القاهرة 17 سبتمبر 2019 الساعة 01:03 م
كتبت: د. هـنـاء زيــادة
كان ملفتًا للغاية ما ذكرته بعض التقارير الإعلامية مؤخرا، والتي تحدثت عن عثور مسؤولي مجال الصحة في الولايات المتحدة على زيت يحتوي على "فيتامين هـ" في عينات من منتجات السجائر الإلكترونية، والتي ربما تكون مرتبطة بزيادة أمراض الرئة في أنحاء مختلفة من الولايات المتحدة مؤخرًا. يُذكر أن الإدارات الصحية بعدد من الولايات قد تلقت 34 تقريرا لحالات مصابة بأمراض الرئة المرتبطة بالسجائر الإلكترونية، كما أن هذه الحالات تشهد تصاعدا مستمرا، وكانت الولايات الأمريكية الخمس، التي تأكدت فيها حالات الإصابة بالأمراض الرئوية الغامضة هي: مينيسوتا وإلينوي وكاليفورنيا وإنديانا وويسكنسن، وهو ما دفع ببعض الولايات مثل ولاية ميشيجان إلى حظر بيع السجائر الإلكترونية، لتصبح أول ولاية في الولايات المتحدة تحظر بيع السجائر الإلكترونية المنكهة، بعد مخاوف من إدمان المزيد من الأطفال على منتجات النيكوتين.
هذه الأمراض الغامضة تدفعنا إلى إعادة التذكير مجددًا بالأضرار الكبرى لتدخين السجائر الالكترونية، فطبقًا لدراسة علمية أجراها عالما النفس من جامعة فلوريدا، إيليس تروكو وميتيو سازيرلند، بينت نتائجها المخاطر التي تهدد حياة مدخني السجائر الإلكترونية، والتي من أهمها: أن معظم سوائل السجائر الإلكترونية تحتوي على النيكوتين، وأحيانا يكون تركيزه أعلى من الموجود في السجائر التقليدية، فعلى سبيل المثال.. اكتشف الباحثون في سائل إحدى السجائر الإلكترونية أن تركيز النيكوتين فيه يعادل تركيزه في 20 سيجارة تقليدية. كما أن تأثير بخار السوائل المعطرة للسجائر الإلكترونية في الجسم لم تتم دراسته بصورة كاملة ومفصلة حتى الآن. لذلك لا يمكن للعلماء تحديد أيهما أكثر ضررا للجسم، سوائل السجائر التقليدية أم السجائر التقليدية.
كما اتضح للعلماء خلال هذه الدراسة أن السجائر الإلكترونية تساعد المدخن وتدفعه إلى تدخين السجائر التقليدية، حيث أن 30% من مدخني السجائر الإلكترونية يعودون إلى تدخين السجائر التقليدية. واستنادا إلى هذا، اكتشف علماء النفس أن السجائر الإلكترونية لا تساعد في ترك عادة التدخين السيئة، كما أن هناك سجائر إلكترونية لا تنتج الدخان، ولكن على الرغم من ذلك، فإن استنشاق بخارها يشكل ضررا لصحة الإنسان، لأن سوائل هذه السجائر تحتوي على مضافات كيميائية عديدة، على شكل مواد معطرة، مثل مادة ثنائي الأسيتيل التي يمكن أن تسبب مشكلات صحية جدية في الرئتين.
بدورها فإن منظمة الصحة العالمية قد أكدت أن السجائر الالكترونية ليست أقل خطرًا من السجائر العادية، كما أنها لا تكافح السرطان كما تدعي الشركات المصنعة لها، كما أنها تسبب مشكلات عدة لصحة الإنسان من بينها: إحباط حركة أهداب الشعب الهوائية، المسئولة عن إخراج المواد السامة بالسعال، كالدخان والأتربة التي يتم استنشاقها، وعند توقف عمل هذه الأهداب، ينتج عنه حدوث تغيرات في خلايا الشعب الهوائية، كما يؤدي النيكوتين إلى حرق الأنسجة المخاطية المبطنة في الشعب الهوائية، ما ينتج عنه ضيق واحتباس الهواء في الرئتين وأمراض الربو الشعبي، وكذلك سرطان الرئة.
هذا إلى جانب زيادة الدهون في الدم، وتصلب الشرايين وضعف عضلة القلب، أيضا فهى تؤثر بشكل سلبي على المخ، وتتسبب في ارتفاع ضغط الدم، وقد وجدت دراسة أجريت فى كلية الطب جامعة واشنطن أن السجائر الإلكترونية قد تسبب رد فعل للجسم بطريقة تزيد العلامات المبكرة لأمراض القلب أو النوبات القلبية أو السكتات الدماغية، فقد ثبت أن جميع المواد الكيميائية، التى اختبرها العلماء، قتلت خلايا الأوعية الدموية، وأوضحت الأبحاث الطبية أن المواد الكيميائية المستخدمة لإعطاء النكهات مثل الفراولة والموز والقرفة قد تسبب التهابا فى خلايا الأوعية الدموية والشرايين والقلب.
ومن مخاطرها أيضا أنها تتسبب في ضعف حركة الأهداب الموجودة في الخصيتين عند الرجال، ما يسبب عقم وضعف القدرة الجنسية، أما بالنسبة للسيدات المدخنة، فتسبب لهم تحوصل في المبايض وعدم وصول البويضات واستقرارها في قناة فالوب، بالتالي يحدث عقم، وتؤثر على الخلايا الموجود في البنكرياس وتقلل إفراز الأنسولين، ما ينتج عنه الإصابة بالسكري، كما يؤثر النيكوتين الموجود في السجائر الإلكترونية على مزاج الشخص، وتصرفاته وسلوكه عند التعامل مع الآخرين، ويسبب القلق والإفراط في التفكير، والاضطرابات الدائمة، وفي بعض الحالات يتسبب السائل الموجود بها بالإصابة بالتسمم في حال دخوله إلى المعدة، وفي عام 2014 تُوفى طفل بعد ابتلاعه لهذه المادة مباشرة. بعد كل هذه المخاطر ألم يحن الوقت كي يتم منع هذه السجائر من الأسواق وإجبار الشركات على إيقاف تصنيعها؟، والأولى من ذلك أن نوجه السؤال لمن يدخنونها أنفسهم.. ألم يحن الوقت للتوقف عن تدخين السجائر الإلكترونية، والإقلاع عن التدخين عموما؟