القاهرة 08 نوفمبر 2019 الساعة 3:27 م
كتبت: سمر أرز
استضافت سينما الهناجر التابعة لقطاع صندوق التنمية الثقافية فى السابعة مساء الخميس 7 نوفمبر، أمسية جديدة من أمسيات صالون السينما، حيث قدمت الفيلم الروائى الطويل "ميرامار" عن رواية الأديب العالمى "نجيب محفوظ" بعد خمسين عاماً من عرض الفيلم للمرة الأولى عام 1969، والفيلم من بطولة "شادية"، "يوسف شعبان"، "يوسف وهبي" ، "عماد حمدي" ، إخراج "كمال الشيخ" ، بحضور المخرج أحمد فؤاد درويش الذى ناقش التجديد الذي ابتكره نجيب محفوظ في السرد الروائى والذي ظهر في هذا الفيلم.
بدأت الأمسية بمقدمة بسيطة عن الفيلم والرواية قدمها المخرج أحمد فؤاد درويش حيث نوه عن مدى تنبؤ "نجيب محفوظ" بما تعرضت له مصر من نكسة سنة 1967؛ حيث نشرت روايته "ميرامار " فى إبريل سنة 1967 أى قبل النكسة بشهرين فقط.
وتلا تلك المقدمة عرض الفيلم كاملاً ،حيث تدور أحداثه في بنسيون ميرامار بمدينة الإسكندرية أهم المدن الساحلية بمصر الذي تديره سيده يونانية الجنسية، ويعيش بالبنسيون عدد من الشخصيات المختلفة مثل (عامر بك) الصحفي المتقاعد، وسرحان الشاب العابث الوصولي الذى يعد "زهرة" بالزواج، وهي الفتاة التي جاءت إلى الإسكندرية هاربه من بلدتها لرفضها الزواج من عجوز غني ضغطت عليها أسرتها للزواج منه، ولأنها مثال للمرأة المصرية القوية صاحبة الإرادة رفضت وهربت للإسكندرية وعاشت في بنسيون ميرامار، وأثناء ذلك تعرفت زهرة على مدرسة اسمها عليّة تقوم على محو أميتها وتعليمها القرأة والكتابة، وتتزوج زهرة من بائع الجرائد بعد تخلي سرحان عنها.
وأعقب عرض الفيلم ندوة أدارها "درويش" أوضح فيها التجديد الذى ابتكره "نجيب محفوظ"فى السرد الروائى حيث استخدم لحكى الرواية أربع شخصيات هم: "سرحان البحيرى" و"عامر وجدى"و "منصور باهى" و"حسنى علام"، واستكمل مؤكداً على احترافية المخرج كمال الشيخ؛ إلا أن سيناريو الفيلم أهدر جمال الرواية؛ حيث أهدر الأربع رؤى المختلفة لشخصيات الرواية، وعرض الفيلم كقصة تم سردها بالشكل التقليدى رغم أن تلك الطريقة فى السرد الروائى فى تلك الآونة كانت من الطرق المبتكرة والمتقدمة بشكل كبير فى كتابة الرواية، كما اعتمد الفيلم فى شخصية طلبة مرزوق وهو يوسف وهبى على الجُمل الكوميدية فحسب.
وأكد درويش أن عرض ذلك الفيلم السياسي يحسب كسلوك إيجابى للنظام الناصري، حيث كانت تمثل شخصية "زهرة" مصر التي تلاعب بعواطفها الانتهازى والوصولى "سرحان البحيرى"، وتهجم على برائتها الشهوانى "حسنى علام " وريث الطبقة الاستقراطية القديمة الذى يمتلك مائة فدان وهو غير متعلم فأصبح حاقداً على أصحاب الشهادات، وكان يردد دائما جملته الشهيرة "فريكيكو"، أيضا عرض الفيلم وجهة نظر شخصية "منصور باهى" اليساري المنكسر تحت ضغط أخيه لواء الشرطة، و"طلبة مرزوق " الذى صادرت الثورة أمواله ففر هاربا إلى ميرامار من شعور الذل والهوان، و"عامر وجدى " الصحفى المشهور آخر بقايا جيل ثورة 19 الذى جاء إلى ميرامار ليعيش فى هدوء وسكينة ويستعيد ذكريات أيام ولت، وفى النهاية اختارت زهرة طريقها والأصلح لها وهو أن تتسلح بالعلم وترتقي ولا تدع فرصة لاستغلالها، حتى عندما حاولت ماريانا صاحبة البانسيون استغلالها والتى كانت تمثل المستعمر للمصر كانت زهرة قوية وصارمة معها.
وفى النهاية اختتم "درويش" مناقشته بأن نجيب محفوظ قدم عملاً رائعاً يبدو وكأنه حكاية عاطفية، ولكنها حكاية وطن، ومجموعة من الشخصيات التى تمثل أنماطاً مختلفة من النسيج الإجتماعى، وكان محورها "زهرة" الشخصية المحورية التى ينجذب إليها جميع طوائف المجتمع.