القاهرة 07 اغسطس 2018 الساعة 09:42 ص
حاورها : محمود الديب
فازت القاصة المصرية إيمان الزيات مؤخرا بالمركز الأول في القصة القصيرة، في مسابقة جمعية الكاتبات المصريات، ولم تكن هذه هي الجائزة الأولى فمسيرتها تضم العديد من الجوائز الأخرى، وحملت القصة التي فازت بالمركز الأول عنوان "إيقاعات من جرانيت". ومن الجوائز الأخرى حصولها على المركز الثاني في القصة القصيرة على مستوى الجمهورية في مسابقة الشؤون المعنوية بالقوات المسلحة ( أكتوبر انتصار شعب) عام 2017، وفازت بمسابقة إقليم غرب ووسط الدلتا فرع القصة القصيرة عام 2017، وفازت في مسابقة وزارة الشباب والرياضة في القصة القصيرة عام 2000، وشاركت في العديد من المؤتمرات، مثل مؤتمر اليوم الواحد بالإسكندرية عام 2016، والمؤتمر الرابع لأدب الطفل بالإسكندرية عام 2017. وأصدرت خمس مجموعات قصصية، من بينها ( يمر على روحي كدهر) و( إيقاعات من جرانيت) من مطبوعات الهيئة العامة للكتاب، وكتاب نقدي بعنوان ( البوليفونية في الكتابات السردية). وديوان باللغة العامية بعنوان (كتابة بطعم الأسر). وأثرت المكتبة المصرية والعربية بمجموعة من الدراسات النقدية.
الإبداع لديه القدرة على استجلاب الحق وإقامة العدل الاجتماعي، كما له دور في تنمية المجتمع، ومع ذلك هناك موجات وتيارات تحاول تهميش الإبداع، فما الأسباب التي تدفع هذه التيارات إلى ذلك ؟
تلك الأفكار نابعة من قناعاتي الشخصية، ومن متابعتي لفترات ازدهار الأمم وحصول أفرادها على حقوقهم، تلك الفترات لطالما ارتبطت ارتباطاً وثيقا بوعي الكتاب وازدهار الفنون والآداب، وذلك لأن للأدب خصائص تنويرية يقوم من خلالها الكاتب بدراسة وعرض ظروف وأحوال المجتمع، عرضا واعيا يترتب عليه خلق حالة من العصف الذهني لدى المتلقي الذي ما يلبث أن يفكر بشكل أكثر شفافية ووضوح، فيصل لنتائج وقرارات سليمة، خاصة إذا تبنت السينما تلك النصوص وقامت بتجسيدها على الشاشة الكبيرة، وهناك بعض الأعمال والقصص التي هزت وجدان المجتمع وأثرت في مؤسساته وغيرت تشريعاته، والأمثلة على ذلك في مصر متنوعة، كما حدث في فيلم (جعلوني مجرما) قصة رمسيس نجيب، وسيناريو نجيب محفوظ، تلك القصة التي " أسقطت السابقة الأولى" لتمنح البعض فرصة وأملاً في البدايات الجديدة، وقصة فيلم (أريد حلا) التي غيرت قوانين الأحوال الشخصية بعد عرض الفيلم لتعطى المرأة جزءً من حقوقها ، وفيلم (كلمة شرف) الذي عدل أحد قوانين السجون مستعرضا الحقوق الإنسانية للمساجين.
أيضاً عالمياً كان هناك نصوصاً مؤثرة مثل فكرة الفيلم الفرنسى البلجيكى (روزيتا) الذي تدور أحداثه حول فتاة تدعى ( روزيتا ) تهرب من والدتها مدمنة الكحول لتبحث عن أى عمل، فيتم استغلالها من قبل أرباب العمل بأجور ضئيلة جداً، بعد عرض الفيلم صدر قانون جديد فى بلجيكا يحظر على أصحاب العمل تشغيل المراهقين بأى أجر أقل من الحد الأدنى للأجور .
كل تلك التأثيرات وغيرها كان وراءها عقولاً واعية ومثقفة لها رؤية وقدرة على تحليل المشكلات وعرضها، والمطالبة بحقوق أفراد المجتمع، لذلك فإن تيارات الفساد تحارب الإبداع بشتى صوره، ليبقى المجتمع راضخاً تحت وطأة التعتيم، غير مدرك لحقوقه، تثقله المشكلات وتنعدم أمامه سبل حلها.
