القاهرة 17 مايو 2019 الساعة 11:06 م
محمد علي
كيف عالجت السينما الإرهاب؟ كيف هي صورة العربي والمسلم في السينما العالمية؟ كيف عالجت السينما العربية الإرهاب ؟ كيف قدمت صورة الإرهابيين؟ هذه الأسئلة الهامة تطرحها مجلة"ذوات" الإلكترونية الثقافية التي تصدرها مؤسسة"مؤمنون بلا حدود" وترأس تحريرها الكاتبة الصحفية المغربية سعيد شريف.
لا شك أن المشهد السينمائي العربي تعزز في السنوات الأخيرة بعدد كبير من الأفلام السينمائية، التي تناولت قضيتي "التطرف والإرهاب"، اللتين تقضان مضجع المجتمعات العربية الإسلامية، بما تخلفانه من دمار نفسي واجتماعي، ومسٍّ بالدين الإسلامي، الذي أصبحت تكال له العديد من التهم بسبب التنظيمات الإسلامية الإرهابية التي تقتل باسم الدين، وتعطي "الشرعية الدينية" لأعمالها الدموية التي صارت تستهدف الكل، حتى المسلمين وفي عقر ديارهم، هذا على الرغم من أن الدين الإسلامي السمح يدعو إلى السلم، ولا يبيح قتل النفس بغير حق. وبهذا الشكل، لم يعد "العربي المسلم" حكرا على الأفلام الأمريكية، التي سبق وقدمته هوليوود في أبشع صوره، حيث "أظهرت المسلم في الغالب كإرهابي، وقاتل، وجاهل، ومتطرف دينياً، وشهواني يسيء معاملة النساء، وشرس محب للدماء"، وهي الصورة التي ازدادت بشاعة وقتامة بعد أحداث 11 من سبتمبر (أيلول) 2001، بل قدمت السينما العربية، وخاصة المصرية منها منذ أواخر ثمانينيات القرن الماضي، مجموعة من الأفلام التي تناولت موضوع الإرهاب، وذلك خلال الفترة التي عانت فيها مصر من هجمات إرهابية، كما قدمت السينما الجزائرية أيضا أفلاما تؤرخ لـ "العشرية السوداء"، التي عانت منها الجزائر بسبب صراع الإسلاميين مع الدولة، وراح ضحيتها العديد من الأبرياء، ولكن تلك الأفلام في مجملها لم تخرج عن تلك الصورة النمطية المسطحة التي قدمت "الإرهابي المسلم"، حيث لم يتم الابتعاد عن التبسيط والشيطنة، والبحث عن الجذور الاجتماعية والسياسية للتطرف، إلا من قبل بعض الأفلام التي أتت فيما بعد، خاصة بعد توالي الهجمات الإرهابية على العديد من المناطق العربية والغربية، وظهور العديد من التنظيمات الإسلامية إلى العلن كـ "القاعدة" و"داعش". وعلى الرغم من جرأة العديد من الأفلام العربية، وطرحها لقضية الإرهاب في الأعمال السينمائية، إلا أن التناول الفني والموضوعاتي فيها يتباين من فيلم لآخر، حسب رؤية المبدعين السينمائيين العرب لشخصية الإرهابي، لكنها في المجمل يمكن تقسيمها، كما يقول الباحث المغربي سمير عزمي، إلى ثلاثة نماذج: "نموذج يسعى إلى شيطنة الإرهابي وإظهاره ككائن غريب وشاذ من داخل بناء اجتماعي وسياسي متسم بالتماسك والتكامل؛ حيث العيب الوحيد هو فيروس الإرهاب، ونموذج ثان، حاول أن يقدم خطابا يربط الظاهرة بخلفياتها وأبعادها الاجتماعية والسياسية، بعيدا عن التخوين والشيطنة والتبسيط. ثم نموذج ثالث، تميز بالعمل على مقاربة الظاهرة متوسلا بلغة