القاهرة 22 يناير 2019 الساعة 09:02 ص
كتبت : هالة موسى
أصدرت دار الثقافة الجديدة الطبعة الثانية لراوية توفيق المعروفة "ليلة فى حياة عبد التواب توتو"، بعد مرور نحو 24 عاما على صدورها أول مرة.
تدور أحداث الرواية بواقعية شديدة فى سرد ما يجرى فى شقة المنطاد بالعجوزة- وبعدها شقة المنيل- التى يلتقى فيها طلاب وطالبات باحثون عن الحرية والتحقق فى زمنى ناصر والسادات، يقابلها من وقت إلى آخر ولع بالتحليق والفانتازى سواء تم ذلك على حصيرة تطوف بالطلبة الأشقياء أرجاء القاهرة، أو على بساط يطير فوق البحر فى قرية سياحية بالغردقة ليلة مقتل السادات. نغطس ونقب ونبتل وننشف نتعرى ونكتسى، رجال وسيدات، ولكن لا الحب يجىء ولا التيه يتوقف، ولذلك كان من الطبيعى أن تنتهى الرواية بعبد التواب توتو يسأل: من هو الرجل الحقيقى ومن هى الأنثى الحقيقية؟ ما هو البحر وما هى الأرض؟. لم يسأل توتو ما هى السماء ليس لأدب دينى، ولكن لأن التحليق له حدود فى زمن كل هذا التصدع الاجتماعى والسياسى والثقافى فى مصر والذى أفضى بإحدى بنات الشلة الجريئات إلى أن ترتمى فى أحضان السلفيين وتكفر أسرتها، وبإيناس اليسارية الثورية إلى أن تعمل فى أحد أجهزة المعونة الأمريكية بمرتب كبير، وبـ "توتو" نفسه الرومانسى الحالم إلى أن يغش فى بناء المدارس والمستشفيات ليغتنى .. لا نكسة 67 كسرتنا ولا حرب أكتوبر أحيتنا.
وتقع أحداثها في ليلة واحدة هي ليلة السادس و السابع من أكتوبر 1981 في أعقاب اغتيال الرئيس أنور السادات، من خلال تفاعل الصديقين – العدوين توتو وشيبس مع فتاة مصرية فرنسية اسمها سوزان في قرية سياحية على شاطئ البحر الأحمر.
وتتخلل الأحداث رؤى تتلاحق في عقل توتو تتناول تاريخه الشخصي والعائلي، فتاريخه الشخصي يدور في فلك الفاتنة ليلة وعلاقتهما العاطفية المعقدة، ولقاءاته مع مجموعة غير تقليدية من الأصدقاء في شقة أطلقوا عليها "المنطاد"، وتاريخه العائلي تشكل من خلال الصراع الممتد لعقود بين زوجتي مصطفى باشا عدلي: الفلاحة أمينة والأرستقراطية صافي ناز، والتاريخان الشخصي والعائلي يتشابكان بطبيعة الحال مع الأحداث الرئيسية التي شهدتها مصر
خلال قرن سابق من الزمان، مع التركيز على أحداث السبعينيات والتي أدت مجتمعة إلى حادثة المنصة.
من خلال مزيج من السرد الواقعي والفانتازي ترصد الرواية التحولات الاجتماعية التي طرأت عبر الحقب الزمنية وفي ظل الأنظمة السياسية المختلفة، مع استكشاف خاص للمناخ الفكري في السبعينيات وبداية انتشار التيارات المتطرفة، وكذلك التحولات الاقتصادية والاجتماعية السريعة وتأثيرها مجتمعة على شخصيات الرواية المتعددة، وذلك من خلال صوت سردي ساخر يبرز المواءمات التي يلجأ إليها المصريون، وخفة ظلهم التي تمكنهم من التعايش مع أعقد المواقف.