القاهرة 03 ديسمبر 2019 الساعة 10:16 ص
بقلم : د.هبة سعد الدين
أثار استقبال الفيلم التسجيلى "احكيلي" للمنتجة والمخرجة ماريان خورى، وحصوله على جائزة الجمهور من مهرجان القاهرة السينمائى فى دورته الحادية والأربعين الكثير من التساؤلات؛ فذلك الترحيب من الجمهور بفيلم مدته حوالى ساعة ونص؛ يقدم مساحة من البوح والود وقدرا من التساؤلات حول الحياة والأمومة والإنسانية دون اهتمام بالإجابات المعلبة؛ يمتزج فيه مائة عام من التفاصيل وتسجيل اللحظات المهمة من صور وفيديوهات فى حياة أربعة نساء تمثل كل منهن جيلا وحياة، قد يكون جانباً من الجذب اسم يوسف شاهين ومشاهده التى أعادت للأذهان حديثه وكلماته وكيفية نطقه للحروف والكثير من الذكريات التى أكملها الفيلم فجاء بمزيج من الحضور و الغياب معاً.
ولكن كل ذلك التجاوب لا يكتفى بوجود "جو" فحسب؛ بل تلك الحالة التى أثارها الفيلم من شجون وتساؤلات ورؤية لسنوات من "الحيوات" لكل من أطل فيه؛ وبخاصة أن المخرجة صرحت أنها أرادت تلك الحوارات المرتجلة المرسومة بشكل لا واع.
ذلك التجاوب مع "احكيلى" والذى صرحت بعده المنتجة والمخرجة ماريان خورى أنها غير مهتمة بعرض الفيلم للجمهور تجارياً؛ لأنها مدركة صعوبة التجاوب على المستوى الجماهيرى !! وتصريحها بعد فوزها أنها غير مصدقة حصولها على جائزة الجمهور عن فيلم تسجيلى مضيفة "واضح انى فتحت الجراح".
وهنا لابد وأن نلتفت إلى عطش الجماهير وافتقادها للسينما التسجيلية بجمالياتها ورونقها واقترابها من الواقع بجماليات سينمائية، ولكن كيف يشاهد الجمهور المهتم بالسينما التسجيلية تلك الأفلام؟ والمقصود هنا تلك "النوعية" من الأفلام التى كان لها برامج خاصة أشهرها سينما لا تكذب للناقد الراحل على أبو شادى، والأفلام التى كان يعرضها التليفزيون المصرى عبر خريطته؛ ليعرف الكثيرون أسماء مميزة فى عالم السينما التسجيلية.
مشاهدة تلك الأفلام فى حد ذاته جانب من الثقافة السينمائية التى نحن فى حاجة إليها فى هذه المرحلة التى فقدنا فيها وجود أسماء أضافت الكثير للبرامج التليفزيونية السينمائية وللمشاهد فزرعت مساحة من الحب للسينما والاهتمام؛ وبالتالى قدرة على التقييم ورؤية الجمال حيث كان.
أتذكر جيداً المعلق الجميل عادل شريف، الذى أتى لمصر بلعبة رياضية لم تكن لتصبح فى تلك الصدارة وهى رياضة "التنس" فجاء بها لكل بيت فى مصر بمعلوماته وخفة روحه وتعليقاته وثقافته، واستطاع أن يجعل مبارياتها ذات جمهور، وذلك ما يمكن أن يتم من خلال عرض هذه الأفلام واختيار ما يعرض منها بعناية وإدراك، بالتأكيد تمنح المهرجانات السينمائية الجمهور مشاهدة بعض الأفلام التسجيلية التى لا سبيل لرؤيتها سوى من خلال مهرجان القاهرة السينمائى وبعض المهرجانات الأخرى، ولكن هذا القدر لا يكفى ومساحته فى حدود أيام المهرجانات والمتخصصين فيها والعاملين فى المجال؛ لذلك فنحن فى حاجة إلى اتساع الدائرة؛ فتشمل عروضاً فى كل مكان من خلال خريطة سينمائية تهتم بالفيلم التسجيلى الذى سلب منه الكثير من الحقوق، فأصبح يعانى فى وقت "الجمهور" فى حالة عطش شديد له ولغيره من الفنون، ولا يحتاج ذلك إلا لبعض القرارات من الأجهزة الثقافية وأدواتها الكثيرة المنتشرة فى كل المحافظات وكذلك "ماسبيرو" ذلك الجهاز العريق الذى لا يزال جمهوره منتظراً له، ألا يوجد من يستجيب؟