القاهرة 11 سبتمبر 2018 الساعة 09:46 ص
صلاح صيام
الشاعر الفلسطينى موسى حوامدة: المجتمع الأمي لا يتقبل الشعر الحقيقي .. وانتهائه يعنى ضياع اللغة العربية
الشاعر المصرى أشرف عتريس: دعم المؤسسات الثقافية واتحاد كتاب مصر والعرب ربما يعيده إلى مجده
تواصل " مجلة مصر المحروسة" نكأ الجراح وفتح الملف الشائك المتعلقة بالشعر وحالة الشعراء, وموعدنا اليوم مع شاعرين أحدهما من فلسطين الحبيبة, واللآخر من مصر , نعرض لوجهة نظرهما لتقييم الوضع الحالى ومحاولات الخروج من الأزمة.
الشاعر الفلسطينى المقيم فى الأردن موسى حوامدة يعلن رفضه مقولة "الشعر ديوان العرب" قائلا: لست آسفا أن تنتهي هذه المقولة فهي مقولة تقليدية لا تخدم الشعر بل تختصر ثقافة الأمة في نمط واحد من التعبير، وهذا ليس صحيا ولا حضاريا فالأمة المتحضرة لديها عدة أنواع من الآداب والعلوم من الفلسفة حتى الكيمياء والعلوم الأخرى, ولديها كذلك كل الفنون من الشعر والموسيقى والمسرح وبقية الفنون المتنوعة, لهذا فإن القول بأن الشعر ديوان العرب يلغي بقية الفنون والآداب ويحصر الأمة في نمط واحد من الشعر وهو الشعر التقليدي, إذا انكسر فقد بدأنا نتحول إلى أمة متنوعة وغنية ومتحضرة .
وبسؤاله هل ودع القارئ العربي الشعراء؟ قال:
لماذا يودعه هل هذا ما يريده القارئ العربي, هل الشعر عبئ على القراء, لا أعتقد أن هناك شعب أو أمة يمكن أن يودعوا الشعر فالشعر موجود في الطبيعة وفي اللغة , واللغة قادرة على تجديد نفسها ما دام فيها شعراء يكتبون وإن ودعنا الشعراء أقصد إذا انتهى زمن الشعر ستنتهي اللغة أو ستكون بداية جمودها وتحجرها وثم انقراضها.
وحول انخفاض مبيعات الشعر وتجاهل دور النشر لنشره قال:
كما يقول رفعت سلام الشعر فن النخبة وهذا لا يعيبه ودور النشر في أغلبها دور تجارية فمن الطبيعي ألا تنشر المجموعات الشعرية فلا سوق تجاريا لها.
وعندما سألناه هل نملك اليوم شعراء جادين؟
قال: نعم هناك شعراء حقيقيون في العالم العربي وهم يواصلون تطوير القصيدة العربية رغم كل الظروف, ويمكننا إحياء أدب الشعر بأن نترك الشعر في حاله ونترك الشعراء يتطورن دون تدخل من المجتمع لأن المجتمع الأمي لا يتقبل الشعر الحقيقي, ونحن لسنا بحاجة إلى إعادة مجد موهوم, الشعر موجود وهو كفيل بمواصلة الحياة رغم كل المحاولات الحثيثة لدفنه لكنه عصي على الموت.
وعن رؤيته لحالة الشعر العربى حاليا قال: بالرغم من كل الدعاية السلبية ضد الشعر وبالرغم من بث آلاف الرداءات لتخريب الذائقة الشعرية وعمل برامج مسخ لتهافت الشعر يبقى الشعر الحقيقي موجودا وهو فدائي هذه اللغة, وعن صعوبة نشر قصيدة الآن فى صحيفة ورقية قال: لم يعد النشر حكرا على الصحف الورقية ومن لا يجد صحيفة أو مجلة يمكن أن ينشر مجموعة أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي أما قبل ثورة النت فكان النشر صعبا ومع ذلك فالشعر الجيد يجد طريقه للعبوردائما.
