القاهرة 20 سبتمبر 2018 الساعة 01:52 ص
هالة موسى
أقام بيت الشعر بالأقصر اليوم الأربعاء 19 سبتمبر 2018 ندوة ثقافية احتفل فيها بتجربة الشاعر الراحل مجدي الجابري أحد أهم رواد قصيدة العامية الجديدة في مصر، باستضافة الأديبة الأستاذة صفاء عبد المنعم زوجة الشاعر الراحل، وثلاثة من أصدقائه الشعراء المهتمين بالحركة الثقافية والذين عاصروا مشروعه الشعري في مراحل تشكله المختلفة وهم: الشاعر محمود الحلواني، والشاعر مسعود شومان، والشاعر يسري حسان.قام بتقديم الأمسية الشاعر حسين القباحي مدير بيت الشعر بالأقصر.
بدأت الأمسية بكلمة تحدث فيها القباحي عن اختيار بيت الشعر لتجربة مجدي الجابري؛ لتكون موضع الحديث والاحتفاء هذه الليلة مؤكدًا على أن هذا الاختيار لم يكن بمحض الصدفة إنما جاء من أهمية ومكانة مجدي الجابري في تاريخ قصيدة العامية المصرية بوصفه قائدًا لانحراف جمالي في خارطة شعر العامية المصرية.
ثم تحدثت الروائية صفاء عبد المنعم عن علاقتها الإنسانية بالشاعر مجدي الجابري بداية من تعرفها عليه إلى زواجهما وكيف أنه كان مهمومًا بالشعر ويتخيله أنه وسيلة للمصالحة على العالم، وتهذيب الكون وكان يتعجب كيف لا يغير الشعر من الناس
كان الجابري يحاول الوصول إلى إجابات للأسئلة التي لم ولن تطرح، ولم يجد الإجابة عليها. ومات مأزومًا بعد أن كتب الكثير من القصائد التي برهنت على وجود شاعر حقيقي يمتلك وعيه الكامل بالشعر.
أيضا حكت عن أن مجدي الجابري قبل أن يكتب الشعر كتب مسرحية بعنوان" جواز على ورق لحمة" وكان وقتها في كلية الزراعة بعين شمس وكان من المفترض أن يقوم بدور فيها، وقبل العامية كتب الجابري شعر التفعيلة وله تجربة بالفصحى لم تطبع وحدها، ولكنها صدرت في الأعمال الكاملة "ثرثرنا كثيرا" وهي أشعار باللغة العربية الفصحى تنتمي لشعر التفعيلة.
كما شارك أيضًا الشاعر محمود الحلواني وهو شاعر وناقد في الأدب والمسرح ورئيس تحرير سلسلة الشعر العامي بالهيئة المصرية للكتاب، وقد شارك بشهادة عن الشاعر الراحل مجدي الجابري، حيث بدأها بقصيدة أهداها للشاعر للراحل، ثم تحدث عن تجربة الشاعر مجدي الجابري وعن قلقه وولعه بالحركة إلى أين؟ لا يعرف وبخاصة هو الذي آمن بأن الحياة "هنا والآن" أو كما قال في آخر دواوينه "الحياة مش بروفة" إنما هي العرض نفسه. وتابع: لم يمكث مجدي الجابري أكثر مما تستغرقه الحركة في منطقة شعرية واحدة فكان يغادر سريعًا، بل كان يقفز بعد مرور متعجل وقبل أن يستريح جسده هنا والآن إلى مجهول آخر يتحول بدوره إلى هنا والآن قبل أن يغادر مجددًا، هل كان يعرف موعد الرحيل؟ فقرر أن يحرق المراحل كلها قبل أن يمضي؟ أم أن قدرا غامضًا كان يدفعه للمغادرة باستمرار؛ حتى يتمكن من تجريب كل شيء بنفسه قبل أن يمضي
ي.
