القاهرة 25 يونيو 2019 الساعة 11:45 ص
كتبت: د. هـنـاء زيــادة
شهدت صناعة وتطوير الإنسان الآلى أو الروبوت تطوراً غير مسبوق على مدار العقدين الماضيين، وفي ظل التقدم التكنولوجى فى مختلف القطاعات، فقد تم الاستعانة بالروبوتات للقيام بالعديد من المهام، وقد خرجت إحصائيات رسمية عن المنتدى الاقتصادى العالمى تتوقع أن يتسبب الروبوت فى فقدان 7 ملايين وظيفة للبشر حول العالم بحلول عام 2020، كما أكد تقرير صادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للاقتصاد والتنمية، على أن الروبوتات قادرة على القيام بثلثى الوظائف فى الدول النامية، وهو ما يهدد مستقبل التوظيف فى الكثير من البلدان.
قديما كنا نعتقد أن العنصر البشرى يقوم بانتاج بعض الصناعات التى لا ولن يستطيع أن ينتجها الروبوت مثل الصناعات اليدوية والزخارف وما يتعلق بالفنون الابداعية، وبالتالى لن يكون هناك منافسة بين البشر والآلة فى مثل هذه الصناعات، لكن مع التطور التكنولوجي لم يقتصر وجود الروبوتات في حياة البشر على المجالات الصناعية والانتاجية، بل تطور الأمر ليصل إلى مجالات الفنون والآداب، إذ تشهد بريطانيا خلال الأيام المقبلة أول معرض فني تشكيلي من نوعه في العالم، وهو معرض الفنانة التشكيلية الآلية "أيدا"، وهى أول روبوت فنان في هيئة إنسان وتعمل بالذكاء الصناعي في العالم.
ترسم "أيدا" بالنظر بفضل كاميرات في مقلة العين، وخوارزميات للذكاء الاصطناعي، طورها علماء بجامعة أوكسفورد تساعدها على إرسال إحداثيات لذراعها لإبداع أعمال فنية، وتتعرف الكاميرات الموجودة في الروبوت على الملامح البشرية وتتمكن أيضا من التواصل البصري وتتبع الأشخاص ببصرها وتقليد من يقف أمامها بفتح أو غلق فمها. وإذا اقترب شخص منها بدرجة كبيرة فإنها ترجع إلى الوراء وهي تطرف بعينيها تعبيرا عن الشعور بالصدمة. وستزين رسومات "أيدا" وأعمالها النحتية جدران المعرض الفني الذي سيمتد من 12 يونيو الجاري إلى 6 يوليو المقبل في بارن غاليري بكلية سانت جونز التابعة لجامعة كمبردج في إنجلترا، ومن بين القطع المعروضة 8 رسومات و20 لوحة و4 أعمال نحتية وغيرها.
مخترع الروبوت "أيدا" هو البريطاني "إيدن ميلر"، وقد قام بتسمية "أيدا" بهذا الاسم نسبة إلى عالمة الرياضيات والرائدة البريطانية في مجال الكمبيوتر "آدا لوفليس"، وهو يعتبر أن "أيدا" تقدم صوتا جديدا لعالم الفن، مضيفاً أن "الصوت التكنولوجي هو الشيء المهم الذي يستحق التركيز عليه لأنه يؤثر في الجميع، ولدينا رسالة واضحة للغاية نود أن نستكشفها، وهي استخدام وإساءة استخدام الذكاء الاصطناعي اليوم، لأن العقد الحالي يشهد تحولا كبيرا ونحن قلقون بشأن ذلك ونريد أن نضع الاعتبارات الأخلاقية في كل ذلك"، تقوم "أيدا" بالرسم فقط ألان، ويأمل مصنعوها في أن يتم تطوير تكنولوجيا حديثة تجعلها تقوم بالتلوين.
وقد سبق وأن استعان الفنان الأمريكي "بارنبي فيرنس" بروبوت مخصص للطباعة الرقمية، يستخدم تقنيات في الرسم كانت مستحيلة من قبل أو تحتاج الكثير من العمل، وقد استخدم بارنبي لمساعدته في رسم لوحات تم بيعها بأكثر من 100 ألف دولار في معارض نيويورك الفنية، فقد تمكن الروبوت "سوزو" أو الخيال باللغة اليابانية، من رسم تفاصيل دقيقة على خطوط يقل سمكها عن سمك أحد رموش العين، وقد قام الروبوت برسم علامات على النسيج بموجب تعليمات الفنان، الذي يتواصل معه عن طريق نظام تتبع بصري ملحق بعصاة تشبه فرشاة الرسم.
مع دخول الروبوتات إلى عالم الفنون، ترى كيف سيكون شكل المنافسة بينها وبين الفنانين البشريين؟، فعادة ما ارتبط مفهوم المنافسة لدينا بمحاولة الفنان بأن يبدع ويخرج أفضل ما لديه في عمله الفني ليتفوق على أقرانه، ولكن أن ترتبط المنافسة بين الإنسان والآلة التى طوعتها التكنولوجيا لتتصرف وتفكر وترسم مثل البشر، فهنا سيحتاج البشر إلى إعادة صياغة اعتبارات جديدة للمنافسة، مع وضع معايير آخرى للحكم على الأعمال الفنية، كما يجب أن يتم إعادة قراءة المستقبل فى ضوء هذه المتغيرات الجديدة التي تشهدها حياتنا بسرعة رهيبة.