القاهرة 15 يناير 2019 الساعة 10:01 م
تقرير: إنجي عبد المنعم
* العراقية لميس العماري: الدورة الحالية رسخت أسس البحث العلمي والنقد البناء.
* عثمان البدوي: السودان تراجعت في دعم المسرح لصالح "التجارة".
* يوسف عيدابي: مصر صاحبة الفضل في نهوض المسرح العربي.
* حسن النفالي: نستلهم طاقتنا الإيجابية من مصر.
صحوة ثقافية شهدتها مصر في السنوات الأخيرة، خصوصا في مجال المسرح بفعاليات ومهرجانات شبه شهرية، كان أخرها مهرجان المسرح العربي في دورته الحادية عشر، والذي انطلق في مصر للمرة الثانية 10 يناير وينتهي غدا الأربعاء 16 يناير، لتلتقي الحضارة بالإبداع بعشرات العروض المسرحية المصرية والعربية.
التقت مجلة مصر المحروسة عددا من ضيوف المهرجان العرب الذين كانت شهادتهم بأن تلك الدورة للمهرجان هي الأقوى على الإطلاق لمهرجان المسرح العربي منذ انطلاقه لأول مرة عام 2009، منهم الناقدة العراقية الدكتورة لميس العماري، التي أكدت أن مهرجان المسرح العربي هذا العام يعد بداية موفقة لوضع أسس البحث العلمي والنقد البناء والرجوع إلى الأصول إلى ما قبل الأوليات، لافتة إلى نجاح الناحية الهيكلية للبناء بطريقة الندوات والمؤتمرات الصحفية كبداية موقفة لمعالجة مشكلة ضعف حضور المهرجانات.
من جانبه، أعرب دكتور عثمان البدوي، أحد أعضاء لجنة التحكيم من دولة السودان، عن سعادته بوجوده في القاهرة بعد غياب سنوات طويلة، وعن التقايه بعدد كبير من المبدعين في مصر أم الثقافة والفنون، مشيرا إلى أن المسرح حوّل شتاء القاهرة لشتاء دافئ، بدفء تعامل الإنسان المصري مع الضيوف من شتى الدول العربية، والدفء الآخر "الدفء الإبداعي" المتدفق حول المسرحيين في تلك الأيام.
وأكد البدوي أنه لابد من اللجوء إلى الرابط الإبداعي، فهو البديل الطيب ليقرب المسافات بين العرب بعد ضعف الروابط السياسية، واصفا الفن بأنه وسيلة لتقوية النسيج العربي، قائلا: "النسيج العربي نسيج واحد في مجمله، لكن لكل منطقة خصوصيتها وتجاربها في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، وبالتالي تنعكس على الفعل الإبداعي، فتفاعل هذه التجارب تعطي ثراء للتجربة العربية العامة، ومن خلال تلك التجارب نستطيع أن نستفيد من ما هو إيجابي، وندرأ ما هو سلبي".
وأشار إلى أن ما يحزنه هو تجمع المسرحيين من كل دولة فيما يشبه "المجموعات المتباعدة"، متمنيا البحث عن آلية تجعل المبدعين يلتقون خارج إطار العروض والمؤتمرات لتوطيد التواصل وتبادل الخبرات، ووختم حديثه بالتعليق على المسرح السوداني، قائلا إنه في فترة من الفترات كان يتمتع برعاية سخية من الدولة، عكس الآن حيث أصبحت الإمكانات ضعيفة، وانتشر المسرح التجاري.
ومن الإمارات، أشار الممثل المسرحي طلال محمود، إلى أن بدايته الفعلية مع المهرجان كانت في دورته الأولى عام 2009 بمصر، مشاركا بعمل مسرحي بعنوان "عنبر" من إخراج مروان عبد الله صالح، قائلا إنه اليوم وبعد عشر سنوات رجع إلى مصر وانبهر بهذا التألق والتطور والتجمع المبهر.
وأكد أن المهرجان يزيل حدودا "سخيفة" موجودة على الخريطة التي قسمت الوطن العربي، بلغة واحدة وهي لغة "المسرح"، وهدف موحد وهو "الإبداع"، وأن استمرارية هذا المهرجان يعطي المسرحيين العرب دافع أن يعيش المواطنون العرب كوطن واحد من المحيط إلى الخليج.
وأشاد طلال محمود بنوعية وجودة العروض المسرحية المختارة، ونوه إلى المشاركين العرب استفادوا من الخبرات المسرحية المصرية بالتعرف على الحركة المسرحية المصرية إلى أين وصلت اليوم، ومدى تطورها وتفاعلها مع الشارع العربي.