سينمائية رفيعة، لا تهتم بالتأليب والتحريض بقدر ما تدفع إلى التفكير وطرح الأسئلة الموجعة". وبمجرد الاطلاع على الفيلموغرافيا العربية، أو ما يصطلح عليه بـ "سينما الإرهاب"، يتبين أن الاختلافات التي تعرفها، لا تعكس فقط تنوع الرؤى السينمائية للمبدعين العرب، بل تعكس تعدد الرهانات والخلفيات التي تحكمت في إنتاج هذه الأعمال الفنية، والتي تقف وراءها شركات تخضع لسياسات معينة، قد تخدم قضية محاربة الإرهاب، التي أصبحت ضرورة ملحة اليوم، كما يقول الناقد وليد سيف، الذي يؤكد على ضرورة صناعة أفلام تواجه الإرهاب والتطرف، شرط أن تكون غير مباشرة، ولكنها لن تخدم فنيا السينما، إذا ما سقطت في المباشرية، لأن "المباشرية ضد الفن، وفكرة التلقين عن طريق الفن عادة ما يكون أثرها عكسيا، نحن بحاجة إلى موجة من هذه الأفلام بأساليب متنوعة، وبتناول عميق للقضية وأسبابها وجذورها الحقيقية، خاصة وأن للفن دورا قويا نحتاجه بشدة في الفترة الحالية والمقبلة، لكن من خلال منظومة متكاملة"?.????????????????????????????????????? لتسليط الضوء على هذه الإنتاجات السينمائية العربية وما تطرحه من إشكالات في تناولها لسؤالي التطرف والإرهاب، خصصت مجلة "ذوات" الثقافية العربية الإلكترونية الشهرية، ملف عددها (55) لهذا الموضوع، وفق مجموعة من المحاور والأسئلة: كيف عالجت السينما العربية قضايا الإرهاب والتطرف؟ وما الأرضيات التي استندت عليها لبناء شخوصها؟ وهل تختلف أساليب تصوير الأفلام المرتبطة بالتطرف والإرهاب عن الأفلام السينمائية الأخرى؟ وما سمات الشخصيات الجهادية في الأفلام المكرسة للتطرف والإرهاب؟ وإلى أي حد تستطيع السينما احتواء الفكر العقدي المُوَلِّد للإرهاب؟ وكيف لها أن تنشر الوعي المضاد له؟ وهل راكمت السينما العربية فيلموغرافيا مهمة خاصة بالموضوع؟ وبهذا جاء ملف العدد (55) من مجلة "ذوات" معنونا بـ: "السينما العربية في مواجهة التطرّف والإرهاب"، الذي أعده الكاتب والناقد الفني المغربي محمد اشويكة، متضمنا لمقال تقديمي له بعنوان: "صورة الإرهابي: من الواقع إلى الشاشة"، وأربع دراسات لباحثين ونقاد سينمائيين عرب، هم: الباحث المغربي سمير عزمي، الذي ساهم بمقال يحمل عنوان: "صورة الإرهابي في السينما العربية"، والكاتب والناقد السينمائي الجزائري عبد الكريم قادري بمقال عنوانه: "بناء الشخصية المتطرّفة ومرجعياتها في السينما العربية الحديثة (قراءة في نماذج)"، والدكتورة والناقدة السينمائية المصرية أمل الجمل بمقال يحمل عنوان: "التطرف الديني في السينما المصرية: أين القضية من الإرهاب؟"