القاهرة 05 نوفمبر 2019 الساعة 09:21 ص
هل تؤثر الأخبار الكاذبة "Fake New" على اقتصاد الدول؟.. تساؤل ربما يحمل فى طياته بعض المبالغة لكون علاقة الجمهور بالأخبار الآن ليس فى الوطن العربى فقط؛ بل فى العالم أصبحت لا يعول عليها لكون اهتماماتهم تجاوزت الخبر وانتقلت إلي ما ورائه وببرامج الرأي بشكل كبير وهو ما تسببت فيه مواقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك – تويتر) نظراً لكونها من أكثر الوسائل التى يعتمد عليها الجمهور المصري والعربي بشكل خاص فى تلقى الأخبار منها.. ولكن هذا لا يمنع من اختبار فرضية تأثر الأخبار الكاذبة على الاقتصاد المصري على نحو خاص والعربي بشكل عام، خاصة وأن مواقع التواصل الاجتماعي من أكثر الوسائل التي يسهل من خلالها ترويج الشائعات والأخبار الكاذبة؛ و هو وبالمناسبة ما دفع كلية الإعلام جامعة القاهرة؛ بالتعاون مع جمعية كليات الإعلام العربية التابعة لاتحاد الجامعات العربية، الأسبوع الماضى، لعقد مؤتمرها يوم 31 من أكتوبر تحت عنوان "فبركة الأخبار والأمن المجتمعي في الوطن العربي"، برئاسة الأستاذة الدكتورة هويدا مصطفي عميدة كلية الإعلام بجامعة القاهرة، ومقررة له الأستاذة الدكتورة ليلي عبد المجيد عميدة كلية الإعلام الأسبق، وسط حضور متميز من عمداء كليات الإعلام والأكاديميين وخبراء الإعلام.
فى البداية؛ وبالنظر إلى دراسة أجراها معهد «ماساتشوستس» للتكنولوجيا في الولايات المتحدة الأمريكية عام 2018، توصلت إلى أن نسبة مشاركة الأخبار الكاذبة تصل إلى 70 في المئة، بينما تستغرق الأخبار الصحيحة ستة أضعاف المدة لتصل إلى 1500 شخص فقط مقارنة بانتشار الأخبار الكاذبة... وهى نتيجة تستوجب أن نتوقف أمامها كثيراً لنرى ما التداعيات المترتبة على مثل هذا النوع من الأخبار الكاذبة على اقتصاد الدول، وهو ما أجاب عنه خالد البرماوي الخبير الإعلامي عن أنواع الأخبار المزيفة أو المفبركة خلال مشاركته فى مؤتمر كلية الإعلام جامعة القاهرة، متسائلاً: "لماذا تتم فبركة الأخبار؟ وأجاب على ذلك بأنه لا يتم للأسباب السياسية وإنما لأسباب اقتصادية بالدرجة الأولى ثم لأهداف السياسية، وتساءل "البرماوى" مرة أخرى عن من يتعاطي مع الأخبار والمحتويات المزيفة؟ مشيراً إلى أن نتائج الدراسات أن 10% فقط من مستخدمي الفيس بوك ينشرون 60% من المحتويات المضللة وأغلبهم من كبار السن وذلك بسبب التنشئة.
وأشار"البرماوى" خلال كلمته إلى ضرورة أن تعمل كليات الإعلام على تنمية مهارات الشك والتحقق والتدقيق لمواجهة جمهور جديد يحتاج إلى استعداد خاص.
ورأى "البرماوى" فيما يتعلق بمستقبل الانترنت أن هناك وجهتين للنظر فيما يخص ذلك، أولاها أنه أصبح مكانا غير آمن ومليء بالشائعات ولا بد من حوكمة للانترنت، ووجهة النظر الأخرى تقول: ابعدوا الحكومات عن الانترنت ولنترك القيم التجارية أو الشركات تتولى أمره.
ثم طرح الحل لمشكلة فبركة الأخبار وتزييفها حيث رأى أن الحل جزء منه المجتمع الدولي، وجزء على الجمهور، مشيراً أيضاً إلى أهمية التربية الإعلامية، وتطوير التشريعات المتعلقة بذلك، وأيضاً ضرورة الضغط على الفيس بوك وتويتر لوضع اتفاقيات عادلة تقلل من انتشار الأخبار المفبركة والكاذبة عليهما.
