المتهادية، فهي العاشقة المشتاقة إلى الدفء، تنتقم منه بالضعف،لا بالقوة، تنكسر للمحبوب حتى وهو ميت، وتأخذ مكانه، مكانها، وتعبر عبر المكان إلى الزمان، إلى الحقيقة والبرهان، واليقين،عبر أسطورة الألم والتّشهىّ لحبيب غائب لن يجيء أبداً بعد أن ضمّت رفاته الليالى، وغاب هناك إلى الأبد. وهى كذلك رسائل للغائب، للحبيب، ذكرى ووفاء ، لعاشقة، لأنثى الحب التى تعلن العصيان والقوة، لكنها ضعيفة أمام الغياب، موت المحبوب، رهق الحياة، الوحدة، الليل، لسكون العتمة، وكأنها مأساة أنثى تحاول الوقوف، وتجابه الدنيا بالضعف الأنثوي، بالدموع الثخينة المهراقة على روابي القلب الحزين.
وفى معارضتها لنونية ابن زيدون "أضحى التنائى بعيداً عن تدانينا" تستدعى المعلقة لتسقطها على ذاتها المنكسرة، تكلم الغائب الحاضر، الميت الحى، الحبيب البعيد القريب، تتماهى معه عبر الألم الإنساني لتخلّد تجربتها الذاتية بتجارب الآخر الذى مرّ- ربما- بنفس الظروف من القهر النفسى لفراق الأحباب، تقول:
تعلّق القلب بالأبواب مسكينا ما جاء ردّ لهذا القلب يحيينا
هل جاء عيد يوارى دمع أعيننا لا، لم يجئنا،فمال الحب صادينا؟!
نجرى الدموع، دماء القلب كى تجدوا صدق المحبة.. جهراً حاضراً فينا
ونحرق القلب نزكى ناره علماً نرعى الدخان الذى حتماً سينجينا
كى لا تروا ما بنا.. من حبكم حرضاً كى لا تضيعوا الهوى بين أيدينا
نحنى ونرخى جناح الذل من لهف نصفو ونعفو لعل الحب يهدينا
يا من ضننتم وقد أودت بنا علل ضاعت من الهجر أرواح المحبينا
دنياكمو فيض سحر كيف ندخلها والوصل حلم شديد البعد يعيينا.
(الديوان ص:94-95).
ولعمرى فهذه المعارضة قد كشفت عن روية الحب، ومدى الشاعرية الشاهقة / للشاعرة صباح هادى، بل إننا نراها قد شفّت ورفت ّ وذابت في العشق، وكأنها تعيد لنا أقوال المتصوفة : "من ذاق عرف" ، أو أنها تندغم بالمحبة وتتماهى لتصبح كلاً واحداً مع المحبوب، أو كما قال الشاعر:
أنا في أنا وإنىّ في أنا رحيقى مختوم بمسك الحقيقة.
وفى قصيدتها "أرق الأحزان" نراها أكثر صلابة، ورقّة، وضعفاً، فهي تتحدى الأيام لفقده، وتصرّ على استكمال الحياة، بل ربما لمحنا عتاباً يصل إلى حد الهجاء له،وقلقاً ينتابها في كل الأحايين، تقول:
أسكنتك الروح المشاعر كلها ولقد رفضت الوحى والتنزيلا
قطّعت أجنحة الملائك غيلة وسخرت حين حسبتك الضّليلا
وأضعت عرش الحب حين أضعتنى ووقفت مغترباً عليه عليلا
تزهو الممالك بى ويزهو عرشها قد توّجونى فوقها إكليلا.
(الديوان ص :104).
ولنلحظ جمال الصورة وصدق التعبير فى قولها: "وأضعت عرش الحب حين أضعتنى"، كما يظهر تباهيها بذاتها وسموقها: "تزهو الممالك بى ويزهو عرشها" فنراها قد توجت أميرة الأميرات حيث غدت هى التاج الملكي الكبير لكل الممالك والعروش، وفى هذا زهو أنثى تزهو بجمال بهائها على كل من في الكون والحياة.