، ثم الناقد السينمائي الأردني ناجح حسن بمساهمة تحت عنوان: "الإرهاب في مرآة السينما الأردنية، أساليب متباينة في الاشتغال على تحولات الواقع والمتن الدرامي". أما حوار الملف، فهو مع الدكتور والباحث والناقد السينمائي المغربي مولاي إدريس جعيدي، أحد أهم الأصوات النقدية في العالم العربي، الذي سيسمح بتكوين فكرة شاملة عما يمكن للسينما أن تقدمه من أفكار وأفلام حول ظاهرة الإرهاب والتطرف. وبالإضافة إلى الملف، يتضمن العدد (55) من مجلة "ذوات" أبوابا أخرى، منها باب "رأي ذوات"، ويضم ثلاثة مقالات: "الإرهاب وتشغيل الفرجة" للباحث التونسي حاتم التليلي محمودي، و"السّينما العربية ورهان الوحدة القومية" للباحث المغربي محمد الإدريسي، و"الخطاب الدِّيني بين التجديد والتّشديد!" للكاتب العراقي بشير الكبيسي؛ ويشتمل باب "ثقافة وفنون" على مقالين: الأول للكاتب والجامعي المغربي د. العربي وافي بعنوان: "إعادة جدولة الحبّ: قراءة في رواية ربيعة ريحان "طريق الغرام""، والثاني للكاتبة والناقدة السورية نبيلة علي، بعنوان: "فلسفة الشخصية والمكان في رواية "وجوه لتمثال زائف" للروائي حسين السكاف". ويقدم باب "حوار ذوات"، لقاء مع الأكاديمي المغربي، الدكتور عمر الإبوركي المتخصص في علم الاجتماع، الذي يتحدث عن العنف والتنشئة الاجتماعية، ويرى أن العنف والتطرف والدين أسلحة الشّباب العربي لمواجهة النظام الرّأسمالي الجديد. الحوار من إنجاز الباحثة المغربية في علم الاجتماع أمينة زوجي. أما "بورتريه ذوات" لهذا العدد، فقد خصصناه للمخرج السينمائي التونسي النوري بوزيد، الذي يعد من أبرز أعلام السينما التونسية، والذي خصص جزءا مهما من أفلامه لتناول قضيتي الإرهاب والتطرف، وأعطى الكلمة للإسلاميين المتطرفين في أفلامه، وكان أول مخرج تونسي يناقش قضية الإرهاب سينمائياً. البورتريه تحت عنوان: "المخرج النوري بوزيد.. كاميرا جريئة تحلم بشمس حقيقية" بقلم الكاتب والإعلامي التونسي عيسى جابلي. وفي باب "سؤال ذوات"، يستقرئ الإعلامي المغربي نزار الفراوي، آراء مجموعة من النقاد والمخرجين السينمائيين العرب حول أسئلة تتعلق بكيفية مقاربة السينما العربية لسؤالي التطرف والإرهاب: كيف حفرت الظاهرة الإرهابية مكانها في خانة التيمات السينمائية في المشهد العربي؟ وهل يتعلق الأمر بموجة ركب عليها السينمائيون العرب لتسجيل موقفهم تجاه الحدث وربح رهان ما على مستوى الانتشار والتلقّي؟ كيف تنوعت الأساليب والتجارب بحسب البلدان والمخرجين أيضا في مقاربة الموضوع؟ هل جاء التركيز على الموضوع على حساب تحقيق الجودة الفنية على مستوى الجماليات التعبيرية التي تصنع تميز العمل السينمائي وخلوده؟، وفي "باب تربية وتعليم" يتناول الأكاديمي المغربي المهتم بقضايا التربية والتعليم الدكتور أحمد سوالم، موضوعا وسمه بـ: "من أجل تعليم فعّال للطفل المتوحد"، فيما يقدم الباحث المصري الدكتور محمود كيشانه، قراءة في كتاب "تأسيس الغرب الإسلامي" لهشام جعيط، وذلك في باب كتب، والذي يتضمن أيضاً تقديماً لبعض الإصدارات الجديدة لمؤسسة "مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث"، إضافة إلى لغة الأرقام، المخصصة لأحدث تقرير عن مؤشر حرية الصحافة لعام 2019 لمنظمة "مراسلون بلا حدود".