القاهرة 09 ابريل 2019 الساعة 01:27 م
حوار| إنجي عبد المنعم
استعرضت الفنانة التشكيلية إيمان الدمك من خلال معرضها الشخصي والذي حمل عنوان «وجدان»، الذي أقيم بالقاعة الموسيقية في ساحة دار الأوبرا المصرية، تجربة ممتدة لما بدأتها منذ البداية في مجال الجرافيك والرسم بخامات مختلفة، منها: الأكريليك والألوان المائية والأحبار.
ضم المعرض ما يقرب من 30 عملا فنيا، حيث تطرقت الفنانة في لوحاتها معبرة عن حالة صراع دائم بين المشاعر الحزينة والمبهجة بين القلق والأمل.
ومن ثم التقت <<مصر المحروسة>> الفنانة وكان معها هذا الحوار..
* "وجدان".. عنوان معرضك الجديد فما الذى أردت التعبير عنه؟
أردت أن أعبر عن مشاعري وخواطري وأحلامي، وأعلو بها عن سخف الواقع إلى آفاق الفن الذي يتجاوز لغة الواقع المرئي إلى المحسوس، والتعبير عن رصيد كبير من الذكريات الوجدانية والبصرية، وأعبر عنها بألواني التي أعشقها والتى تحمل الدفء الذى حمل معه سيل من المشاعر الصادقة محملة قدرا كبيرا من الحب، فأنا حقا أحمل قلبا لا يعطي إلا الحب ..حتى لمن خذلوني.
* ما هو الاتجاه الفني الذى تتبعينه فى أعمالك الفنية؟
اتجاه وجدتنى أرنو إليه أثناء صياغتي للوحاتي دون تفكير مسبق ..وهو التجريد الموسيقي؛ وفي اعتقادى أنها تحمل إيحاءات تعبيرية عالية، وتحمل قدرا من الحورات بالغة الرقي تتخطى المباشر، ولغة جديدة وهى لغة الوجدان الذى يتحدث مباشرة دونما تقيد بموضوع محدد يقيد من انفعالاته، ويساعد قارىء العمل أن يرى بقلبه ويتوحد معي فى مشاعر يملؤها الود والحب والاحترام لكل ما هو إنساني يرى ويشعر بموسيقى اللون الأزرق والأصفر والأحمر؛ فكثيرا ما عزفت بهم أغلب اللوحات محاولة القفز من خلالهم نحو عالم مجهول.
* متى بدأت مسيرتك الفنية .. حدثينا عن بداياتك مع الفن؟
من أول يوم لي فى المدرسة من حسن حظي كان لدي حصة رسم فوجدتنى اندهش من شكل المدرس وهو يرسم لوحة كبيرة وحوله فرشاته وألوانه،؛ فوجدتني أرسمه، والغريب أنها كانت لوحة ذو قيمة أذهلت كل المدرسين حين مشاهدتها، ثم قمت برسم باقي المدرسين أثناء انشغالهم بالكتابة على السبورة، وحينما كبرت كنت أرسم اللوحات التى ستزين مكتب مديرة المدرسة وهذا الأمر كان يسعدني كثيرا لإنه لم يتح لأحد من الطلاب أن يقوم به إلا أنا، فكان يكبر حلمي بدخول كلية الفنون الجميلة، حتى تحقق الحلم.
* هل لك ثيمة محددة للعمل عليها في تجربتك الفنية؟
دون تقليل من شأن أحد، لكن فى اعتقادي الشخصي ومن خلال خبرتي البحثية أرى أن الثيمة تقلل من الإبداع الحقيقي للفنان بتقييده في أطر محددة، وتحد من التعبير عن مشاعره كما هى بكل ما يحمله من انفعالات وجدانية من قوة وليونة وتدفق.
* كيف تواجهِين المسطح الأبيض؟
أحيانا أحادثها حتى تلين لي وتتجاوب معى وتنشأ بيننا علاقة حب جميلة؛ فتتدفق الرؤى بداخلي، كما تتلقاها هى بصدر رحب وتحتضنها بداخلها وتظهرها أجمل مما أتخيل، ولكن أحيانا تثور علي وتتحداني مهما حاولت أن أرضيها؛ فأجدني أتركها لفترة وأعود إليها مرة أخرى فإما تلين أو تظل معاندة.
