القاهرة 11 يونيو 2019 الساعة 11:39 ص
كتبت: د. هـنـاء زيــادة
مع اقتراب استضافة مصر للحدث الكروي الإفريقي الأكبر، كأس الأمم الأفريقية لكرة القدم، والتي ستقام في الفترة الواقعة بين 21 يونيو الجاري و19 يوليو المقبل، وقد تأهل إلى النهائيات 24 فريقا للمرة الأولى في تاريخ المونديال الأفريقي بعد زيادة عددهم مؤخرا، إذ كانت المنافسات السابقة تقام بمشاركة 16 منتخبا فقط، وقد تم الكشف مؤخرا عن التميمة الخاصة بالبطولة، والتي تعكس حضارة مصر القديمة وارتباطها بالعمق الأفريقي، لما تحتويه من رموز معبرة عن حضارة الفراعنة والعمق التاريخي لها.
فقد اتخذت التميمة هيئة الملك المصري "توت عنخ آمون"، وارتدت زيا فرعونيا مع قميص أحمر يرمز للقميص الرئيسي للمنتخب المصري، وعليه خريطة القارة السمراء، وأطلق على التميمة اسم "توت"، حيث يرمز القناع الذهبي والاسم الخاص بالتميمة إلى الحضارة المصرية الفرعونية القديمة، التي تمتد لآلاف السنوات، ولا تزال الدول تحتفي بها وبشموخها الدائم ، ومازال العالم حتى الآن يجري العديد من الدراسات والأبحاث لسبر أغوار هذه الحضارة الضاربة في أعماق التاريخ.
صورة خريطة القارة السمراء الموضوعة على صدر قميص "توت" تشكل رسالة إلى كل دول أفريقيا بأنها في قلب مصر، وقد كان لاختيار "توت" كاسم للتميمة دلالة أيضا، فهو يشير إلى الملك الشاب "توت عنخ آمون"، صاحب واحدة من أعظم المقابر الفرعونية المكتشفة، ومما زاد من شهرة هذا الفرعون الشاب هو اللغز الذي أحاط بظروف وفاته، إذ اعتبر الكثيرون وفاة فرعون في سن مبكرة أمرًا غير طبيعي وخاصة مع وجود آثار لكسور في عظمي الفخذ والجمجمة، وزواج وزيره من أرملته من بعد وفاته وتنصيب نفسه فرعونًا، هذا إلى جانب الاستعمال الكثيف لأسطورة لعنة الفراعنة المرتبطة بمقبرة "توت عنخ أمون" في الكثير من الأفلام وألعاب الفيديو، كل هذه الأمور جعلت من "توت عنخ آمون" أشهر الفراعنة لألغاز وأسئلة لا تزال بلا جواب، وجعلت من شهرته بلا حدود.
ورغم الفترة القصيرة التي قضاها "توت عنخ آمون" في الحكم، إلا أن اسمه قد خلده التاريخ، حيث عاش "توت عنخ آمون" في فترة انتقالية في تاريخ مصر القديمة حيث أتى بعد أخناتون الذي حاول توحيد آلهة مصر القديمة في شكل الإله الواحد الأحد، وتم في عهده العودة إلى عبادة آلهة مصر القديمة المتعددة، ومع اقتراب 100 عام على اكتشاف مقبرة الملك "توت عنخ آمون" الذي يعد أهم الاكتشافات الأثرية في القرن الـ20 بالبر الغربي بمدينة الأقصر، أطلقت مصر تميمة "توت" ذات الطابع الفرعوني الخاص رمزا لحضارتها الأقدم في التاريخ، كما تم تنظيم حفل سحب قرعة كأس الأمم الأفريقية تحت سفح الأهرامات بحضور ممثلي المنتخبات الـ24 المشاركة، لتكون البطولة برمتها خير داعٍ ومروج لمصر وحضارتها في الدول الأفريقية على وجه الخصوص وفي العالم كله.
وتكمن أهمية مجموعة الملك "توت عنخ آمون" إلى العديد من الأسباب، أهمها أنها أكمل كنز ملكي عُثر عليه ولا نظير له، إذ يتكون من 358 قطعة تشمل القناع الذهبي الرائع و3 توابيت على هيئة الإنسان، أحدها من الذهب الخالص والآخران من خشب مذهب، كما ان الأمتعة الموجودة ترجع إلى الأسرة الثامنة عشر وهى أزهى عصور الدولة الحديثة حيث انفتحت البلاد على أقاليم الشرق الأدنى القديم بفضل الحملات العسكرية والعلاقات التجارية من تصدير واستيراد للموارد والمنتجات المصنعة، كما تشمل أيضا مجموعة من أثاث مكتمل وأدوات ومعدات حربية، وتماثيل ونقوش تتعلق بدفن الملك وما يؤدى له من شعائر، وبوق توت عنخ آمون الشهير المصنوع من الفضة وآخر من النحاس، بالإضافة إلى كرسي العرش الوحيد الذي وصل لنا من حضارة المصريين القدماء.
وتذكرنا تميمة "توت" بالتميمة التي كانت شاهدة على كأس العالم 1970 والذي نظمته المكسيك، وأطلق عليها "خوانيتو"، وكانت تشبه طفلا يحمل ملامح تشبه السكان الأصليين، مرتديا القبعة المكسيكية، وكذلك بطولة كأس العالم 1974 والتي أقيمت في ألمانيا الغربية، وكانت التميمة عبارة عن طفلين "تيب وتاب"، وظهر أحدهما بملامح شقراء، وأطول بعض الشيء من قرينه ذي الشعر الأسود والجسم الصغير، وفي مونديال 1978 في الأرجنتين كانت تميمة "جوشيتو"، وهي عبارة عن طفل يرتدي طاقم منتخب الأرجنتين مع كلمة "أرجنتينا" ورقم 78 على قبعته الذي يرمز إلى عام إقامة البطولة.