القاهرة 22 اكتوبر 2019 الساعة 10:42 ص
مثلت الدكتورة إيناس عبد الدايم وزير الثقافة مصر، الإثنين الماضي فى مؤتمر صناعة الترفيه والذى يحمل عنوان "الترفيه وبناء الاقتصاد" وهو من تنظيم الهيئة العامة للترفيه بالمملكة العربية السعودية، وذلك بحضور عدد من الوزراء وكبار رجال المملكة.
عبد الدايم ممثلة الدولة العربية الوحيدة فى المؤتمر قالت: إن القيادة السياسية أدرجت سبعة محاور للحفاظ على الهوية الثقافية المصرية ضمن استراتيجية التنمية المستدامة وهي "رؤية مصر 2030" منها تعزيز القيم الإيجابية فى المجتمع، مكافحة التطرف الفكرى، تحقيق العدالة الثقافية، تنمية مواهب المبدعين والنابغين، التأكيد على الريادة الثقافية من خلال قوة مصر الناعمة وتطوير المؤسسات الثقافية وهو ما جاء نتيجة فطنة الدولة لأهمية الاستثمار الثقافي كمصدر قوة للتنمية، مؤكدة أن الصناعات الإبداعية تعد أحد المسارات المهمة لتنمية الاقتصاد الوطنى.
الصناعات الإبداعية كما عرَّفها مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) في تقريره الأول الصادر عام 2008 الصناعات الإبداعية بأنها تلك السلع والخدمات التي تستخدم الإبداع ورأس المال الفكري كمدخلات أولية، والتي تشمل 4 مجموعات، هي: "التراث، والفنون، ووسائل الإعلام، والإبداعات الوظيفية". ويعد الإعلام مدخل أساسى من مدخلات الصناعات الإبداعية التى تعتبر مصر واحدة من أغني الدول الإفريقية والعربية لما لديها من تراث وفنون وإبداعات وظيفية ما يكفى أن يجعلها واحدة من أبرز الاقتصادات الواعدة فى هذا المجال فى حال تطوير هذه الأجندة ليس فقط بوصفها محركًا للاقتصاد ولكن أيضًا لتعزيز الاندماج الاجتماعي والتنوع والتنمية.
ولكي تلحق بمصاف الدول التى أصبحت تسهم الصناعات الإبداعية في واحدة من مواردها الأساسية مثل المملكة المتحدة والتي تسهم الصناعات الإبداعية فيها بما يزيد عن 84 مليار جنيه إسترليني في اقتصاد المملكة المتحدة، وتوظف 2.9 مليون نسمة (9? من جميع الوظائف في المملكة المتحدة)؛ إضافة إلى كونها صدَّرت ما يقرب من 20 مليار جنيه إسترليني من الخدمات في عام 2014، يجب أن يضع الإعلام المصري سواء كان تلفزيونياً وصحفياً وإذاعياً أو عبر الإعلام الجديد (المنصات الرقمية – مواقع التواصل الاجتماعي) استراتيجية إعلامية لتعزيز هذا النوع من الاقتصادات الواعدة من خلال تسليط الضوء على تراث وإبداعات الثقافات الفرعية التي تعمل تحت مظلة الثقافة المصرية الأم باعتبارها ثقافات غنية بالمنتجات الثقافية ذات خصوصية ثقافية تعبر عن بيئاتها من مأكل وملبس وعادات وتقاليد.
ولكى نضع استراتيجية إعلامية لتعزيز هذا النوع من الاقتصادات تعالوا معاً نستعرض دراسات جاياتري شاكرافورتي سبيفاك، وهي ناشطة ومنظرة وناقدة أدبية أمريكية من أصول بنغالية، ولدت في 24 فبراير 1942 بكالكوتا (الهند البريطانية) وتشغل منصب أستاذة في جامعة كولومبيا بنيويورك، وتعد واحدة من أهم الأكاديميين ممن درسوا تجربة الثقافات الفرعية فى الهند؛ حيث رصدت من خلال دراستها الرصينة مدي استفادة تلك الثقافات من التكنولوجيا فى أعقاب التحرر، وذلك بإطلاقهم عدداً من القنوات الرسمية بموقع الفيديوهات الشهير "يوتيوب" بعد أن شعروا بتهميشهم من قبل المؤسسة الثقافية الرسمية، وهو ما ساعد على التعريف بهم وبمنتجاتهم الثقافية ليس فقط لدي أبناء العاصمة نيودلهي بل عبر كافة أنحاء العالم، وهى تجربة ثرية يجب أن نستفيد منها عبر وسائل إعلامنا الحديثة - غير تقليدية - كما أشرت من قبل؛ من خلال (المنصات الرقمية _مواقع التواصل الاجتماعي)؛ وهو ما قد يعزز هذا النوع من الاقتصادات الإبداعية.
بنظرة سريعة لبعض الدول التى استفادت من الصناعات الإبداعية حتى أصبحت فى الصدارة، نجد أن الصين أصبحت من أبرز الدول التى تأتى في صدارة الدول المستثمرة في هذا النوع من الصناعات حيث بلغ حجم صادرات وواردات المنتجات الثقافية الصينية لعام 2013 (68، 60110) مليون دولار أمريكي؛ بحسب تقرير (عولمة التجارة الثقافية: التداول الدولي للمنتجات والخدمات الثقافية بين عام 2004 وعام 2013) لمعهد اليونسكو للإحصاءات، والذي نشر في عام 2016.
أما دول الخليج قامت بتدشين بعض المدن المتخصصة ذات المزايا التنظيمية والتشريعية والاستثمارية، ومن أمثلتها مدينة دبي للإعلام التي تأسست في عام 2001، وشركة twofour54 في عام 2008، وكلتاهما تُدار وفق آليات المناطق الحرة التي توفر العديد من المزايا الضريبية والجمركية.
وفي السعودية، تم الإعلان في إبريل 2017 عن إطلاق مشروع مدينة القدية؛ باعتباره أكبر مدينة ثقافية ورياضية وترفيهية من نوعها على مستوى العالم، كما تضمنت "رؤية 2030" إنشاء أكبر متحف إسلامي في العالم.
نعود مرة أخرى، وفى ختام هذا المقال إلي المؤتمر الذى مثلت فيه الدكتورة إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة مصر، والذى ناقش أهمية الصناعات الإبداعية فى رؤية المملكة العربية السعودية 2030 على غرار استراتيجية التنمية المستدامة فى مصر 2030 والتى وضعت صناعة الثقافة ضمن مقومات الاقتصاد القومى، نجد أنه أعلن عن استلهامه دار الأوبرا المصرية كنموذج معبر عن التواصل الثقافى بين الشعوب وباعتبارها منصة جادة لعرض وتقديم الفنون بمختلف أشكالها، مع إبراز أهميتها كمقياس لنهضة الحركة الثقافية والفنية فى مصر، كما تم تناول أهمية الشراكة والتعاون الثقافى بين مصر والسعودية؛ حيث تم بحث إمكانية ربط أنشطة التبادل الثقافى بفعاليات تعاون أخرى، وبخاصة فى المجال الاقتصادى.