* الدمك، ولوحاتها .. هل هناك ثمة علاقة معينة بينكم؟
لوحاتى جزء مني، هى العالم الذى يأخذني من سخف الواقع إلى عالم آخر.. خاص بي أنسج من خلاله كل أحلامى وأمنياتى وحتى آلامي وأحزاني، أسافر معها أينما شئت وقتما شئت، هي الحقيقة الوحيدة فى حياتي، حينما أرسم أكون أنا بوجهى الحقيقى ومشاعري، الحقيقة لست مضطرة لأى شيء لا يرضينى كما فى الواقع المزيف؛ فلكل عمل فني بناء شكلي و كيان إنشائي يتعلق بكيفية صياغة المفردات والعناصر داخل مسطح العمل وعلاقاتها، سواء متجاورة أو متراكبة، فالعمل يتكون من مجموعة من العناصر تتحد معًا لتكون وحدة العمل واتزانه وإيقاعه، وذلك من خلال كيان متكامل هو الكيان الإنشائي يختلف من فنان لآخر ومن وقت لآخر.
* يسعى كل فنان أن يقدم رسالة.. فما هي رسالتك؟
لا أجد أسمى من الحب والسلام الداخلي والتصالح مع الذات، وبالتالي بنشر الرقي والتسامح ويعم الرخاء فهي مبادىء ديننا الحنيف بل وكل الأديان السماوية السمحة ..
الإبداع هو أمل الحالمين فى رسم طريقهم نحو مستقبل خالي من الهزائم، طريقهم إلى عالم مثالي، الإبداع هو مفتاح نهوض الأمم، هو ثورة العقل المفكر بطرق متمردة نحو تحقيق ما لم يتوقعه أحد من التطور والتقدم والرقى.
* أتت بالتة ألوانك في معرضك الأخير بألوان ساخنة.. فهل هي طبيعة ألوانك أم الموضوع فرض هذه الألوان؟
أعزف الصورة التى أبدأها غالباً بتدفقات وجدانية بمشاعر فياضة تترجم لمساحات لونية متداخلة بين الأزرق والأحمر المتوهج والأخضر المنير والبرتقالى الدافىء .. وهذه الدرجات اللونية أستلهمتها من البيئة المحيطة بي فى بلدى القناطر الخيرية خلال مواقيت زمنية متفاوتة وفى مراحل عمرية مختلفة؛ فتحولت إلى مخزون بصري يعيدني إلى مشاعر من فترات لها مزاق خاص في حياتي منذ الصباح بضي الندى حتى المساء المشبع بحمرة الشفق، حينما كنت أقف في شرفتي الصغيرة مع والدتي أنظر إليها فى دهشة أردد سبحان الخلاق العظيم.
* من هم الفنانين الذين أثروا في تكوينك كفنانة؟
أساتذتي فى كلية الفنون الجميلة أكن لهم بداخلي حبا عميقا وإحساسا بالاعتراف بالجميل: أ.د عبد الله جوهر، أ.د حسين الجبالي، أ.د يحيى عبده، أ.د صلاح المليجي، أ.د سيف صقر، أ.د محمد رشدي، أ.د بدر الدين عوض، أ.د سيد قنديل، أ.د ياسر منجي، أ.د عبد العزيز الجندي، أ.د فاطمة عبد الرحمن، أ.د أشرف زكى، أ.د أشرف مهدي، فلكل منهم ذكريات ومواقف كثيرة تعلمت منهم الكثير والكثير.
* هل أنت من أنصار اتجاه الفن للفن، أم الفن للمجتمع؟
سواء أراد الفنان أن يعبر عن نفسه أو مجتمعه فهو في الحالتين يعبر عن المجتمع الذي يعيش فيه، ويستقي منه مفرداته سواء أراد ذلك ووعى له أو لم يعي فهو ينصهر في المجتمع أكثر من غيره ويكون أكثر تأثرا به حتى لو لم يظهر ذلك فهو أكثرهم إحساس.
* هل دراستك وممارستك الفنية أثر في عملك المهني والتربوي؟
عملي كفنانة لا ينفصل عن عملي التربوي؛ فأنا أقوم بالتدريس الفن واتخذ من أعمالي الفنية دليل تعليمي للطالب لرفع مستواه التقني وتدريبه على مزج الألوان بشكل أفضل وأعمل معارض مشتركة بيني وبينهم يحضرها طلاب الأقسام الأخرى ليستفيدوا ويستمتعوا معنا ونتصور معا للذكرى وأسلمهم شهادات تقدير وجوائز رمزية من جيبي الخاص لتشجيعهم على الاستمرار في ممارسة الإبداع.