القاهرة 09 يوليو 2019 الساعة 09:36 ص
قد تضطر إلى أن تكون مُبدعًا .... للبقاء على قيْد الحياة الآن
كتبت: د.فايزة حلمي
الإبداع مُهم للغاية في حياتنا اليومية، وقد يتجاهله الكثيرون مِنّا ولا يرُون أنه شيء مُهم في حياتنا اليومية، ورغم أنّنا نتعلّم أن نعمل وندْرس بجد, ونتكيّف مع المجتمع ولكن مَن يشجع إبداعنا على النمو؟ مَن الذي يشجعنا على تقدير المتعة الرائعة للعملية الإبداعية، والتعبير عن إبداعنا، وجَعْل أرواحنا تزدهر؟ لقد نسي الكثيرون مِنَّا أن لدينا القدرة علي أن نكوُن مبدعين.
علاوة على ذلك، معظم الناس لا يدركون أن الإبداع يحافظ على صحة دماغنا ، وهو أحد أهم جوانب الحياة الشبابية, الإبداع يتيح لنا الحفاظ على سلامة شبكاتنا العصبية حتى في سِن الشيخوخة, لا يمكن أن يساعدنا الإبداع في العيش لفترة أطول فحسب ، بل يمكن أن يُحسِّن مِن جوْدة صحتنا وحياتنا أيضًا.
والإبداع يَعني حَرفيًا القدرة على إنتاج الجديد..... فالعيْش بكامل الطاقة هو عمل إبداعي, الإبداع هو القدرة على توليد أفكار جديدة, من خلال الجمع بين الأفكار الموجودة أو تغييرها أو إعادة تطبيقها, إنها القدرة على رؤية الاحتمالات المختلفة وتَصَوّر شيء جديد.
الإبداع مُهم للغاية في حياتنا اليومية, وَجَد الباحثون أن الإبداع والرغبة في استقبال الأفكار الجديدة، يبرزان كعامل وقائي مدى الحياة, فهو يقلل مِن المشاعر السلبية ويقلل من التوتر والقلق, وتُظهِر الدراسات أيضًا أن الأشخاص المبدعين أكثر قدرة على التعايش مع عدم اليقين, لأنهم يستطيعون تكييف تفكيرهم للسماح بتدفق المجهول, وأحد الأسباب المحتملة لحماية الإبداع للصحة, هو أنه يعتمد على مجموعة متنوعة من الشبكات العصبية داخل الدماغ ويحافظ على صحة الدماغ، ويعطينا الوعي .. بما هو ممكن.
وحين تجعل الإبداع مكونًا أساسيًا في حياتك وعملك, فذلك يساعدك على رؤية الأشياء من وجهات نظر متعددة, ويجعل حياتك أكثر بَهجة, وتكتشف طرقاً جديدة أفضل, بدون الإبداع لا يمكن أن يكون هناك ابتكار ، ستكون الحياة مملة ومحبطة ، ويصاحبها شعور بأن شيئًا حيويًا .. مَفقودًا.
والإبداع لا يقتصر فقط على صنع شيء ما ..فنّي، بل يتعلق أيضًا بالمرونة في وجهات النظر والاستعداد لتوالد الأفكار, مِمّا يوسع وَعْينا فنوجِد طرقاً جديدة لحل المشكلات, في جميع مجالات حياتنا, وهو واحد من أقوى الأدوات بالنسبة لنا لتعَلّم رؤية الاحتمالات المختلفة.
نحن جميعا نتعجب من الإنجازات الفنية للأشخاص الآخرين, ولكن معظمنا يفشل في رعاية المبدع الداخلي لدينا, عندما نفكر في الإبداع، نفكر في موتسارت وبيكاسو وآينشتاين ، وهم أناس لديهم تقارب في المواهب والفرص, إنها مجموعة ضيقة جدًا من المرجعية ، لأن الحقيقة هي أن كل الأشخاص، الذين يمتلكون مستويات مختلفة من الذكاء والقدرة الطبيعية ، قادرون على تنفيذ العمليات الإبداعية, فلا تعتقد لأنك لن تكون أبدًا أحد الفنّانين, أنه لا يمكنك تسخير قدراتك على توليد الأفكار وجعل حياتك تحفة فنية خاصة بك.
البعض يفعل ذلك كل يوم, مثال" لاحظ الأب(بيت هيرزوغ) أن أطفاله الثلاثة نادراً ما عادوا يقودون السيارة اللعبة باهظة الثمن التي تعمل بالبطاريات والتي كان قد اشتراها لهم في عيد الميلاد, لأنها في حاجة إلى إصلاح, وبعد ظهر أحد الأيام, وجَد مصباح حديقة مكسور يعمل بالطاقة الشمسية يتدحرج, فنزع لوحاته وعَلقَهم ببطارية السيارة اللعبة، مستخدماً الأجزاء التي صهرها من لوحة المصباح, الآن السيارة ، التي كانت متروكة في الشمس طوال اليوم ، أصبحت جاهزة دائمًا ليفرح بها أطفاله.
هيرزوغ هو مدير معهد الأمن والمنهجيات المفتوحة ، وهي مؤسسة غير ربحية مكرسة للبحث في كيفية عمل الأمن في جميع جوانب الحياة, وظيفته تتطلب منه أن يفكر مثل قراصنة الكمبيوتر من الدرجة الأولى, لذلك ليس من المستغرب أن يتمكن من حل المشاكل المزعجة في الفناء الخلفي الخاص به, لكنه مع ذلك, لم يفكر في نفسه كشخص مُبدع!
لذا؛ يمكنك بناء قدراتك المبتكرة بِعدة طرق, عن طريق القيام بأشياء, لا تبدو عبقريًة بشكل كبير, فيمكنك ببساطة التعرّف على أسلوبك الشخصي في حل المشكلات, فالجميع يضيء في مراحل مختلفة من العمر ؛ وفَهْم المكان الذي يمنحك ميزة كبيرة, وربما الأهم من ذلك هو ضبط موقفك العام تجاه الحياة, تعامَل مع تجاربك بعقل متفتح, بحيث يكون لديك الاعتقاد بأن الإمكانيات والحلول في متناول اليد دائمًا ، وبأنك جاهزًا للتعامل مع أي تَحَدِّ.
ولكن في البيئة الاقتصادية الحالية، لا يمكن لأحد أن يتحمل عدم الابتكار، خاصة في ضوء الميزانيات الضئيلة سواء في الأسرة، أو الشركات، قد تضطر إلى أن تكون مبدعًا للبقاء على قيد الحياة الآن.
ابدأ في العيش بطريقة إبداعية وجني الثمار, يقول العالم المعرفي آرت ماركمان: "كل يوم ، نستخدم لغة للتحدث بِجُمَل لم يَتم التحدث بها مِن قَبْل، نعبر عن أفكار لم يتم التعبير عنها أبدًا, كل هذا متأصل بعمق لدرجة أننا لا نلاحظ مدى إبداعنا".
أي شيء نقوم به يمكن معالجته بطريقة إبداعية، من أقل الأعمال إلى الهوايات الشخصية إلى العمل، إلى التفاصيل الصغيرة في حياة كل يوم."