القاهرة 08 يناير 2019 الساعة 10:54 ص
كتب : صلاح صيام
فى لبنان اختفت الدولة والمؤسسات الخاصة تصدرت المشهد
الطفل العربى مظلوم.. هذة حقيقة واقعة , لأن ما يقدم له من أدب- إن وجد- لا يرقى أبدا إلى مخاطبة عقله ووجدانه وذكائه الذى شهد به القاصى والدانى, وهذ ما دعانا إلى مناقشة القضية على مستوى عدة أقطارعربية شقيقة, والبحث عن حلول .
دخلت البلاد العربية إلى سنوات ازدهار الترجمة في فترة مبكرة من القرن العشرين , وقد اعتمدت مجلات كثيرة من تلك الصادرة في ثلاثينيات القرن الماضي علي ترجمة قصص الاستربس , والقصص العالمية القصيرة المكتوبة للأطفال ضمن رسالتها بتقديم مادة صالحة للقراءة لدي الأطفال, ومنهم "سمير التلميذ" ومجلة "السندباد" التي صدرت عام 1946, كذلك اعتمدت مجلة "سمير" علي نشر قصص مرسومة مترجمة تم تعريب أسمائها مثل " تادية " و" الشبح" , وغيرها , إلا أن التجربة الأولى الكاملة صدرت من خلال مجلة "ميكي" بتصريح من شركة والت ديزني , وتولت رئاسة التحرير السيدة نادية نشأت, ثم عفت ناصر بعد سنوات وهي التي امتلكت لنفسها حق السماح من عدمه لمطبوعات والت ديزني في الشرق خاصة مصر وقد أعطت التصريح بالنشر لمؤسسات عديدة منها دار الشروق, و"دار المعارف , وقد اعتمدت المجلة علي الكارتون الذي كان الكثيرون أيضا يشاهدونه في العروض السينمائية ثم في التلفزيون .
كاتب الأطفال اللبانى الدكتور عبد المجيد زراقط يرى أن أدب الأطفال ، في بلاده، شأنه شأن هذا الأدب في مصر وسوريا والعراق، نشأ في أواخر القرن التاسع عشر، ومر بمراحل عرف فيها أدبا مدرسيا، وأدبا يقتبس من الأدب الغربي والتراثي، وتطور إلى أن أصبح أدبا متنوعا يغزر إنتاجه، وتتعدد أنواعه، ويكثر منتجوه. ومنه نماذج كثيرة ترقى إلى مستوى الأدب العالمي ، وليس في لبنان من دور للحكومة ، وتنهض بعض المؤسسات التربوية بمهمة إصدار كتب مدرسية وإبداعية ومجلات , لكن دور النشر الخاصة هي من يقوم بإصدار الأعمال الأدبية الموجهة للكبار والأطفال ، وهذه الدور تتوخى الربح ، ولهذا فهي تصدر ما يحقق هدفها هذا .
والمعروف أن دور النشر اللبنانية تمتلك الإمكانات: المالية والخبرة والمعرفة ...التي تتيح لها إنتاج أدب أطفال رائج ، وهو يحتاج إلى نقد أدبي منهجي ليدرسه ، ويميز جيده من رديئه.
كما يرى "زراقط" أن أدب الأطفال العربي قدم من الأعمال المتميزة ما يجعله أدبا ذا مستوى عالمي ، بدءا من المرحلة من تطوره التي عرفت روادا مثل الهرَّاوي والكيلاني وصولا إلى المرحلة الراهنة التي تعرف كتابا كبارا في كل قطر عربي ، مثل يعقوب الشاروني في مصر وشفيق مرتضى في العراق وحسن عبد الله في لبنان وزكريا تامر في سوريا... هذه أسماء ذكرتها على سبيل المثال ، والأدباء العرب الآن الذين يكتبون للأطفال كثر ، وبينهم الكثير من المتميزين ، والأعمال التي تنشر غزيرة تحتاج إلى نقد أدبي يواكبها ويميز الجيد والرديء منها، ما يعني أن المشكلة نقدية، أي أن على النقد الأدبي أن ينهض بمهماته ، فالأدباء يكتبون وينتظرون التقييم والتقويم هم والأهل والمدارس.
وليس المنتج الأجنبي كما متجانسا، وإنما هو متنوع، وفيه الجيد والرديء، ما يلائم أبنائنا وما لا يلائمهم، وهذا يلقي مهمة على عاتق النقاد شديدة الأهمية، إذ عليهم أن يميزوا ما يقدم لأبنائنا، من نصوص أدبية وأفلام ومسلسلات...، والسؤال الذي يطرح هو: هل تمتلك المؤسسات التي تقدم أدبا أو أفلاما...للأطفال تمتلك القدرة على اختيار ما يلائم أبناءنا؟ أن المعيار الأساس في الاختيار هو منظومة قيمنا الوطنية والقومية والإنسانية التي ينطق بها العمل في مناخ المتعة الجمالية. ويبدو لي أن هذا المعيار ليس المعيار السائد ، فالرائج هو المعيار التجاري الذي يدر ربحا. وهذا يضع على المؤسسات التربوية الرسمية والأهلية مسؤولية القيام بمهمة الاختيار الجيد وتقديمه، وأن كان غير مربح تجاريا.
ويمكننا إنتاج أدبا خاصا بنا على أن يكون أدبا في المقام ألأول ، أي أن تهيمن فيه الوظيفة الجمالية، ويراعي المراحل العمرية للطفل، وينطق بمنظومة قيمنا الوطنية والقومية والإنسانية ، في مناخ المتعة الجمالية ، أي أن يكون أدبا ذا فاعلية جمالية دلالية يؤدي دوره الممتع والمسلي والمربي على مختلف المستويات، ومنها المستوى الجمالي والقيمي.