القاهرة 13 فبراير 2019 الساعة 02:09 ص
فى ندوة كتاب"إقتل الزومبي" لوليد علاء الدين :
*د.أيمن بكر: وليد علاء الدين من القلائل الذين حولوا المقال الصحفي إلى"كبسولة"من النقد الثقافي.
* د.علاء الجابري: وليد لا ينصب نفسه وصياً على القاريء ويدخل معه في حوار هاديء.
*وليد علاء الدين: نعاني أزمة الكليشيهات الجاهزة وتصدير فكرة احتكار النخبة للتفكير والنقد.
تغطية: محمد زين العابدين
ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في يوبيله الذهبي،أقيمت ندوة حول كتاب"إقتل الزومبي"لمؤلفه المبدع في كل مجال؛الشاعر والروائي والكاتب الصحفي والمسرحي وليد علاء الدين،والكتاب هو تجميع لمقالات الكاتب التي ينشرها بانتظام في الصحف،خاصة صحيفة"المصري اليوم"،والتي يقدم من خلالها نقداً ثقافياً للظواهر الإجتماعية والفكرية المختلفة،وهو الثالث ضمن سلسلة"واحد مصري"التي اهتم فيها وليد بجمع مقالاته المتنوعة.أدار الندوة الشاعر والناقد د.أيمن بكر الأستاذ بجامعة الخليج للعلوم والتكنولوجيا بالكويت،وشارك فيها كل من الناقد د.علاء الجابري،ومؤلف الكتاب وليد علاء الدين،والذي يعمل منذ عدة سنوات مديراً لتحرير مجلة"تراث"الإماراتية
*جدارة المقالات الصحفية بالجمع في كتاب:قدم د.أيمن بكر كتاب"إقتل الزومبي"،فأشار إلى أنه كتاب جديد ضمن سلسلة النقد الثقافي التي أصدر منها وليد علاء الدين كتابين،هما"واحد مصري"و"شجرة..وطن..دين"،وأشار إلى أن"وليد"الذي بدأ شاعراً،فبرغم انتقاله من الشعر إلى كتابة الرواية والمسرح،فقد ظلت صفات وملكات الشاعر ملازمة له في كل تجاربه الإبداعية من حيث امتلاك ناصية اللغة،واستثمار الطاقة الشعرية في كتابته السردية،وقد تعرض في مقدمة كتابه لإشكالية مدى استحقاق الكتابات الصحفية للجمع في كتاب مستقل،وهو يرى كما أتفق معه في هذا الرأى،ويتفق معنا الكثير من كبار الكتاب الصحفيين أن المقالات الصحفية تستحق أن تجمع بين دفتى كتاب،ولكن إذا كانت تحمل منظوراً واضحاً،وتوجهاً واضحاً،وقدرة تحليلية عميقة،وأحسب أن"وليد"أحد القلائل الذين حولوا المقالة الصحفية الصغيرة إلى ما يشبه"كبسولة مضغوطة"من النقد الثقاف
