القاهرة 21 مايو 2019 الساعة 02:28 م
كتبت: سماح عبدالسلام
"إبحار، حب وشوك، الفقاعات، المفكر، الغطس، رجل الهاى تاتش"عناوين لبعض الأعمال التى تضمنها معرض "نفاذية الشكل" الذي أقُيم بقاعةالزمالك مؤخرا للنحات ناثان دوس والذى يواصل فيه تعظيم الفراغ عبر نوافذ عديدةسواء على مستوى شكل التمثال الخارجى أو الداخلى.
يركز ناثان على هذه الرؤية من منطلق إيمانه بأن التمثال هو ذاته منذ آلافالسنين، ورثناه من الحضارة دائما مغلق يصنع حركة ما بنماذج مختلفة, ومن ثم عليناأن نتعامل معه بمنطق التحديث؛ فإذا كان التمثال مغلق إلا أن هناك حلول عديدةللتغير منها إمكانية أن يكون مفرغ لنرى ما بداخله، أو نتخلص من القاعدة ونجعلهطائرا، أو نلقيه فى الفراغ ونرى ماذا ستفعل الكتلة، أو نغير منطقية الرؤية، أوندور ونعظم قيمة الظل فنرى أبعاداً اخرى لأنه لم يُعد هناك طبقة واحدة, فالظلوالفراغ والضوء هم ما يشغلون ناثان الباحث فى الفراغ الداخلى والخارجى للتمثال,وهو ما يمنحه الفرصة لجعل أشخاصه ورموزه وإسقاطاته معلقة فى الفراغ.
وكعادته قام بعنونة الأعمالعن قصدية تامة وفكرة أراد التعبير عنها للمتلقى العادى والمتخصص، حيث يتعامل معهاباعتبارها أيقون بصرى وأبجدى, تلك هى القصدية التى خرجت التمثال والفكرة التى أنتجهابأعمال استنطقها برؤاه وفلسفته المستقاة من الطبيعة والدين وثقافته.
ومع تتبع بعض عناوينه نجدها قدحملت إسقاطات على الواقع بمختلف الأطُر،فالفنان ابن مجتمعه وإن لم يكن كذلك ستفشل أعماله فى الوصول للمتلقى. ونذكر هناتمثال "إبحار" فالقصدية ليست الإبحار كهجرة ولكن المقصود هو الإبحار الفكرى،البطل شخص جالس مستكين يحمل اللون الأخضر وكأن الطحالب عششت عليه ومنطقة المكعبالتى بها المياه ومركب من الورق هى المضيئة, فهذا الشخص يمتلك فكرة إبداعية أومشروع ما ولكن كل الأشياء التى اتخذها صوب هدفه هى أشياء بسيطة, فى حين أن هناكشخص آخر سوف يتحرك خطوة ثانية بجديه تامة. نحن إذن إزاء شخصين أحداهما كسول والآخرإيجابى يتعامل مع فكرته التى تكبر فى حالة ابداعية، هى رسالة إذن للسعى بدأب خلفالهدف المراد.
وفى "حب وشوك" العمل المستوحى من نبات التين الشوكى، وهيثاني تجربة للفنان على هذا النبات, حاول أن يخلق منها شخص كامل فى حالة نباتية,وضمنيا الحياة حب وشوك!.
أما فى عمله المعنون بـ"الفقاعات" فقد راقب فقاعات الصابونوالمنظفات ونحت الفواصل البينية بينها سعيا للوصول لخطوط جديدة, لم يكن مهمومابالشخص ولم تكن معركته مع التمثال ولكن مع فكرة وتطوير الشكل.
بينما فى تمثالي "الآخر" واللذين حملا لونين مختلفين ينشدالفنان فكرة تقبل الآخر، الكتلتين متشابهتان ولكن الاختلاف فى الثقافة, فالآخر منيوأنا منه وكما قال سارتر: الآخر نعيما آخر وليس جحيم. وفى تمثال "المسيحالنافذة"، نجد منطقة الضلوع تحللت لتبدو كنافذة, وكأن موته على الصليب أحدثنافذة للخلاص وطريق نور.
وفى "خوف الهروب من القالب" دعوة للتمرد على الثبات والإطارالمحدد، إذ أنه خلال سيرورتنا الإبداعية نشكل لأنفسنا قوالب صعب أن نخرج منها,نخاف أن نخرج ونكسر القالب, هناك من يخشى التجديد والجرأة حتى لا يخسر النموذجالذى عرف به أو أصبح اقتنائه أمر محتوم, فنجد أنفسنا فى قوالب لا نستطيع تحطيمها.
وفيما يتعلق بتلوين الأعمال نلحظ أن اللون فى هذه التجربة خارج منمحتوى العمل، عندما قدم شخصا ترسبت عليه الطالحب نجد اللون الأخضر، وعندما قالالفكرة نور نجد حالة المعدن الذهبية البراقة، وفى تمثال حب وشوك وسط الألم وضعزهرتين بالأحمر والأصفر، اللون حاضر فى العيش والمعيشة حيث الرغيف المتوهج فىالشمس.. وفى الآخر المحتوى بالكاليجرافى تمثالين العربى بلون داكن واللاتينى بلونفاتح.