القاهرة 01 اكتوبر 2019 الساعة 01:10 م
حوار: سماح عبد السلام
استعرض بالرسم من خلال الأقلام الخشبية الفنان التشكيلي العراقي دهام بدر بأعماله الفنية التي تنتمى إلى المدرسة الواقعية في معرضه الأخير "إضاءات عربية" الذى أقيم بقاعة بدار الأوبرا المصرية، الأجواء التراثية والمهن المهددة بالزوال بعدد من البلدان العربية، هادفا إلى توجيه رسالة للاهتمام بهذه الأماكن العتيقة التي تزداد بهاءً وحضورا مع الزمن، وفى معارضه يسعى دهام لإيصال رساله متنوعة إيمانا منه بدور الإبداع في أحياء القيم والمثل العليا"
يعد معرض "إضاءات عربية"، المعرض الفردي العاشر بمسيرة دهام بدر التشكيلية، إذ يحتوى على 50 لوحة تزينت بها قاعة العرض الفسيحة بشكل مستطيل، رسمت بالأسلوب الواقعي حيث ينتمى الفنان لمدرسة الواقعية الحديثة، تطرق لموضوعات تخص البيئة والطبيعة والتاريخ والحضارة لكل من الشام والعراق ومصر. فنجده وقد رسم المشربيات و البغداديات والأهوار والخيول والنواعير والجبال والدرابين والحوارى والأزقة وغيرها من المفردات التشكيلية البديعة..
وكما استخدم كلمة إضاءات للبلدان الثلاثة حيث تكون قناديل في تاريخ الإنسانية، بمعنى أن إشعاع حضارة بلاد الرافدين أو بلاد وادى النيل والشام والتي بدورها أسهمت في إيصال فكرة وتعليم والعلوم مثل الكيمياء والفيزياء. مثل هذه الدول غنية بمختلف العلوم والمجالات المعرفية ومن هنا كان العنوان "إضاءات عربية" للتعبير عن واقع تعيشه وتمتلكه هذه البلدان.
وبعد جولة مع الفنان في أجواء المعرض والتي لا تخلو من المتعة والثقافة وبالحديث عن سبب انتماءها للأسلوب الواقعي أشار لرغبته في استغلال قدراته الأكاديمية بالتشريح؛ إذ يؤكد بأن العمل الذى جسدته ريشته باللوحات من تواجد لكتل خطية وليس لونيه يقترب لأسلوبه بالأساس في العمل الأكاديمي وعشقه للحفر او الزنكوجراف أو الأعمال الطباعية، حيث حاول أن ينتج بقلم السوفت لوحات قريبة من الفن الانطباعي أو الجرافيك وأنتج بأقلام الخشب الملونة لوحات تحاكى هذا الأسلوب ولكنها تعتمد على كمية الخطوط وليس على مساحة اللون.
يمتلك دهام تجربة فريدة في استخدام الألوان الخشبية والباستيل يتحدث عنها قائلا: المعتاد بالرسم أن الفنان يرسم بالألوان الغامقة أو الداكنة على الورق الأبيض ولكنى قلبت المعادلة، حيث أعمل بالألوان الفاتحة على الورق الغامق وهو الورق الكانسون المحبب، وأعمل بمجموعة لونية، فعلى سبيل المثال إذا كنت أرسم على خلفية باللون الجوزي أو القهوائي فأقوم برسم ألوانا أو كرات أصفر من نفس المجموعة اللونية. وإذا كنت أرسم على خلفية زرقاء أستخدم اللون الأبيض أو السمانى في إيجاد لوحة من ضمن هارموني واحد ومجموعة لونية واحدة لإضافة نوع من التعتيق لأن كل الموضوعات التي أرسمها ضمن عملي بشكل عام هي موضوعات تخص التراث.
ولكى أشعر المتلقي أن هذه اللوحة قديمة أعمل بمجموعة لونية محددة أي اختزال اللون، وقد ساهم نجاحي في هذا التكنيك أن جعل من السهل الانتقال بأعمالي إلى أفاق عربية ودولية، فلم أعد أجد صعوبة في الحصول على فرص للعرض في مختلف القاعات والمؤسسات الفنية، سواء أكانت عربية أو إقليمية أو حتى دولية.
مما لاشك فيه أن الزمن يرتبط بالأماكن العتيقة ولكن ربما يلعب دورا كبيرا بمخيلة الفنان التشكيلي إذ يرى دهام أن الزمن سلاح ذو حدين، لافتا إلى ضرورة أن نستغل فترة وجودنا ونصارعه من أجل أنتاج فن موضحا بأن الأعمال المعروضة قام بإنتاجها فى الفترة من 2012 حتى 2018 ولكن لا يوجد انفصال بين هذه الأعمال بل هناك سلسلة تربطهم، أحاول في كل أعمالي أن أسبق الزمن في إيجاد مدرسة عربية حديثة وليس عراقية فحسب في الفن التشكيلي تحاكي الواقع العربي في الظروف الراهنة تستهوى العمل التراثي والتاريخ.
يمتد الفن التشكيلي العراقي تاريخيا إلى أعماق زمنية سحيقة لحضارة وادي الرافدين ( سومر- أكد- بابل- آشور.. الخ).. ولكن هذا البلد العريق يعيش بوضع غير مستقر منذ أكثر من عقد ونصف العقد، وهو ما يؤثر بشكل أو بأخر على الحركة الثقافية ككل، إذ يرى دهام بدر والذى يقيم بالعراق أن المشهد التشكيلي العراقي ضبابي غير واضح. مشيرا إلى عدم وجود دعم حكومي، ليس هذا فحسب بل يوجد محاربة للفن.. هكذا يقول: وزارة الثقافة العراقية لا تقدم أي دعم نهائي للفنان حتى السفارة العراقية بالقاهرة لم تحضر لافتتاح معرضي بالقاهرة..
الفن العراقي شخصي ولكنه اجتهاد منتج لكل من فناني العراق سواء الموجودين داخل وخارج العراق، وقد اخترت عمان أو القاهرة وتونس ودبى لعرض أعمالي لكى يخلق قاعدة جماهيرية ويتواصل مع الجمهور شأنه شأن زملائه التشكيليين.