القاهرة 10 سبتمبر 2019 الساعة 01:05 م
كتب: حسام الضمراني
تعكف الهيئة الوطنية للصحافة، على مشروع جديد يستهدف رقمنة العديد من الصحف القومية، يتم تنفيذه بالاشتراك بين الهيئة ووزارة الاتصالات المصرية، إلى جانب عدد من الشركات المتخصصة في المحتوي الإلكتروني، مشيرة إلى أن تحويل عدد كبير من إصدارات المؤسسات الصحفية القومية إلى الصحافة الرقمية، من شأنه أن يسهم في إيجاد حلول ناجعة للأزمة التي تعانيها الصحافة الورقية، في ضوء انخفاض معدلات التوزيع وقلة الإعلانات.. هذا ما أعلن عنه خلال الأيام القليلة الماضية وأستقبله أبناء صاحبة الجلالة بحفاوة بالغة خاصة بعد أن تراكمت مديونية هذه المؤسسات لمصلحة الضرائب لأكثر من 1.9 مليار جنيه نصيب مؤسستين فقط، وارتفاع حجم مديونية المؤسسات الصحفية إلى ما يزيد على 3.3 مليار جنيه قروض مصرفية، إلى جانب تزايد خسائر المؤسسات الصحفية عاما بعد الآخر، حتى تجاوزت هذه الخسائر ثلاثة مليارات جنيه خسائر متراكمة، وهو ما أشارت إليه رسالة دكتوراة تحت عنوان «دور الحوكمة في تحسين كفاءة المؤسسات الصحفية» للكاتب الصحفي محمد حسن البنا رئيس تحرير صحيفة «الأخبار»، الأسبق، وهو ما يشكل بادرة أمل فى تحسين أوضاع المؤسسات الصحفية القومية مستقبلياً بعد أن تدهورت أوضاعها خلال السنوات الماضية؛ لكنها آمال يشوبها بعض المخاوف.
المخاوف من هذا القرار؛ تأتى انطلاقاً من بعض المقترحات التى نادى بها بعض الخبراء بإصدار نسبة لا تقل عن 20% من الصحف الورقية وتنظيمها بحيث أنها تكون أسبوعية فقط والمواقع الإلكترونية الرسمية تكون يومية للحفاظ على بقاء تراث الصحف الورقية، وهو ما يتسبب فى خلل رئيس لأهم وظائف الصحافة اليومية إلا وهو البعد عن تقديم وقائع الحياة الاجتماعية في حركتها اليومية، وهو ما قد يؤدى إلى أغفال بعض الوقائع اليومية عندما تتحول إلي إصدار أسبوعي، وهو الأمر الذى قد يؤدى إلى ريبة بعض المؤرخين المختصين بتاريخ الصحافة كونها وثيقة تاريخية نظراً لأنه من الوارد إغفال بعض الوقائع الاجتماعية اليومية فى نسختها الأسبوعية.
تخوف آخر من تعرض المواقع الإلكترونية اليومية لعمليات اختراق خارجية مثلما حدث لموقع جريدة الأهرام الإلكتروني فى 21 يونيو الماضي عندما تعرض للاختراق من قبل ناشطين هاكر قاموا برفع صورة لمحمد مرسي، وعلم تركيا، وهو ما يفرض سؤالاً للهيئة الوطنية للصحافة ألا هو :"كيف تستعد المؤسسات الصحفية القومية فى إطار رقمنتها لمواجهة عمليات الاختراق والهاكرز؟"؛ وذلك فى ظل ازدياد تكلفة الهجمات السيبرانية بشكل متسارع، والتي أصحبت تكلّف العالم سنوياً فاتورة باهظة تزيد عن 600 مليار دولار، أو ما يعادل 1% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ما يهدد بمستقبل مخيف للاقتصاد العالمي.
قبل أن ترد الهيئة الوطنية للصحافة على كل هذه الأسئلة المثارة سواء فى المقال أو ما وجهه البعض خلال الأيام القليلة المقبلة عبر عشرات المقالات ومئات التغريدات والتعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي بعد الإعلان عن مشروع رقمنة الصحافة ومن منطلق كوننا نتناقش لا لإحراج هيئاتنا الوطنية بل لمناقشة القرارات بموضوعية ومنهجية وتقديم الحلول وليس بطرح الأسئلة فقط أتمني بحث سبل مواجهة هذه الهجمات داخل المؤسسات الصحفية المصرية حتى لا نفقد أرشيف تلك الصحف من خلال تحديث اقسام الأرشفة والمايكروفيلم أو ما يعرف بإدارة الأصول الإعلامية "Media Asset Management"، وهي تعني تنظيم وترتيب المواد الصحفية داخل تلك الصحف من مقالات، وأخبار، وصور، وكاريكاتير، وفيديو، وإنفوجرافيك بأساليب احترافية، لضمان وصول المحتوى المناسب إلى الشخص المناسب، في الوقت المناسب، ولضمان تفادي حدوث أي عمليات إختراق إلكتروني لها.
وختاماً وبعد أن تطرقنا لآمالنا وتخوفاتنا وبموضوعية من هذا القرار، يتوجب علينا الإشارة لإيجابية وميزة تضمنها هذا المشروع الخاص برقمنة الصحافة إلا وهى تدريب الصحفيين والعاملين بالمؤسسات القومية على هذا النظام، وهو ما أشار إليه الكاتب الصحفي كرم جبر، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة على اعتبار أن رقمنة الصحافة بمثابة موديل جديد يحافظ على العمالة والصحفيين ويواكب ثورة الإعلام والاتصال من خلال تقديم تجربة جديدة فى نظم التأهيل الصحفي وبرامجه التي تربط الممارسة الصحفية بالنظرية العلمية فى الإعلام والاتصال وتقدم الأساسيات والمستحدثات في فنون الصحافة الحديثة، بحيث يتاح للصحفيين القدرة علي العمل في صحافة ووسائل إعلام القرن الحادي والعشرين المستفيدة من كل التطورات الصحفية في ثورتي الإعلام والاتصال والمتأثرة بهما كما وكيفاً.
والحقيقة أن مؤسسة أخبار اليوم تعد من أوائل المؤسسات الصحفية القومية التي بدأت فعلياً فى الاستفادة من رقمنة الصحافة وذلك بافتتاحها أحدث صالة تحرير ذكية مدمجة في الشرق الأوسط فى 10 يوليو الماضى، وهي غرفة تهدف إلى تتعاون صالة الأخبار الورقي مع بوابة أخبار اليوم الإلكترونية مع قسم الأرشيف والوكالات، حتى لا يعمل كل إصدار بمعزل عن الآخر، وجاء ذلك وسط احتفال كبير حضره نخبة من عمالقة الصحافة .