بالنظر إلى الأخبار الكاذبة والشائعات التي روجها البعض عبر مواقع التواصل الاجتماعي خلال السنوات القليلة الماضية، نجد ن خبراء الإعلام أكدوا على ن جميعها استهدفت أسعار السلع وأسعار العملات والأوضاع الاقتصادية والبورصة وأسواق المال وأسعار الأسهم و والتصدير للخارج وكذلك الاستثمار، نه وفى هذا الإطار نجد جماعه الإخوان الإرهابية قامت خلال الفترات الماضية بالترويج لعدد من الشائعات والتي تستهدف الدولة المصرية في محاولات منها لإثارة البلبلة والرأي العام، وبالتالي لابد من مواجهه تلك الشائعات حتى لا تؤثر على الاستثمار والمستثمر...
وهو ما يدفعنا للتساؤل مرة أخرى وبعد كل ذلك: "هل هناك بعض المبادرات التى أنطلقت لمواجهة مثل هذا النوع من الاخبار الكاذبة والشائعات؟"؛ الإجابة يقدمها لنا شادي جبريل مدير صفحة "تحقق ودقق" والتي قدمها خلال مؤتمر" الأخبار الكاذبة"؛ والذي أكد إطلاق عدد من المنصات الإليكترونية للتحقق من الصور والفيديوهات خلال الفترة الماضية مثل (ما تصدقش، دا بجد، أكيد، تأكد..) مشيراً إلي أن صدى هذه في مصر محدود، كما أشار إلى مسئولية الصحفيين والإعلاميين في هذا الصدد، وأكد أيضاً على ضرورة عمل دورات تدريبية للطلاب وايفاد بعثات من الإعلاميين والصحفيين لمؤسسات التحقق عالميا للاطلاع على أحدث الأساليب في هذا المجال، وأوصى بضرورة عمل معامل أبحاث في كليات الإعلام لتطوير أدوات ومهارات التحقق من المعلومات والصور والفيديوهات.
أما الدكتورة إيناس أبو يوسف، أستاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، وعميد كلية الإعلام بجامعة الأهرام الكندية أكدت على ضرورة أن تتجه الأبحاث لدراسة: ما هي العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أدت إلى فبركة الأخبار في مصر؟ وما هو الواقع الذي أدى لتصديق الناس لها؟ وهل البيئة الإعلامية تؤدي لانتشارها؟ وهل لدينا مهنية إعلامية، وهل نحن نسعى للتقارير المطولة والاستقصائية أم نتسابق لسرعة النشر؟ مشيرة إلى أننا لدينا إشكالية في المهنية والالتزام بمواثيق الشرف، وأنه يجب وعلى وجه السرعة تغيير النظرة لدى الإعلامي المهني حول حجم الإنتاج والأخبار التي حصل عليها وإعطاء مساحات أكبر للاستقصاء.
أما بخصوص الجمهور، فذكرت "يوسف" خلال كلمتها التى شاركت بها فى المؤتمر إلي أننا لا نعرف شيئاً عن الجمهور فلا توجد دراسات مستفيضة عن سماته، ولذلك لا نعرف لماذا يصدق السوشيال ميديا ولماذا يشكك في كل شيء، ونحن غير قادرين على تصنيف الجمهور، وكذلك على تفسير ظواهر كثيرة مرتبطة بجمهور السوشيال ميديا كالتسويق الزائف في مصر والحوادث التي حدثت بسببها. وأكدت على أن قضية المهنية قضية مهمة لابد من مواجهتها.
فى ختام الموضوع، دعونا نرى ما يرونه خبراء الاقتصاد من علاقة الأخبار الكاذبة بالاقتصاد وتأثيرها عليه بالسلب، أن نستند إلى ما قالته الدكتورة أمنية حلمي أستاذ الاقتصاد فى تصريحات لوسائل الإعلام خلال الفترة الماضية؛ حيث رأت أن تسريب الأخبار الكاذبة وانتشارها يعطل خطوات الإصلاح، لأن ما يحدث عندما يصدق الناس شائعة معينة هو التعامل معها على أنها صحيحة مثل شائعة ارتفاع أسعار سلعة معينة، وهو ما يدفع الناس لتخزينها وبالتالى يحدث بالفعل ارتفاع في سعر السلعة نتيجة زيادة الطلب، وهنا يتطلب الأمر تدخلا حكوميا لتكذيب الأخبار المغلوطة ووضع إجراءات الإصلاح تحت أعين الناس حتى لا يكونوا فريسة لأي معلومات كاذبة، وهو ما يقوم به بالفعل المركز الإعلامى لمجلس الوزراء برئاسة الدكتورة نعايم سعد زغلول؛ وباقى فريق العمل.