*مقالات تتحاور مع القراء: رأى د.علاء الجابري أن المقال أصبح يمثل الآن عبئاً على الصحافة،وحين يكتب المبدع مقالاً فهو يمارس نوعاً من الإستشهاد،وبالذات حين يكتب مقال الرأى،وبشكل أكثر تخصصاً حين يكتب في الشأن الثقافي،وأضاف"كنت أثمن دائماً في وليد هذه الجرأة على كتابة المقالات،والحرص على الإلتفات إلى مواقف بسيطة يصنع منها مشهداً كبيراً،وأشاطر د.أيمن بكر الرأى أن تمرس وليد في الكتابة المسرحية أفاده كثيراً في كتابة مقال الرأى،ويعاني المقال الصحفي شأنه شأن الصحافة المطبوعة حالة من التراجع بفعل تراجع أرقام توزيع الصحف،على عكس الماضي العريق للمقال حين كان مؤثراً في المجتمع والرأى العام،وكان العقاد من فرط ثقته في تأثير مقالاته يقسم أنه لن ينتهي قلمه الرصاص حتى تستقيل الحكومة،وتزداد جرأة الكاتب حين يجمع مقالاته،ويركز وليد في مقالاته على الهوية المصرية،والاهتمام بالقرية المصرية،والارتقاء بها،وجعل بعض القرى ذات التاريخ العريق ضمن المزارات السياحية،كما يلتفت في بعضها لمواقف أو أحاديث عابرة جمعته بابنيه،وشكلت له دافعاً لكتابة مقال معين،ويتناول أسباب انتشار ثقافة العنف لدى الأطفال حالياً،والمدخل الثقافي الذي يسلكه في مقالاته يجعله أحياناً في حالة صدام مع أمور مستقرة في المجتمع،وهى مسألة مرهقة للكاتب في التعامل معها بحذر وفي الوقت نفسه جرأة على الخوض فيما تحت السطح،ويتميز أسلوب كتابته للمقالات بالجدل،وهذا من حصافة الكاتب؛ألا ينصب نفسه وصياً على القاريء،فهو يدخل معه في حوار هاديء،ويقلب معه الفكرة على أوجهها المختلفة،وقد ينتهي المقال بنهاية مفتوحة،فهو ينقل حالة فكرية مستمدة من انشغاله بتشريح بنية المجتمع،ويتميز أسلوبه باللمح والتكثيف في الحديث عن الفكرة التي يتناولها،وهو يجمع في كتب مقالاته بين اتجاهات مختلفة،ففي أحدها مثلاً يكتب بأسلوب مفعم بالشجن عن الشاعر الكبير الراحل أحمد فؤاد نجم،فهو كشاعر يكتب عن شاعر يحبه يركز على اللفتات الإنسانية عند نجم،وتقلب صفحة هذا المقال فتجد مقالاً آخر يتناول فيه دراسة تحليلية لتقارير الجهاز المركزي للمحاسبات،وهذا يوضح التنوع والانشغال بالهم العام".
*النقد الثقافي:أشار د.أيمن بكر إلى أن وليد علاء الدين يتبنى مفهوماً للثقافة من المنطلق الأنثروبولوجي بوصفها ذلك الكل المركب من الأفكار والعادات والتقاليد وأنماط السلوك،والنقد الثقافي الذي يمارسه هو نوع من أنواع التركيب المنهجي ليس له وصفة بعينها،وإصراره على إصدار هذه السلسلة من كتب المقالات هو إصرار على رسم خارطة ثقافية من خلال الأفكار،والتنوع في مقالاته يشير إلى رغبة في الإحاطة بمجالات الثقافة المختلفة، ولديه قدرة لا تتوافر للكثير ممن يكتبون في النقد الثقافي،وهى القدرة على تسمية ما يتناولونه من ظواهر مختلفة،والتقاطه للعناوين المستمدة من مواقف بسيطة.
