القاهرة 12 فبراير 2019 الساعة 12:44 م
د.هناء زيادة
للوهلة الأولى قد تبدو تربية حيوان أليف أمرا مزعجا أو محمّلا بالمخاطر، ولا تكلّف هذه التجربة سوى قدر بسيط من الوقت والجهد والمال، مقابل ما توفره من مشاعر ومتعة كبيرة لأصحابها، الذين يجدون في تربية الحيوان الأليف نوعا من الأنسة والاهتمام، لكن على عكس هذا التصوّر الشائع لدى معظم الناس، فإن الأمر مختلف تماماً، لاسيما أنّ كثيرين من الحريصين على اقتناء وتربية الحيوانات الأليفة لا يدركون أنّ هناك جوانب طبية خطيرة للموضوع. فامتلاك القطط والكلاب أمر شائع جدّاً في المجتمعات المختلفة، أو حتى يمكن القول انّه أصبح موضة العصر، حيث يتباهى البعض أحيانا بامتلاكهم كلباً من سلالة كذا أو كذا، إلّا أنّ الآراء الطبية الثابتة تُشير إلى خطورة عيش بعض الحيوانات مع بعض الفئات، خصوصاً الأطفال والنساء الحوامل، خاصة ـ وعلى سبيل المثال ـ لو كانت القطط غير نظيفة أو محمّلة بالميكروبات.
لكن هذه الخطورة قد تتعاظم ويتسع مداها، وتكتسب أبعادا نفسية إلى جانب الأبعاد العضوية، لتشمل فئات أخرى من الناس كالبالغين الأصحّاء، حيث كشفت دراسة بحثية حديثة، أجراها فريق من الباحثين في المعهد الوطني للنوم واليقظة في فرنسا، أنّ مخالطة الحيوان الأليف والنوم معه في مكان واحد، سواء كان كلباً أو قطة، يُعتبر من الأمور المحمّلة بالمخاطر، والتي قد تترك آثارا سلبية وأضرارا مباشرة على نوم الشخص. وأشارت الدراسة الفرنسية إلى أنّ الكثير من الحيوانات الأليفة تتحرّك كثيراً اثناء نومها وبمعدلات مرتفعة، كما أنّ بعضها تُصدر أصواتاً مزعجة خلال النوم، الأمر الذي يتسبب في إثارة قلق الأشخاص المجاورين لها، وينعكس على حالتهم النفسية ونومهم الذي يصبح متقطعاً وغير منتظم، كما أكّدت الدراسة في استنتاجاتها أنّ المجاورة الكبيرة بين الأشخاص والحيوانات الأليفة قد تصيب بعض الناس بالحساسية بسبب الشعر المتساقط من هذه الحيوانات، هذا إلى جانب أثرها المؤذي للأطفال دون الـ6 سنوات، والذين قد يُصابون بالربو في هذا العمر بسبب الحيونات الأليفة والالتصاق الطويل بها.
قد تتسبب الكلاب في الإصابة بالأرق، ربما لأنّها لا تفهم احتياجات الإنسان للنوم. ووفقاً لدراسة حديثة من مستشفى مايو كلينيك الأمريكية فإنّ النوم مع كلب بالفراش نفسه، يمكن أن يقلل بشكل كبير من كفاءة النوم، حتى لو كان الإنسان لا يشعر بذلك، ويمكن أن يصل الأمر إلى أبعد من ذلك، حيث ثبت أنّ وجود كلب في غرفة النوم له تأثير سلبي على نوعية النوم، خصوصا إذا كانت الكلاب مصابة بالقراد، وإذا كان محل الإقامة في منطقة يتجمّع فيها القراد، فلا شك ستحصل الكلاب على نصيبها منه. وعند النوم في فراش أصحابها، يزحف القراد بحرّية من الكلاب إلى الإنسان، ما يعرّضه لخطر الإصابة بداء "لايم" الذي ينتقل بمجرد التعرّض للعض من القراد، ويمكن أن يكون هذا المرض مدمّرا تماما لصحة الإنسان. كما أنّ تربية القطط، أو الكلاب، أو الطيور أو غيرها من الحيوانات الأليفة جميعها باستطاعتها أن تنقل الطفيليات، والديدان الداخلية، وهى ما قد تسبب أمراضا خطيرة للإنسان. إضافةً إلى ذلك، توجد أمراض معدية وخطيرة تؤثر كثيراً على صحة الإنسان مثل مرض السعار، وهو قاتل للإنسان، ويكون نتيجة عض حيوانات آكلة اللحوم منها، الكلاب والقطط، وهذا المرض خطير جداً ولا يمكن علاجه، إلّا في حال توجّه المصاب إلى الطبيب مباشرةً للحصول على حقن الوقاية المناسبة.
من الأمراض أيضا التي يمكن أن تنقلها الحيوانات للإنسان، هي "البروسيلا" التي تتسبب بالعقم وحمى متقطعة، ومن أعراضها ألم في المفاصل والتهابات رئوية شديدة، وتجمّع أكياس مائية داخل البطن والمخ، وتأتي نتيجة وجود الكلاب والقطط، وهي خطيرة جداً وقد تسبب الوفاة. إلى جانب ذلك هناك داء القطط، وهو عبارة عن مرض طفيلي، وتتشابه عوارضه مع الزكام، ولا يسبب ضررا إلّا للمرأة الحامل، حيث يؤدي إلى تشوهات في الجنين. وتنتقل البكتيريا عن طريق براز القطط، كما أنّ الحيوان الذي يخدش جسم الإنسان، يسبب له التهاباً بسيطاً في مكان الجرح، وقد تؤدي أحياناً إلى تضخم الغدد الدرقية، ومن أعراضها الصداع، والحمى، وهي ليست خطيرة، لكنها منتشرة بنسبة 40%، ومن الأمراض التي يمكن ان تسببها الحيوانات أيضاً مرض "كمبيلوبكتر"، وهي البكتيريا التي قد تصيب الإنسان أثناء عملية تنظيف الحيوان، وعوارضها الغثيان، والقيء، والإسهال الشديد المصحوب بالدم أحياناً، وحمى، وفي حال عدم معالجته مباشرةً، قد تصل هذه الأعراض للجهاز العصبي، وأنسجة الدماغ، ويكون العلاج في هذه الحالة صعبا.
في الختام.. صحيحٌ أن إصابة الأشخاص بالأمراض التي تسببها الحيوانات تعتمد بشكل أساسي على جهاز المناعة عند الإنسان، فكلما كان جيداً كلما قلّت فرص الإصابة، كما أن بعض هذه الأمراض له علاجه، إلا أن الوقاية دائما وأبدا خير من العلاج، فالأهم دائما هو فحص الحيوان قبل اصطحابه إلى المنزل للتأكّد من وضعه الصحي وإعطائه اللقاحات اللازمة وذلك حسب جدول زمني محدد من قبل الجهات المسؤولة، ومتابعة الزيارات الدورية للطبيب البيطري اضافةً إلى الوقاية من خلال غسل اليدين جيداً بعد ملامسة الحيوان، ومراجعة الطبيب في حال الشك بخصوص صحة اي فرد في المنزل، وتنبيه الطبيب المُعالج إلى امتلاك الحيوانات الأليفة في البيت.