وفى قصيدتها "صباح هادئ جداً" وهى عنوان الديوان نراها تنتقل من العمودي إلى التفعيلى، وتتخير اللغة المموسقة الصافية القريبة إلى القلب ، دون معاضلات لغوية، أو استغلاق لمعنى، أو ترميز لصورة، فهى واضحة كذاتها المشرقة المحبة الملتاعة ، ورقيقة كجدول نهر يتهادى بالحب الطافح، والموج الهادر بالحنان، تقول:
(تقاسمنا رحيق الجنة الأعجز/ توضئنا الدموع لحبنا الأعنف/ فلا بعد هناك ولا رحيل هنا /ولا خطل يهدننا ولا قبح يبددنا/ وغنوتنا تهدد رعشة الأحزان القديم بنا / وتفتح باب توبتها الأثير لنا / وتجعنا نجوماً في سما العشاق/ وتفتح باب جنتها لمن يشتاق/ فكيف ترى فؤادى الغر/ يا عشقى وكيف أراك؟/وكيف أرد أنفاسي /إلى شفتيك كى ترعاك. (الديوان 106-107).
إن الصورة الشعرية هنا نسيج من تجربتها المريرة في الحب، ولقد أنضجتها التجربة لنقول: إننا أمام شاعرة شاهقة تغزل من صوف المفردات رحيق الأنثى الأشهى، وتعبر بالوجع الشهى أرواحنا فتأخذنا معها في رحلتها الحزينة إلى جزائر الحب والعشق والهيام والوله والحسرة والحرمان، والتوق والشوف والغربة، ولعلنا لن نخطئ فنقول: إنها أنثى ترفل في الحنان، تقرأ الماضي بصورة الحاضر، تخاف من المستقبل وتتحداه، تعيد رتق المشاعر اليابسة لتذوّب الجمال على شفة القلب وتصنع من الحزن حديقة للحب الآتى، الماضي الجميل، المستقبل الذى يبدو ضبابياً، إلا أنها لا تتوسل الحب، بل تندمغ في العشق وتنسج من لحمة مشاعرها، ودقات قلبها الآسنة، قصائدها الخالدة التى تعيد لنا زمن الرومانسية من جديد، كما تضفى على القصيدة العمودية سحراً رومانتيكيا خاصاً، وكأنها تجدد ثوب الشعرّية، تعارض ابن زيدون، وترى في تجربته تجربتها، تتماس معه، دون أن تندمغ في رحابه، وتصنع عالمها الخاص بريشة قلبها، وتشرك القارئ في استنطاق الجمال، بل والغوص معها في آلامها، تريد التطهّر بالحب، والعلاج بالشّعر، من أوجاع الحب ومرارة، ومن قسوة الأيام وظلامها، ومن عدم إحساس أحد بها، فهى تصنع أسطورتها / قصيدتها بصوت الأنثى القوية/ الضعيفة/ المتحدّية والرافضة الاستسلام، والموجوعة العاشقة بالليل، تنشد الوجد والتوق لتسمو في صوفية الذات،عبر حالات الوجع والتّوق والحرمان والجوع النفسي، والجسدي، والعاطفي. وتقف في شرفة العالم تتحدى الظلام والخوف والقلق، وتشكو إلى أنثاها، توقها، حميّاها، فربما تجد بعض هواء عليل، أو تمرّ على جزيرتها القاحلة سفينة الحب من جديد لينتشلها فارس، بحّار،عاشق جديد، يأخذها إلى برّ الأمان، ويمنحها الأمان والدفء عبر سفينة الأيام والكون والعالم والحياة.
تظل "صباح هادى"، شاعرة الرومانتيكية الشاهقة، تنسج الألم جزيرة، وتحوّلها إلى أمل، وتستشرف الضعف في القوة، والقوة في الإرادة على استمرار الحب والحياة، من جديد.