سلطان بن دافون الممثل والكاتب المسرحي الإماراتي أكد أيضا أن المهرجان هذا العام مختلف عن الدورات السابقة وهناك استفادة كبيرة من الخبرات القديمة الموجودة من خلال الورش واللقاءات المقامة خلال المهرجان، قائلا: "الاستضافة في مصر أسعدتني كمسرحي لتكريم الفنانيين الكبار به، والشكر موصول للشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، ولإسماعيل عبد الله على هذه الدعوة والاستضافة".
وفي السياق، قال حسن النفالي، مسؤول الإدارة والتنظيم بالهيئة العربية للمسرح إن إقامة المهرجان في دورته الحادية العشر بمصر عامل مهم أن نستلهم طاقتنا الإيجابية من مصر باعتبار أنها قاطرة للثقافة والفن في الوطن العربي، مشيرا إلى مشاركة 400 فنان من الوطن العربي، و250 فنانا من مصر، و27 عرضا مسرحيا مقسما على ثلاث مسارات، الأول جائزة السلطان القاسمي بها ثمانية عروض منهم عرضا مصريا، والثاني 9 عروض منهم 3 عروض مصرية، والثالث خاص فقط بالعروض المصرية بمحافظات مصر المختلفة، بالإضافة إلى مؤتمر فكري رصد تجربة المسرح المصري منذ عام 1905 حتى عام 1952، مؤكدا استكمال عرض باقي التجربة المصرية حتى وقتنا الحالي بعد انتهاء المهرجان.
وأضاف أن المهرجان ضم 6 ورش تكوينية، و3 ورش بأكاديمية الفنون، وورشة لفرقة "ناشئة الشارقة"، وهم شباب يحاولون الاستفادة من الخبرة المصرية وتقوم بتقييمها الفنانة المصرية نورا أمين، وكذلك ورشتين في السينوغرافيا والاضاءة، لافتا إلى إصدار 11 كتابا حول المسرح المصري لم تنشر من قبل لعدة مؤلفين كبار، فضلا عن ندوة محكمة لمسابقة البحث العلمي لتأهيل 4 أفراد أمام لجنة سيتم اختيار الأفضل بينهم، وتكريم 25 فنانا من قامات المسرح المصري لأول مرة، الذين خدموا المسرح المصري والعربي طيلة حياتهم في التمثيل والكتابة والبحث والنقد.
وعن مستوى العمل المسرحي بالدول العربية، أكد النفالي أن المغرب والجزائر وتونس بهم نهضة مسرحية غير مسبوقة، أما المشرق "سوريا والعراق" تراجع مستوى العمل المسرحي لديهم لسوء أحوالهم ¬¬¬ السياسية، أما مصر بعد ثورة 25 يناير عاد المسرح إلى قوته، مشيرا إلى أن تراجع الاهتمام بالفن بشكل عام يرتبط بسوء الجانب الأمني والبنية التحتية والتكنولوجيا الحديثة، وكذلك التعليم الذي لا يحاول أن يدمج ضمن برامجه الأساسية الفنون والثقافة في المناهج الدراسية.
الدكتور يوسف عيدابي، مستشار الهيئة العربية للمسرح، أكد لـ"مصر المحروسة" أن المسرح العربي ما يزال بين الخشية والرجاء أي بين التقدم والتراجع، فجزء كبير به هواة، وجزء آخر يتتبع خطى الغرب، لافتا أن مشكلة المسرح العربي اعتماده على قوانين الغرب، في حين أن مسرحنا العربي الذي يستوحى من ظروف البيئة المحلية يتفاعل معه الجمهور على نطاق أوسع ويصل إلى ما بعد الدراما.
وأضاف عيدابي أن الهيئة العربية للمسرح بمهرجاناتهها تحاول أن تستدعي المسرح ليصل إلى الناس ويؤثر فيهم وتوجيه المخرجين والفنانين والكتاب العرب لقراءة التاريخ المسرحي، مشيرا إلى أن إقامة المهرجان على أرض مصر يعد تشريف للعرب جميعا ، مؤكدا أن المصريين ساعدوا العرب في كل بلدان العربية في نهضة المسرح، كالمعلم الأول ذكي طليمان الذي أسس المسرح في تونس والجزائر والإمارات والكويت، قائلا: "مصر ساعدت على نهوض المسرح في الوطن العربي ونحن نرد لها الجميل الآن".