القاهرة 19 نوفمبر 2019 الساعة 09:33 ص
كتب: حامد أنور
ارتبطت الشموع بالإنسان ارتباطا وثيقا في المناسبات المختلفة بدءا من الميلاد وانتهاء بالموت، وما يتخللهما من طقوس وممارسات بما تتناسب مع المناسبة نفسها، فالمثل الشعبي يقول: يا محلا الجمعة لو على فانوس وشمعة، داري على شمعتك تقيد، زي الشمعة تحرق نفسها علشان تنور للناس، ولعل أشهر الأمثال المرتبطة بالشموع المثل الشعبي: "شمعة الكداب ما تنورش".
وتتجلى الشموع في العديد من الطقوس الدينية سواء داخل الكنيسة باعتبارها إحدى دور العبادات في إشارة إلى الصلوات المستمرة للرب والقديسين والموتى، وكإشارة إلى الموتى بأن الأحياء مازالوا يذكرونهم ويبعثون إليهم بالصوات، كما أن الشمعة في رمزيتها تمثل تجسيدًا للمسيح باعتباره النور والشعاع ورسالة الحب للموتى، حتى تستكين أرواحهم في العالم الآخر.
ولأن الشموع تمثل أهمية كبيرة في حياة معظم الشعوب، فهي توقد بداية من الميلاد (السبوع) احتفاءً بقدوم الطفل باعتبارها رمزاً لحياة جديدة وبداية مشرقة بالأمل في المستقبل، كما توقد الشموع في أعياد الميلاد بعدد سنوات مضت من عمر الانسان وتطفأ كإشارة لبدء حياة جديدة مودعة سنوات انقضت، نفس الحال بالنسبة لإيقاد الشموع فى الأعراس كعنوان للبهجة وفأل خير على العروسين. وفى الجزائر ارتبطت الشموع بحفلات الزواج وخصوصًا فى لوازم الحنة، حيث يستدعي الرقص بالشموع حتى تنطفئ الشموع، فالشمعة بنورها تمثل المستقبل الذي يشرق فى حياة العروسين وفأل خير وبركة، كما أنها كانت تستخدم ولفترات ليست ببعيدة في الطقوس المرتبطة بالموتى، حيث كانت توقد شمعة وتوضع ناحية رأس المتوفى.
وبالرغم من ارتباط الشموع بالأضرحة والزوايا ودور العبادة كظاهرة طقوسية قديمة اعتادها الكثيرون؛ لكنها مازالت موجودة حتى اللحظة، لكنها تنوعت من كونها أحد النذور (وعدة) أو عادة اعتاد عليها المريدين حبًا وتقربًا لصاحب الضريح (الولي) بوصفه أحد الصلحاء الذين منحهم الله نفحة من رضاه وبركة ونورا ما يزال يسري في محيط رقاده، يسعى إليه الناس على اختلاف ثقافاتهم ومستواهم الاجتماعي تحت وطأة الظروف الاجتماعية أو النفسية أو الصحية، فهناك من يوقد شمعة بنية تحقيق نجاح في العمل، وهناك من توقد شمعتين لها ومن تبتغى الزواج منه، ومنهم من يوقد شمعة بنية الشفاء.
لقد تطورت استخدامات الشموع وإن اختلفت النوايا والمقاصد، حتى أصبحت في بعض الأماكن رمزا للحداد والاحتجاج، لكن تبقى الإشارة إلى أن الشموع على مر العصور أخذت اهتمامًا كبيرًا من حيث التنوع فى أشكال إنتاجها وأحجامها وألوانها والزينات التى تحيط بها؛ لكنها دائمًا تستخدم كل منها على حدة فى المناسبات، بما يعكس المناسبة التى تستخدم من أجلها.