القاهرة 10 يوليو 2019 الساعة 02:26 م
أكرم مصطفى
"خيال الضرورة ومرجعياته في شعر العامية المصرية " للشاعر والباحث محمود الحلواني صدر مؤخرا عن الهيئة المصرية العامة للكتاب
ويحاول فيه الحلواني استقصاء مصطلح"خيال الضرورة" وتجلياته في شعر العامية المصرية، وحسبما يرى الشاعر في مقدمة الكتاب أنه يعد "تجربة وحسب، لقاء خاص بين قارئ ونص، يضيق ويتسع، وفقا لديناميكية العلاقة بينهما، ومدى قدرة كل منهما على الاستجابة للآخر. لا يملك أحدهما صلف الادعاء المغلق بالموضوعية وامتلاك المعنى النهائي، حيث المعنى- كما يرى نقد استجابة القارئ وغيره من اتجاهات النقد الحديث- ليس شيئا ثابتا وموضوعيا يستطيع كل من يجيد معرفة لغة النص والنظر في سماته الأسلوبية أن يمسك به ويقيده، إنما هو محصلة تجربة القراءة وفعاليتها، ومعاناة القارئ الخاصة مع النص، بل ومعاناته أيضا في إنتاج نصه هو!"
وقد قسم الكاتب الكتاب إلى ثلاث قراءات، جاءت الأولى: لتكشف كيفية توجيه خيال شعر العامية نحو معالجة كل ما يحسبه "ضرورة" اجتماعية، فيما يعد التزاما أخلاقيا منه نحو مجتمعه، وهو ما أطلقت عليه اسم "خيال الضرورة.. ومرجعياته" وهي السمة التي رأت هذه القراءة أنها تشكل أبرز ملامح شعر العامية منذ بداياته وحتى ثمانينيات القرن الماضي على وجه التقريب.
وجاءت القراءة الثانية فتكشف عن تيار ساد في شعر العامية ووجهته بدءا من ثمانينيات القرن الماضي، فتتصل بإيمان تيار عريض من شعراء العامية بكتابة الذات، ومخاصمة ميراث القصيدة السابق.
أما القراءة الثالثة، فقد ذهبت لتتحرى ظاهرة حديثة نسبيا، تحول فيها شعر العامية إلى سلعة إعلامية رائجة، انخفضت فيها القيمة الإنسانية والجمالية إلى حدها الأدنى، لتحل محلها صورة شاحبة ومصنوعة للشعر، لم تعد تأبه كثيرا بكل ما شغل العقل النقدي والممارسة الشعرية السابقة عليها من رؤى اجتماعية وتوجهات جمالية ونزعات تجريبية ذاتية، مكتفية في تصميمها بأن تكون قابلة للاستهلاك الجماهيري السريع، فاعتمدت أكثر على عناصر "الفُرجة" من أداء تمثيلي، وحركة مسرحية، ومصاحبة موسيقية، وأن تكون سهلة الهضم، حاضرة النكتة والإفيه، زاخرة بالمشهيات العاطفية والحماسية، وهي القراءة التي تتخذ من شعر هشام الجخ نموذجا لها.