القاهرة 1 نوفمبر 2018 الساعة 11:44 ص
كتبت عبير عبد العظيم
ضعف الوعي وتدنى المستوى الثقافي أحد أهم الأسباب
ظهرت في الآونة الأخيرة عدة أمراض على سطح المجتمع المصري، تعتبر تكرار للجرائم العائلية البشعة وكانت في أوقات سابقة تعد خارجة وغريبة على المجتمع المصري ، وامتلأت صفحات الحوادث في الصحف بتفاصيل عدة جرائم أسرية خلال مدة قليلة، تنوعت الجرائم وتعددت دوافعها وطرق ارتكابها ما بين الخلافات الزوجية والعنف الجسدي.
ما بين قتل ربة منزل على يد زوجها وتقطيع جثتها بالمرج, إلى قتل عامل لشقيقه بسبب مشاجرة مع الجيران، وحادث إلقاء أم لأطفالها في بحر يوسف ببنى سويف، إلى جزار يقتل زوجته في الشارع ببولاق، حتى الأطفال لم تسلم من العنف عندما قامت طفلة بقتل أخيها الصغير بسبب معايرته لها بل وقامت بإخفاء جثته أسفل السرير حتى عاد والديها من العمل.
يدور التساؤل هنا: هل العنف الأسرى أصبح أحد سمات المجتمع المصري، هل الظروف الاقتصادية هي السبب أم انتشار المخدرات؟!
يقول الدكتور محمد المهدي استشاري الطب النفسي: قد تكون أعمال العنف مدفوعة بأسباب، منها الدفاع عن النفس، أو الممتلكات، ويرجع انتشار ظاهرة العنف في الآونة الأخيرة في المجتمع المصري إلي العديد من الأسباب؛ منها الأسباب الاجتماعية والنفسية والاقتصادية، وقد يعود السبب إلى التلوث السمعي والبصري وأحيانا الأخلاقي, والذي اتخذ أشكالا متعددة في المجتمع المصري خاصة في الآونة الأخيرة, منها الضوضاء والصخب والأخلاقيات المتدنية في الشوارع المصرية.
أضف إلى ذلك ضعف الوعي وتدني المستوي الثقافي؛ لهما تأثير كبير على مدى انتشار ظاهرة العنف في المجتمع المصري؛ حيث إنه كلما قل الوعي زاد معدل الظاهرة, وتفشي ظاهرة العشوائيات والاختناقات المرورية والزحام, والإحساس بسوء توزيع الموارد الاقتصادية لتخدم فئات أعرض في المجتمع.
وترى الدكتورة سامية عثمان، استشاري العلاقات التربوية والأسرية أن انتشار القيم السلبية مثل الانتهازية والنصب والاحتيال والكذب ومحاولة الكسب السريع بغير جهد أو بأقل جهد والرشوة والمحسوبية؛ تدعم الشعور بالظلم الاجتماعي لدى الأفراد و تولد القهر والعنف، إلى جانب تراكم المشكلات يوما بعد يوم وشهرا بعد شهر وعاما بعد عام دون وجود حلول علمية وعملية (حقيقية) لها، والاكتفاء بالحلول الشكلية أو الإعلامية أو الوهمية أو الفهلوية دون الدخول إلى جوهر المشكلات، فتراكم المشكلات دون حل حقيقي يؤدى إلى حالة من التأزم .
وتضيف أن الاتجاه والميل إلى العنف الذي أصبح ظاهرة موجودة للأسف في مجتمعنا المصري إذا استمرت بهذا الشكل ستدمر المجتمع وتحوله إلى مجتمع فاسد تغيب عنه القيم والأخلاق، وهناك بعض الأشخاص يقومون بأعمال العنف باسم الدين مثل التفجير والقتل وأخيرا قص الشعر, معتقدين بذلك أنهم يعززوا من دينهم ولكنهم للأسف ليس لديهم أي ثقافة أو وعى دينى، وكذلك غياب القيم والمبادئ بداخل المجتمع مع سوء التربية وتحريض الأبناء على المنافسة بشكل خاطئ تجعل مشاعر الحقد والغيرة تتراكم لديهم منذ الصغير.
كما أن التراخي والتباطؤ في إصدار الإحكام ضد التحرش أو المغتصب يشجع آخرين للقيام بهذه الجريمة اعتمادا على ثغرات القانون، ومشاهدة الأفلام الإباحية والتطلع إلى ثقافات الغرب التي تنافي عاداتنا وتقاليدنا وتعاليم الدين.
ويحدد الدكتور أحمد مصيلحي رئيس شبكة الدفاع عن الأطفال بنقابة المحامين أسباب العنف فى المجتمع المصري قائلا: الإعلام له دور كبير، فمعظم البرامج الحوارية تساعد على نشر العنف, وكذلك المسلسلات والأفلام التي أصبح معظمها يتحدث عن المخدرات والبلطجة، وكذلك الموروثات الثقافية وأبرز أمثلتها العنف ضد الأطفال؛ حيث يسود مفهوم أن تأديب الأبناء لا يتم إلا بالعنف وهذا النوع ينطبق على المنزل والمدرسة.