القاهرة 13 نوفمبر 2018 الساعة 10:45 ص
أحمد عطا الله يعيد الغوص فى أحداث السيرة الهلالية
كتب : صلاح صيام
رغم تنوع أشكال الكتابة وتعدد مشاربها تبقى الحكاية هى أهم بل أفضل ما يستهوى القارئ العربى، ربما لما توارثه من حكايات الأم والجد، وجلسات السمر التى لا تخلو من النصيحة المغلفة، فارتبط هذا القارئ بنوعية معينة من الفنون ظل يبحث عنها ويفرح عندما يجدها.
ولا شك أن "السيرة الهلالية " لها وقع السحر فى نفوس المتلقى العربى، لأنها بحق ملحمة متكاملة روت بأكثر من لهجة، وتناولها الرواة بطرق مختلفة حتى أنهم كانوا يحكونها طبقا لنوعية المستمعين، فإذا كان المستمع يؤيد طرف من أطراف القصة بينه الراوى بأنه الفاتح الأعظم، والبطل الاشجع، وهكذا فى أى مكان يذهب إلية الرواة.
ورغم رسوخ فكرة السيرة الهلالية فى أذهان مستمعيها، وحفظهم - تقريبا- لأحداثها نرى من يحاول إعادة السيرة بطريقة أخرى فى رواية استغرق العمل فيها 4 سنوات -على حد قول مؤلفها- ما بين البحث وإعادة صياغة سيرة الشاعر على جرمون، وربطها بحكايات من الواقع.
وتدور أحداث الرواية التى أسماها "غرب مال" لأحمد عطا الله والتي صدرت عن دار العين للنشر والتوزيع في زمنين مختلفين، تغريبة بني هلال من صحراء نجد إلى تونس الخضراء، مع تغريبة أهالي قرية «أبو دياب شرق»، إحدى قرى محافظة قنا في صعيد مصر، في خط سردي واحد، يلتقيان فيه بالمشاعر والأفكار.
والمؤلف أحمد عطاالله، صحفي في مجلة الإذاعة والتلفزيون، تركز أعماله على التحقيقات الإنسانية ورصد قصص المجتمع المصري الواقعية، وهو ما كان واضحاً في كتابه «الناس دول- حكايات من لحم ودم»، والقصة الواقعية «مريم- مع خالص حبي واعتقادي» التي لاقت نجاحا وجدلا بصدورها من دار المصري للنشر في 2013.
والرواية بحث وسيرة ومغناة، ينقل فيها عطا الله ما بلغه من السيرة عن على جرمون، وهو يشاركنا مساحاته الخاصة بما يشبه المحايثة، من يعرف عطا الله يألف خلطته، ومن لا يعرفه، الفرصة مواتية لاكتشاف قصّ بأسلوب مبتكر، يمدّك فيه الصحفي بالوثائق، ويشدّك الروائي لتتابع الأحداث، ويخلق لك الشاعر عالمًا بديعًا بإيقاعه وشجنه.
والرواية ليست واحدة بقدر ما هي ثلاث روايات؛ حيث تضم السيرة، ورواية أبو دياب، كما أنها تضم تغريبة جديدة لأبو دياب في السعودية والعريش، ويعترف صاحبها أنه -زايد- على كذب الشاعر على جرمون (1950- 2008)، والذى كان "متمردًا" أخذ ما أعجبه من السيرة، كما تروى فى الصعيد، وراح يؤلف عليها قصصًا وأبطالًا وشخصيات جددًا، وخطوطًا درامية لم تكن موجودة من قبل، فقرر "عطا الله" إضافة ما يحلو له هو الآخر فأنشأ سردا مختلفا تتداخل فيه السيرة الشعبية مع سيرة حياة الكاتب، وتشتبك الخطوط الدرامية فتلتقى وتتعارض، ويتحرك هو فيها بين زمن الحكاية الشعبية فى الماضى وزمن حكايته وسيرته الخاصة فى الحاضر.
ووجد الكاتب فى روايته فرصة سانحة للبوح والتعرى أمام القارئ، ونقله فى الوقت نفسه إلى بيئته التى نشأ فيها والمليئة بمجموعة من السلبيات أهمها الفقر والقحط وهما من وجهة نظرة سببًا لغربة البشر فى الماضى وفى الحاضر.
بقى أن نعرف أن الرواية صدرت عن دار العين للنشر, والتى نظمت ندوة عنها مؤخرا شارك فيها مجموعة من النقاد والمثقفين، ومن المقرر أن تشارك الرواية فى معرض القاهرة الدولى للكتاب العام الحالى كما أنها مرشحة لخوض سباق جائزة البوكر.