أما الشاعر يسري حسان وهو شاعر وإعلامي ومؤسس ورئيس تحرير جريدة مسرحنا "2007 – 2017 " فقد قرأ شهادة عن الشاعر الراحل مجدي الجابري وعن العلاقة الإنسانية التي جمعت بينهما. يقول في شهادته متحدثًا عن مجدي الجابري: "لم يكن محدي الجابري فتوة ولا حاجة، ولكن مظهره الخارجي كان يوحي بالجدية الزائدة عن اللزوم، وأنا عمري ما حبيت الجد ولا الجدية ولا اللزوم، كنت أعرف مكانته كشاعر مجرب، وكذلك ثقافته العميقة فإذا أضفنا إلى المكانة والثقافة تلك الجدية البادية على وجهه فهذا كفيل بتجنبه والتشطر على شعراء آخرين ما زالوا في بداياتهم الأولى" ثم تابع "المهم أني اكتشفت في مجدي الجابري إنسانًا في غاية الطيبة والبساطة والجمال، لكنه عند الشعر لا يعرف أباه، فهو حاد جدًا تجاه أي شعر رديء وربما تجاه أي شعر يخالف ما يكتب وربما بمرور الوقت امتلك قدرا من المرونة ساعده على تقبل تجارب الآخرين بشرط أن تكون تجارب حقيقية أما موقفه من الشعر الرديء فقد ظل كما هو وإن لم يجرح مقترفيه، يعني لم يكن فجًا في تعامله مع الشعراء النص نص، تعامل إنساني فقط، أما الشعر فلا وألف لا".
أما الشاعر والباحث مسعود شومان فقد قرأ من دراسة أعدها في تجربة الشاعر الراحل مجدي الجابري " يمثل الشاعر مجدى الجابرى ركيزة أساسية فى حركة شعر العامية على وجه العموم وفى جيله على وجه أخص بوصفه أحد كبار المجددين فى الشعر المصرى ـ رحل عن عالمنا عام 1999 بعد معاناة مع مرض سرطان الرئة تاركا لنا خمسة دواوين مهمة هى : أغسطس 1990 - بالضبط وكأنه حصل 1994- عيل بيصطاد الحواديت 1995- الحياة مش بروفة 1999 - طرطشات موجة حلم 2001، فضلا عن دراسة فولكلورية بعنوان - حكايات شعبية 2000.
وتمثل تجربة الجابرى الشعرية عينة دالة على جيل بكامله لأنها تلخص عدة مراوحات فى الكتابة الشعرية، بدايتها كانت مع المباشرة والقصيدة الموجهة التى ربما اقتربت من روح الزجل، وهى القصائد التى لم تظهر فى الدواوين المنشورة، ووسطها مع القصيدة التى تحفل بالمجاز والصور الشعرية المجردة ساعية للخروج من مأزق تبعية الشعري للسياسى، وآخرها كانت تجربته فى قصيدة النثر.
هذه المراوحات جعلت من تجربته الشعرية من أكثر التجارب إثارة للمشاكل، بل وتعرضت للاتهامات السائدة بلا أدلة نقدية تدلل على ما تقول، وزادت هذه الاتهامات مع بداية كتابته لما عرف فى العرف النقدى بقصيدة النثر، وجاءت هذه التهم فى إطار(الحملة االقومية لمكافحة قصيدة النثر) قياسا على الحملات المنتشرة لمكافحة الأمراض مثل (الحملة القومية لمكافحة البلهارسيا)، فضلا عن ذلك، فإن مجدى الجابرى كان أكثر شعراء التجربة الجديدة تمردا ليس على تراث من سبقه وحسب، وإنما على تجربته الأولى التى استمرت حوالى عشر سنوات، وتمثل بعضها فى ديوانه الأول " أغسطس "، وديوانه " طرطشات موجة حلم " الذى صدر بعد رحيله، إضافة إلى أنه واحد من ألمع وأهم كتاب هذه القصيدة، وتصلح قصيدته كتمثيل دال على حيوية وجدة، بل وشعرية القصيدة الجديدة التى تقدم بالفعل شعرية أخرى مغايرة
ة" .
وفي الجزء الثاني من الأمسية استمع الجمهور إلى قصائد شعرية من الشعراء الضيوف حيث قرأ الشاعر محمود الحلواني قصيدة بعنوان" مرفق طيه".