القاهرة 11 اغسطس 2018 الساعة 09:24 م
د.خالد محمد عبدالغني
ترددت أنباء - نقلا عن الشاعر والكاتب الأستاذ عمارة إبراهيم - لا شك أنها مزعجة عن مرض الشاعر الأكبر محمد محمد الشهاوي وإمكانية توقفه عن العلاج بسبب عدم وجود النفقات المالية اللازمة لذلك وإنه لخبر غاية في السوء أن يكون شاعرا بحجم موهبة وعطاء وعمر "محمد الشهاوي" ويعاني في مرضه وفي شيخوخته وأين؟ في مصر قبلة الفن والابداع بكافة أشكاله ومستوياته ، إنها لمأساة كبرى يا سادة من مسئولي وزارة الصحة ووزارة الثقافة بل وكافة مسئولي الدولة ، هل يصل الحال أن نطلب من فخامة الرئيس السيسي أن يتدخل في كل صغيرة وكبيرة ، فأين له من الجهد والطاقة والوقت ما يجعله يقوم بكل هذه الأعباء وأكاد أجزم بان تقاعس الدولة لهو عدوان منها لا شعوريا تجاه السيد الرئيس بحيث يتم اشغاله بكل هذه الأمور مما يضيع وقته وجهده. وهناك سؤال متصل بهذا الشجن أضا وهو كيف تغيب جائزة الدولة التقديرية أو جائزة النيل وتضل طريقها فلا تصل إليه . وتصل في الوقت نفسه لمن هم في نصف موهبته وعطائه وربما في الأغلب في ربع موهبته وعطائه ،، هذا الأمر الذي تكرر مع عمالقة عرفتهم كالناقد الراحل فاروق عبدالقادر، وعملاق القصة يوسف إدريس .
قابلت الشاعر الكبير محمد محمد الشهاوي في أمسية شعرية أقامها المجلس الأعلى للثقافة على هامش مؤتمر خيري شلبي "وتد الرواية العربية عام 2012" اقتربت منه وسلمت عليه وقلت له "ممكن حضرتك تقبل مني هذا الكتاب ،، فرد بكل سرور، ومد يده ،، فناولته الكتاب ، فألقى نظرة على العنوان ، وقام بتقبيل الكتاب ، ورفع يده لأعلى ووضع الكتاب على رأسه، ثم وضعه في حقيبته" وأنا في كل هذا واقف في ذهول ... إنها عبقرية محمد الشهاوي وإنسانيته الطاغية ورقته الملائكية .
وإليكم ما حدث معي فيومها رأيته في الدور الأرضي قبيل أن يصعد المصعد فتأخرت قليلا حتى يدخل من بابه إجلالا واحترما ولكنه أشار لي بالدخول وأنا لا أتكلم ولكن فقط أنظر إليه وأتأمله ،، وخرجنا من الباب وسألني عن القاعة المعدة للأمسية الشعرية ، وتمهلت في المشي خلفه ولما دخل القاعة وجاء دوره وألقى قصيدته "المرأة الاستثناء" قلت بعدها "حرام عليك " ما هذا شعرا إن هذا إلا وحي - بالمعنى الأدبي الإبداعي" وبعدها عاد وجلس في معقده وكان ما كتبته سابقا ،، إنه شاعر عبقري ، وكتابي الذي أعطيته له هو "نجيب محفوظ وسردياته العجائبية . مطبوعات المجلس الاعلى للثقافة 2011" هو ونجيب محفوظ كلاهما متواضع ، يمشى في الأسواق ويأكل الطعام ,,,وووووو
ولقد اتصلت بحضرته ايام معرض الكتاب الماضي 2016 تليفونيا للاطمئنان عن صحة سعادته ، وكنت بصحبة الشاعر الجميل سعيد شحاته اثناء الاتصال الهاتفي . وكنت قد اتفقت مع أحد أصحاب دور النشر لطبع كتاب عنه "دراسات نقدية "ويومها أخبرني بأن هناك كتاب بالفعل موجود عن سيادته ولكنه لم يكن مطبوعا بشكل جيد فكان الاقتراح ان يضم الكتاب
الجديد الدراسات القديمة والجديدة أيضا.
