القاهرة 27 نوفمبر 2018 الساعة 11:20 ص
كتبت : د. هـنـاء زيــادة
من بين دفات قصصه خرجت العديد من الشخصيات الخارقة التي يعود الفضل في ابتكارها إليه، وقد نجح في دب روح الحياة في أجسادها بعد تمكينها من الوصول إلى شاشات السينما، لترتبط هذه الشخصيات بأذهان الملايين حول العالم، إنه المخرج والكاتب الأمريكي الشهير "ستان لي" الذي رحل مؤخراً، تاركاً وراءه مجموعة كبيرة من القصص المصورة، وعدد من أبطالها الخارقين.. على رأسهم «سبايدرمان» و«آيرون مان».
ولد "ستان لي" في عام 1922م، ودرس فى مدرسة ديويت كلينتون الثانوية فى برونكس وعمل مع دراسته فى عدة وظائف منها كتابة ندوات للأخبار والبيانات الصحفية للمركز الوطنى للسل، والعمل كعامل مكتب وما إلى ذلك, وقد بدأ العمل في قسم القصص المصورة في شركة «تايملي بابليكيشينز» - التي تحولت لاحقاً إلى «مارفيل كوميكس»، وتمكن سريعاً من التربع على قمة القسم الذي يعمل فيه، بمجرد أن بلغ سن الثامنة عشر، ليستمر بعدها وعلى مدار سنوات في كتابة العديد من القصص المصورة، والتي ركزت في مواضيعها على الجريمة والرعب ورعاة البقر، وكانت موجهة للشباب في المقام الأول.
ومع وصوله لسن الأربعين، قرر التخلي عن كتابة القصص المصورة، لتأتيه المعارضة الأولى من زوجته جوان، التي حثته على ابتكار شخصيات جديدة، طالما أراد الكتابة عنها، فما كان منه إلا أن توجه للعمل مع جاك كيربي، ومعه ابتكرا شخصيات فريق «فنتاستك فور»، وكان ذلك في 1961، ليواصل من بعدها ابتكار شخصيات استطاعت أن تثبت وجودها على ساحة القصص المصورة وشاشات السينما على حد السواء.
«رائد مبدع حقيقي لا مثيل له»، هكذا وصفه شريكه "شاين دافي"، المدير التنفيذي لشركة بو انترتيمنت للإعلام الترفيهي، فإبداع «ستان لي» لم يتوقف عند حدود الشخصيات المشهورة مثل الرجل العنكبوت «سبايدرمان» والرجل الحديدي «آيرون مان»، وإنما تجاوزهما نحو ابتكار شخصيات أخرى، على رأسها «هالك»، أو ما يعرف في بلادنا العربية باسم «الرجل الأخضر»، وكذلك شخصية «سيلفر سيرفر»، و«إكس مين»، و«كابتن أميركا»، و«ولفرين» وغيرها الكثير والكثير.
كان ستان مسؤولاً عن تصميم أغلفة سلسلة مارفيل للقصص المصورة، الأمر الذي ساهم في رفع مبيعاتها كثيرا لتعانق السماء، فقد كانت مارفيل تبيع نحو 50 مليون نسخة سنوياً من سلسلتها، التي أطل منها «بلاك بانثر»، أول بطل خارق أسود، واستطاع بعد عقود أن يطل خلال العام الماضي على الشاشة الكبيرة في فيلم حمل اسمه، الأمر الذي مثل نقلة نوعية في عالم مارفيل.
ولم يشهد صناع الأفلام يوماً تخلفه عن تلبية دعواتهم له بالظهور كضيف شرف في أفلام مارفيل، رغم تركه للشركة في 1972، وظل يشغل منصب رئيسها الفخري.
وجميع شخصيات لي تعيش في عالم مشترك يعكس عالمنا، حيث يعيش معظم الأبطال في منزل بمدينة نيويورك وكان العامل المشترك الذي أثبت أنه مفتاح النجاح هو إعطاء الأبطال الخارقين عيوبا مثل البشر بدلا من جعلهم كائنات مثالية معصومة عن الخطأ، وتطورت الشخصيات الخارقة عن طريق الأفلام الناجحة والعروض التليفزيونية وألعاب الفيديو واستخدمت أيضًا في الكثير من أشكال الأعمال التذكارية والتماثيل، وقد فازت أعمال "ستان لى" بالعديد من الجوائز، مثل جائزة إيسنرر والتى تمنح لكتاب القصص المصورة الأمريكية.
كان "ستان" من محبي أفلام بروس لي ويتابع كتاب مثل مارك توين وآرثر كونان دويل وويليام شكسبير وتشارلز ديكنز، وكان اسمه "ستان لي" اسماً مستعاراً في البداية إلا أنه ثبت هذا الاسم بشكل قانوني بعد عدة سنوات, كان دوما يفتخر بعلاقته الودية مع المعجبين ويجيب على أسئلتهم بأسلوبه الرائع والمفعم بالحيوية، وبالرغم من المشكلات الصحية التي واجهها ستان لي خلال السنوات الأخيرة من حياته، إلا أنه ظل حافظاً لعلاقته مع الشخصيات التي ابتكرها، وملتزماً في الوقت نفسه تجاه معجبيه، بابتكار المزيد من الشخصيات الجديدة لهم.
ومع رحيله تسابق كل من عرفوه أو تابعوا أعماله ورقيا أو سينمائيا إلى نعيه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، فقد وصفه بوب إيغر، رئيس شركة والت ديزني، التي استحوذت في 2009 على شركة «مارفيل كوميكس» مقابل 4 مليارات دولار، بأنه «بطل خارق في حد ذاته»، أما الممثل هيو جاكمان، الذي أدى شخصية ولفرين في سلسلة أفلام «X men»، فقد وصفه بـ «قوة رائدة في عالم الأبطال الخارقين», في حين قال الممثل كريس إيفانز، بطل فيلم «كابتن أميركا» عبر موقع «تويتر»: على مدى عقود، قدم للصغار وللكبار المغامرة والهرب والراحة والثقة والإلهام والقوة والصداقة والفرح، والحب .. سيترك أثراً لا يمحى على كثير من الأرواح.
لقد رحل أسطورة مارفيل عن الدنيا، وهذا كفيل بأن يخلف وراءه فراغاً كبيراً، ستظل تفقده شخصياته الخارقة، وكذلك رفاقه الذين اشتغلوا معه كثيراً خلف الكواليس، فطالما كان "ستان لي" مصدر إلهام لمحبي الكوميكس وشخصياتها على اختلاف مشاربهم وألوانهم.