*أزمة الكليشيهات:تحدث مؤلف الكتاب وليد علاء الدين،فقال:"الحقيقة أنني عندي أزمة دائمة مع المصطلحات المغلقة،والتي يتعامل معها الناس بوصفها كليشيهات منضبطة الدلالة،ومسلم بها،وهى أزمة عامة،فالتذوق والمدخل الثقافي والفكري يختلف من شخص لآخر،ومن ثم أصبح عندي هاجس تعريف المفاهيم،والبدء من البديهيات،فيجب تحديد إطار المصطلحات المستخدمة في الكتابة،أما بالنسبة لمفهومي للثقافة فهى مجموعة الأفكار والمعتقدات الحاكمة لسلوك الأشخاص،ومن ثم سلوك المجتمع،وهى تتكون من مزيج مركب من القيم والأفكار والعادات والمؤثرات والتفاصيل الصغيرة التي يتعرض لها كل شخص في البيئة المحيطة به على امتداد عمره،ومن ثم يجب تحليل هذه الثقافة لفهمها من خلال التركيز على هذه التفاصيل الصغيرة،ومحاولة إعادة قراءتها وفقاً للمشهد العام،أما بالنسبة لأسلوبي في كتابة المقالات،فأنا أرى أنه يجب التفريق بين التفكير وبين خلاصات التفكير،ففي الماضي كان معظم الكتاب يقدمون خلاصة تفكيرهم للقراء على أنه الحقائق التي توصلوا لها من خلال ثقافتهم ورؤيتهم،أما بالنسبة لي ففي كل كتاباتي أفكر مع القراء،بداية من القاريء الكامن في داخلي بالأساس،وقد تنتهي الفكرة بخلاصة ما أو بمجموعة من الإحتمالات المفتوحة للمشاركة أو على الأقل أكون سعيداً بإشراك القاريء في منهجي الفكري الذي قد يفضي إلى نتائج خاطئة،ولكن كل فكرة تستطيع التعبير عن نفسها هى فكرة ناجحة حتى لو كانت نتيجتها خاطئة،فالعصر وطريقة تفكير الشباب تتعارض مع الخطاب الفوقي،وقد تم عزل الثقافة والعقل الناقد والفكر عن الناس لسبب أو لآخر،وكأنها أشياء يمتلكها النخبة دون غيرهم،ولا يعرف رجل الشارع العادي أن العقل الناقد ميزة يمكنه أن يعيش بها،بل قد يمتلك الفلاح البسيط هذه الميزة،ولا يمتلكها الأديب أو الأستاذ الجامعي،هذه الثقافة يجب أن نمررها للناس،ونشعرهم بجدارتهم في التفكير والنقد"،وحكى وليد عن عنوان كتابه"إقتل الزومبي"،وهو أنه كان عائداً بالسيارة وبرفقته ولديه"أحمد"13 سنة،و"يوسف"10 سنوات،وكانوا يبحثون عن مكان لركن السيارة،وبعد أن لمح مكاناً خالياً في الجهة الأخرى،توجه له ففوجيء بأن شخصاً ما ركن سيارته فيه بفوضوية وأنانية بحيث شغلت سيارته مكانين،أضاف"يبدو أنني منفعلاً سببته،فاستقبل الولدان سبابي له،وأخذا يصوغان حسب تفكيرهما المتأثر بألعاب الفيديو أسلوباً للإنتقام منه،فقال"أحمد":"لو كان معي مدفع رشاش الآن لصوبت على هذه السيارة واقتلعتها من هذا المكان،بينما استدعى"يوسف"إلى ذهنه طريقة لرفع السيارة من مكانها رآها في أحد ألعاب الفيديو،فتساءلت لماذا يفكر الأولاد بهذه الطريقة،فاكتشفت أن كل الألعاب التي يلعبونها تشتمل على استراتيجيات قتال،وتفكير في كيفية قتل العدو،ومعظم الأعداء الذين يمررهم صانعو هذه الألعاب لأولادنا يتمثلون في"الزومبي"أو"الموتى الأحياء"،وأظن أن فكرة"الزومبي"هى فكرة فلسفية تقود العالم لتبرير أمر القتل مهما كانت الضحية من المقربين،فلو أردت الإغتيال المعنوي ثم الفعلي لشخص ما فسوف تمارس حملة لتشويهه إلى أن ينتهي الأمر بقتله،ويجب إذا كنا نريد مواجهة هذا الطوفان من ألعاب العنف أن نغري أبناءنا بأشياء أكثر جاذبية سواء عن طريق الرياضة أو الأندية أو القراءة،ومن خلال أشياء تعزز الهوية عندهم مثل تعليمهم رقصة شعبية رجولية كالتحطيب أو السمسمية،وما إلى ذلك".