ولقد كتب الاستاذ محمد الوكيل ما يؤكد عبقرية الشهاوي فيقول :" أستاذ الكل وبحر الشعر شيخ الشعراء محمد الشهاوي هذا ديدنه عرفناه عن قرب وخالطنا الرجل فكان يبهرنا دائما بكلماته الرنانه وعبارته المختارة قال لي يوما وكأني لم اسمعها في قاموس العربية قبل ( انت جميل )معطشة الجيم قالها لى فتهلل قلبي سرورا لا لشيء سوى اني اعلم انه صادق المعنى والمبنى. ادام الله عليه خيره ورزقه حسن الخاتمة كما رزقه حسن القبول.
وها هي القصيدة الاستثناء فيما أري .
قصيدة "المرأة الاستثناء"
شعر : محمد محمد الشهاوي
لينهمرِ الشعرُ بالأغنيات الجديدة بين يديها
طويلاً..
طويلا.
ألا..
وليؤسس (على قدرها)
لغةً
وعروضًا جديدينِ
يستحدثانِ مقاييس أخرى..
وذائقة..
وعقولا.
هى امرأةٌ تشبه الشمسَ..
إلا أفولا.
على شاطئ الألق المترقرقِ..
مفعمةً بلهيب الوضاءةِ،
مترعةً بأريج الأنوثة..
تُسلم أعضاءَها ليد السحر،
ترسم فى جسمها الغضِّ..
أحلى الأساطيرِ.
ماذا يقول لسان المزاميرِ عنها
إذا ما أراد لنا أن يقولا؟
هى امرأةٌ تشبه المستحيلا
هى امرأةٌ يشرب النورُ..
من قدميها (اللتين تشعَّانِهِ)
هاطلات السنا
والندى
كى يبل الصدى
والمغنى.. هنالك محتدمًا بأوار التراتيلِ..
يرسلُ اللانهائيَّ فى مقلتيها
بريد المواويلِ
وهو يناغمُ رقرقة الضوءِ إذ يتدحرجُ
فوق جبال المدى
ليصافح فى وجنتيها الصباح الجميلا
وسيدة النورِ تعلمُ:
أن القصائدَ..
مفتاح باب الدخولِ..
إلى باحةِ المطلق المتهللِ
آهٍ.. وإنى أود الدخولا
هى امرأةٌ..
لم تراود سوى الحلمِ عن نفسِهِ..
وفتاها..
تَوَزَّعَهُ الحلمُ وَحَّدَهُ
والشذا
والجوى
والنحولا
فأترع كل الجهاتِ أفاويقَ وجدٍ
بهِ ما بهِ من ضنىً لن يحولا
أجل..
إنه موقف الشوقِ،
والتوقِ،
والسهدِ،
والوجدِ،
والشدو،
والشجوِ،
فلتشهدى يا جميع المواقيتِ..
أن المغنيَ
ما زال فى حضرة الشوْفِ
يتلو كتاب صباباتِهِ،
وفِدى من أحبَّ
يموت قتيلا
ويا سيدى الوجدَ
إن لنا موعدًا (عقدته العيونُ)
ووثَّقهُ الصمتُ
والصمت أصدق قيلا
أحبك يا سيدى الوجدَ
يا ذا الخليل الذى..
لم يمل الخليلا.
أحبكَ..
فاكتب إلى العمر أغنيتي
علهُ..
-رحمةً بالمحبين-
ألا يزولا
هى امرأةٌ تشبه المستحيلا
هى امرأةٌ..
قد تفرغت المعجزاتُ لتشكيلها
والمقاديرُ..
دهرًا طويلا.
هى امرأةٌ..
وجميع النساءْ
سواها ادعاءْ
لها البحر من قبل بلقيس عرشٌ
وكل المياه إماء.
يخاصرها الموجُ فى نهمٍ
ممعنًا فى الصبابة جيلاً..
فجيلا.
أقايضها..
بدمي
وجميع دفاتر شعرى..
مقابلَ..
أن أتريض عبر فراديس أبْهائها
أن أجوس خلال أقاليم لألائها
أن أسوح بأغوار أغوار آلائها..
أو أجولا
أقايضها بدمي
وجميع دفاتر شعري
مقابل أن أتملى مفاتنها بكرةً
وأصيلا
هى امرأةٌ ملء أعطافها عبقٌ
يستدل عليها به من يود الدليلا
هى امرأة تشبه المستحيلا
هى امرأة..
ليس لى أن أسميها
أو أكَنِّي
لطلعتها القلبُ..
يرقص حيناً،
وحينًا يغني
وهْيَ من لا يشابهها غيرها
إن أردت المثيلا
هى امرأة تشبه المستحيلا
هى امرأة تشبه المستحيلا