القاهرة 30 ابريل 2019 الساعة 12:42 م
كتبت: إنجي عبد المنعم
قدم الفنان التشكيلى أحمد صابر أعمال فنية تحمل فكراً وفلسفةً متباينة ومثيرة للمتلقي، ودائما يسعى إلى الجديد لإظهار ماهية الأمور المحيطة بنا، باحثا عن الجمال، وهو ما تحقق فى معرضه "تياترو"، الذى أقامه بقاعة سفر خان بالزمالك.
التقت «مصر المحروسة» بالفنان التشكيلي أحمد صابر، وعن معرضه "تياترو" قال: "لقد اكتشفت أنها مسرح كبير جدًا ..! نوع آخر من أنواع المسرح، قد يكون الحديث فيه ملتبسًا مبهمًا، وربما سرياليًا؛ يشوبه الغموض وسوء الفهم، “فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان”، فمن منا يستطيع العيش بلا خبز وحرية ..!".
مستكملا فنحن نمثّل كي نعيش ونصل إلى ما نريد، كي نخفي عوراتنا وعيوبنا، ونكون أجمل، مقبولين للآخرين. قد تكون غريزة البقاء وإثبات الوجود في الحياة هي من تدفعنا لذلك ، فهي مسرح واقعي جدا ، فيه الميلاد والحياة والموت ، يتخللها الفرح والسعادة والحب والأمل وأيضا الألم والشقاء والخوف والتعب والضيق والكره والبغض ....
ففي المسرح والحياة دلالات متشابهة كثيرة كالأبطال والكومبارس والأبطال الثانويين بل والمهمشين والديكورات، حتى ستارة المسرح التي تفتح بالبداية وتغلق في النهاية، وتلك حقيقة من حقائق الحياة، فلكل شيء بداية ونهاية، لتفتح من جديد على مسرحية جديدة، فهناك ولادة يليها موت وجيل ينفي الآخر، أما البشر في الحياة رجالاً ونساء، فهم لاعبون قد يكونون جيدين مهرة ، أو يكونون فاشلين رديئين.
ويؤكد صابر أن أعماله الفنية في هذه المرحلة هي إسقاط ميتافيزيقي على الواقع بكل ما فيه من رمزيات ودلالات تعبر عن عادات وتقاليد عاشت فينا، ويشير أيضا أنها تعكس مقولة "وليم شكسبير" برؤية تعطي شكل الحكاية الأسطورية للوحة.
ومن الملفت للنظر في أعماله تناوله لعنصري "السمكة" فهي رمز التكاثر، والخير والعيش والرغد والخصوبة، ورمز للتجديد والأدلة في الميثولوجيا، ففي الأساطير العربية والحضارات السامية وفي المعتقدات الدينية السماوية دليل على البعث.
وكذلك "القط" الذي يمثل مرونة الجسد ورشاقة الحركة، كما أنه كائن ارتبط بالسحر وصمت الليل، وسكون الخطى مثل الموت متلصص ومتربص مثل القدر، بالإضافة إلى فاكهة "الرمان" التي وردت في الدين الإسلامي في عدة مواضع وهي من فواكه الجنة، ويمكن المقاربة بين رمزية فاكهة "الرمان" مع رمزية فاكهة "التفاح" والتي ترمز إلى الغواية والمعرفة، وبوابة للحب والحرب. فهي"الخطيئة الأولى" تلك التي أخرجت الانسان من جنة عدن إلى عالم مليء بالشر والمؤامرات ؛ فمفردة الرمان تعني باللغة اللاتينية "تفاحة تحتوي على العديد من البذور". و "الديك" يرمز إلى النشاط واليقظة، "والجمل" وهو رمز للصبر وإشارة إلى أقدم وسيلة للسفر. و"السلحفاة"وهي رمزية توحدت بها السماء والأرض معًا، لذا كان من الطبيعي أن تستخدم في العرافة ؛ فهي إبداع الطبيعة التي تحمل قوقعتها المستديرة، كالسماء، فوق الأرض التي يمثلها القسم السفلي من جسمها المسطح كسطح الأرض ؛ ولم يكن المسيحيون الأوائل يحبون السلاحف، وكانوا يرونها رمز للقوى الشريرة خاصة في زمن الحروب. ويضرب بها المثل في طول العمر في الفن الشعبي. فقد حرصت علي استحدم الرموز الميتافيزيقية المتمثلة في الزخارف والتفاصيل والعناصر المرتبطة بمعتقدات موروثة .
واختتم صابر حديثه بمقولة الفنان الكبير "حامد ندا" (1924م.: 1990م.) :
"أنا عنيت بالغوص إلى ما تحت الواقع وما في نفوس الأحياء من رواسب".