نشهد في السنوات الأخيرة ما يعرف بمختبر السرديات في كثير من دولنا العربية، فهل نجح في القيام في الدور المأمول منه، وما هي أهم الإضافات التي قدمها إلى المشهد الثقافي المصري والعربي؟
سأتكلم عن تجربتي الخاصة كعضوة في مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية الذي يديره ويشرف عليه المبدع والناقد "منير عتيبة"، والذي ينعقد كل ثلاثاء لمناقشة عمل سردي محلي أو عربي ويتبادل فيه الأعضاء مواقعهم الإبداعية والنقدية فتارة يقرؤون نصوصهم، وأخرى يقومون بوظيفة النقد لنصوص الآخرين، أو يستمعون للنقد الأكاديمي من أساتذة النقد بالجامعات، تلك التجربة جعلتني أقطع شوطاً كبيراً من التجارب النقدية والتطبيق العملي باشتباكي الإجباري مع أربعة نصوص سردية كل شهر، ففكرة أن تقرأ وتناقش ما لا يقل عن 40 نص سردي كل عام، لك أن تتخيل ماهي المحصلة، وتلك فضيلة كافية للثناء على فكرة المختبرات السردية فضلاً عن مناقشة (المخطوطات) قبل الطباعة، وتراسل الإبداع المصري والعربي، ولولا نجاح التجربة ما فكرت دولة الأردن الشقيق أن تخوضها مؤخراً.
هل هناك قصة قصيرة حديثة وأخرى قديمة؟
دعني أقول أن هناك شكل كتابي حديث للقصة القصيرة وآخر قديم، وليس قصة حديثة وأخرى قديمة؛ فما زالت مقومات السرد القصصي الرئيسية ثابتة، حتى وإن غابت بعض العناصر السردية في بعض الأحيان وحضرت في أحيان أخرى.
وهل أنت مع تسمية القصة النبضة والقصة القصيرة جدا؟
حالياً لا يسعني أن أقدم آراءً تكون مع أو ضد تلك النوعية من القصص التي فرضت نفسها وانتشرت انتشار النار في الهشيم، وذلك إن دل فإنما يدل على حاجة الساحة الثقافية أو جمهور التلقي لنوعية خاصة من القص تكون شديدة التكثيف واسعة التأويل، ولا يهم ماذا نسميها المهم كيف نتعامل معها نقدياً، كصنف من صنوف القصة أصبح مستساغاً ومتداولاً بشكل ملحوظ.
ما هي مقومات نجاح القصة القصيرة جداً؟
اللغة المكثفة الدقيقة، بحيث لا يمكن بأي حال الاستغناء عن مفردة واحدة منها أو استبدالها، فضلاً عن اتساع دلالات الرمز وانزياحاته التأويلية، و النهايات المدهشة, هذه العناصر الرئيسية تعتبر من أهم مقومات نجاح ذلك الشكل القصصي من وجهة نظري.
ما السبيل للنهوض بالأدب السردي؟
مبدئياً أن يكون لدى الكاتب ثراءً لغوياً ومرونة في استخدام الألفاظ، فأنا يضيق صدري من لغة الكاتب الفقير، الذي تسيطر على نصوصه تلك المفردات العاجزة المكرورة، وضحالة الصور، والتخييل، أيضاً الثقافة المتنوعة في شتى مجالات الحياة البشرية، فالكاتب كالممثل عليه أن "يلبس الشخصية" التي يكتب عنها كما يقولون في السينما، يعرف فيما تفكر وكيف تعبر، وما الذي يجعلها تعاني، ماذا تريد؟ كل ذلك لا يمكن إدراكه إلا بالمعايشة الواقعية، ولا يمكن التعبير عنه بموضوعية إلا إذا فهم الكاتب وتثقف (اجتماعيا، واقتصاديا، وسياسياً، ودينيا، وفنياً، وعلمياً، ونفسياً...).
كيف ترين الجهود الثقافية التي تقدمها قصور الثقافة في مصر؟
كمحاضر مركزي بالهيئة العامة لقصور الثقافة، أعتقد أن تلك المؤسسة الثقافية التي لا يستهان بأهميتها في حاجة لإعادة هيكلة، فالجهود المبذولة فيها سواء من جانب المسئولين، أو المبدعين هائلة ولكننا جميعاً في مركب واحد وكل منا يجدف في اتجاه مختلف فتضيع الجهود سدى، ربما بالقليل من التنسيق والكثير من التشريع يمكن لتلك المؤسسة أن تؤتي في النهاية أكلها ولو بعد حين.
وهل لديك مقترحات لتطوير تلك الجهود لتخدم أكبر شريحة من المبدعين في مصر؟
كان لدي بعض الرؤى حول مسألة الدعاية فشباب المبدعين لا يعلمون الكثير عن مزايا قصور الثقافة وكيفية الالتحاق بها، لوقت قريب وبعد كل هذا العمر الإبداعي كنت لا أزال واحدة من هؤلاء، ربما انخراطي في الوسط الذي توسم فيّ خيراً جعل لافتات الإرشاد تومض لي من الجميع بإخلاص، ولكن ماذا عن المبدعين الذين لا يعرفون عن ذلك شيئاً لماذا لا يكون هناك إعلانات ثقافية، ودعاية، أعتقد أن قصور الثقافة سوف تتخلص من افتقارها للمبدعين الشباب وانصرافهم عنها بالترغيب والإعلان، وخاصة لو ارتفعت جوائز ومزايا مسابقات الهيئة لتشجعهم على الإبداع، وكان فيها فرصاً نزيهة ومتساوية للجميع.