الشاعر والمسرحى أشرف عتريس: دعنا نعترف بصراحة شديدة ولا تنكر الحقيقة أن الشعر لم يعد ديوانا للعرب كما أخبرنا التاريخ – فلم يعد الشعر وحده هو من يعبر عن ثقافتنا وهويتنا وإبداعنا ,هناك الرواية التى تألقت مؤخرا بيد صانعيها فى مصر والوطن العربى كله وتزاحم فى جوائز البوكر وغيرها بعد فوز محفوظ بنوبل فهناك من يجاهد وسوف ينجح, أما القصة والمسرح فلهما نصيب من الحظ والانتشار والمهرجانات حاليا ما يجعلهما فى ازدهار حقيقى يعوض الأدب المصرى والعربى اندثار وهج الشعر وسوق الكتاب والترويج له بين جمهوره.
وإذا أردنا عودة (مجد الشعر) علينا أن نتلمس طريق الزهو بالقصة والرواية والمسرحية وإحداث حراكا ثقافيا عربيا طوال العام فى كل بلاد العرب ودعم كل المؤسسات الثقافية دعما (حقيقيا) وكفالة اتحاد كتاب مصر واتحاد الكتاب العرب لهذا الغرض بغية التحقق والانجاز.
وعن تقييمه لحالة الشعر حاليا يقول "عتريس " برغم هذا المناخ غير الملائم نهائيا لحالات الإبداع الشعرى إلا أنه من الصعب نكران محاولات فردية لدى أسماء من كل الأجيال تثابر وتناضل من أجل ازدهار الشعر ونهضته, مواكبا للحالة الراهنة بكل معطيات المشهدين الثقافى والسياسى, قصيدة النثر أصبحت كيانا ثقافيا رسميا وتعترف به المؤسسة الثقافية ويتقبله الجمهور النوعى ويتعامل معها النقاد بحرص شديد, والقصيدة التقليدية برصانتها تدرس فى الجامعة ويكتبها من يؤمن بها حتى الآن رغم استهلاك كل أدواتها وأغراضها تماما, وقصيدة العامية بين النسخ والتجديد – بين الصدق والادعاء, حتى الشعر( النبطى ) فى بلادنا العربية يحتاج إلى مراجعة وجرأة أكثر من هذا .
وعن صعوبة نشر القصيدة ورقيا يقول : بعد توافر أدوات النشر الإلكترونية وغزو ثقافة النت لم تعد هناك (موانع) للنشر لدى الغالبية - قد تكون الجرائد والمجلات الأدبية المتخصصة والورقية هى سبب هذا (الألم ) لدى البعض الآخر والإحساس بتحقيق المعجزة فى نشر أى إبداع أدبى, خاصة أن الصفحات الأدبية فى الصحف أصبحت قليلة وتقل طباعتها أساسا بزعم أن النشر الإليكترونى يسحق الورقى, وهذا غير صحيح لمن يؤمن بحضارة الورق وأهمية المجلة والكتاب, وفى رأيى أن الزمن سوف يحدد تلك الآلية إن كان إليكترونيا أو ورقيا – المهم أن يكون هناك إبداع وهناك نشر , هذا هو المهم من - وجهة نظرى- التى قد أراجعها فيما بعد لكننى مؤمن بها حتى الآن ولن أزيد على كل شئ متغير بغية الجمود والتقولب, والمسؤول عن هذه الأزمة (إن وجدت) هى كل المؤسسات الثقافية فى مصر والوطن العربى, والحل أيضا من وجهة نظرى هى إزالة كل أسباب المنع وعدم تقليص دور النشر وزيادة عدد صفحات الأدب فى الجرائد والمجلات, وإتاحة فرص النشر للجيلين القديم والجديد بلا عنصرية ولا تعنت ولا تمييز لا يقود ولا يؤدى ولا يفيد.