القاهرة 14 اكتوبر 2019 الساعة 10:08 ص
بيت أبي.. بيت للثقافة والفن ..حلم سأحققه ولو بعد حين
د. هويدا صالح
تربينا في بيت صغير في قرية من قرى صعيد مصر، قرية "اسمو العروس" التابعة لمركز ديرمواس محافظة المنيا. ربانا أبي على قيم المعرفة والعلم، ورثنا العلم، والعلم فقط. لم يكن يؤمن بالخرافات والشعوذة التي يمكن أن تطال الناس في القرى والريف، إنما آمن بقيمة العلم. حينما لامه أعمامي على تعليم البنات، وأن الإنفاق على البنات مضيعة للوقت والمال، وأن البنت مصيرها للزواج، فلا داعي لأن ينفق على تعليمها مليما واحدا، قال إنما أورثهم العلم، وقال جملته التي غيرت مجرى حياتي: أنتم تورثون الفدادين وأن أربي بني آدمين، أورثهم الشهادات والعلم. وقد كان. علمنا جميعا، ست من الأبناء والبنات، وكنت أنا الكبرى. تعلمنا بفضل إيمانه بنا.
ومات أبي، وبنى كل واحد من أخوتي منزلا في مكان ما في البلد، وتركوا بيتنا الصغير الذي تربينا فيه. وبدأ الحلم في التشكل.
كان ملهمي في الأساس الروائي بهاء طاهر الذي اشترى بنقود جائزة البوكر أرضا في الأقصر ووهبها للدولة أنشأت عليها قصر ثقافة"بهاء طاهر". فكرت كثيرا في بيتنا المهجور، فالبنات تزوجن وصنعن حياة بعيدا عن بيت العائلة، وها هم الشباب تزوجوا وأقام كل واحد فيهم بيتا مستقلا، ويقف بيت أبي وحيدا إلا من روحي أبي وأمي اللتان تسكنان بيت أبي ولا تغادرانه. فماذا لو أنني هيأت بيت أبي ليمتلئ بأصوات الصغار الذين سيقبلون عليه يأخذون منه جرعات ثقافية وفنية ألن تسعد روح أبي وروح أمي بهذه الأرواح البريئة المقبلة على الحياة؟!.
فكرت أن أشتري نصيب أخوتي وأن أهب البيت لوزارة الثقافة أو وزارة التضامن الاجتماعي ليقام فيه مركزا صغيرا لتعليم الفنون والآداب، مركز يرسم فيه الأطفال ويتعلمون فيه الموسيقى والفن والشعر والأدب. مركز تعزف فيه الموسيقى وتصدح فيه أصوات الأطفال بالحياة والفرح.
لو أنني انتظرت حتى أمتلك أموالا أبني بها المركز ربما انتظرت سنوات طويلة، لكن لو فكرت وزارة الثقافة أو وزارة التضامن أن أتبرع لهم بالبيت ويهيئوه ويقيموا عليه المركز المأمول، فأنا مستعدة لذلك وفورا.