شاركت في إنتاج مجموعات قصصية مشتركة مع مبدعين آخرين، فهل كانت تجربة ناجحة؟
نعم أراها كذلك، خاصة تلك التجربة التي شاركت فيها مع مجموعة من الأقلام العربية المتنوعة فكان المنتج النهائي (روائع القصص) بمثابة وجبة إبداعية عربية متنوعة وممتعة.
ما هي التقنيات السردية التي تعتمدين عليها في سردك؟ وهل تختلف من قصة إلى أخرى تبعاً لاختلاف الشخصيات والأماكن؟
أحسب دوماً أن النص هو الذي يفرض علينا تقنياته وفقاً لموضوعه، فبعض الموضوعات تحتاج لاختزال زمني وتعدد فضاءات مكانية مثلاً، لذلك تكون تقنيات (التشظي، والاسترجاع، والاستباق) جميع تلك التقنيات الزمنية هي الأنسب لها، وبالبعض الآخر يكون مبهماً فيحتاج لتقنية (كتراسل الحواس) مثلاً تلك التي يستكمل فيها الكاتب الغرض المحسوس بخواص الملموس ليوضح فكرته للمتلقي، وموضوعات أخرى تتكئ على الشكل الكتابي سواء كان (سرداً متواصلاً، أو تناوب السرد والحوار، أو منولوجات، أو فصول أو مقاطع...) وهكذا تتنوع التقنيات ويبقى معيار الاختيار منها وفق الأنسب والأكثر قدرة على التعبير والتفسير.
أصدرت كتاب نقدي بعنوان (البوليفونية في الكتابات السردية)، فاز في مسابقة فرع ثقافة الإسكندرية عام 2017، علاما يدل مصطلح البوليفونية ؟
لكل مهنة قاموسها اللغوي، نحن لا نستنكر على "الطبيب" أو "المحاسب"، أو "المحامي" لغته ومصطلحاته؛ فلماذا نفعل ذلك دوماً مع "الناقد" خاصة إذا كان يشرح تلك المصطلحات بشكل بسيط ويقوم باعطاء أمثلة تطبيقية عليها؟! (البوليفونية) ليس بالمصطلح الجديد فلقد استحدثه المُنظر الروسي "ميخائيل باختين" واستعاره من الموسيقي ليعبر به عن فكرة "التعددية" في المكونات السردية كتعدد (الرواة، والضمائر، والفضاءات الزمنية والمكانية، والشخوص، والأطروحات...)، وهي إحدى الفنيات الكتابية التي تمنح الكاتب قدرا كبيراً من الحرية والقدرة على التعبير عن مختلف الموضوعات ووجهات النظر بوسائل شيقة وممتعة، وعلى المستوى الشخصي أفادتني تلك التقنية في صياغة روايتي الأخيرة "دموع النوافذ", حاولت إحياء ذلك المصطلح في كتابي النقدي الأول الذي وصفه النقاد بالقيمة والنفع، والسلاسة، وكتب عنه مثمناً إياه بجريدة البيان الإماراتية الناقد الكبير د. سيد نجم، كما ناقشه وكتب عنه الناقد الكبير أ .شوقي بدر يوسف، والمبدع والناقد الكبير د. شريف عابدين، والمبدع والناقد المتميز أ. أحمد حنفي في حفل توقيع ومناقشة فرع ثقافة الإسكندرية له، وأثنى عليه كوكبة من المبدعين الكبار بالإسكندرية.
مسيرتك حافلة بالفوز بالعديد من الجوائز، فما أبرزها؟
منّ الله عليّ بالفوز بثمانية جوائز معظمها على مستوى الجمهورية فلقد فزت مؤخراً بالمركز (الأول) في مسابقة (جمعية الكاتبات المصريات) عن مجموعتي القصصية (إيقاعات من جرانيت) الصادرة عن الهيئة العامة للكتاب، و بالمركز (الأول) على مستوى الوطن العربي عن قصتي (يراقص الطائرات) في مسابقة (التجمع العربي للثقافة والإبداع) يناير 2011, وفازت تلك القصة أيضاً بالمركز (الثاني) على مستوى الجمهورية بمسابقة إدارة الشئون المعنوية بالقوات المسلحة، المسابقة الأدبية السادسة (أكتوبر انتصار شعب) 2016، كما فزت بالمركز (الأول) عن قصة (الدور 18) بمسابقة المنتدى الثقافي والإبداعي بطنطا في دورته الرابعة أكتوبر 2017. أما على مستوى الإقليم فقد فزت عن قصة (استماع أخير للجرامافون) بمسابقة إقليم غرب ووسط الدلتا فرع القصة القصيرة مارس2017.