القاهرة 26 يوليو 2018 الساعة 11:27 ص
قصة : أحمد فيصل
(القصة الفائزة بالمركز الثاني في مسابقة الإبداع في مواجهة الإرهاب / المجلس الأعلى للثقافة 2018)
طبق، بداخله تفاحتين. هكذا علمونا رسم التاء في طفولتنا. لكني للآن أعجز عن استيعاب الفارق الزمني بين التاء وأول تفاحة أكلتها.
ابتسَمَت لما رأتني جالسا في ركن الصالون.. "اجلس فوق المقعد" جلست ورأيت الطبق. كان به قطعتين من الشيكولاتة. لم يكن من اللياقة في أول أيام خدمتي بالبيت أن أمد يدي إلى شيء ما من أكل البيت ما لم يقدم لي، أو هكذا حسبت الأمر.
مر علي في المنزل خمسة أعوام، كنت طالبا في أول مراهقتي بالصف الثاني الإعدادي، كنت أذاكر على أرضية المطبخ وأمامي طبق فيه قلمين، كنت أكتب وأسطر وأفكر في ابنة صاحبة البيت في نفس الوقت.
مرت خمس أخريات من السنين. صارحتها بحبي في إحدى الكافيتيريات النيلية القريبة من الجامعة، كان الحوار وديا كعادتنا حتى قطعه اعترافي، لم تعد شريكة البيت وزميلة الدراسة، فجأة تحولت إلى صاحبة البيت التي رأيتها منذ أتيت طفلا من القرية، غير أنها لم تكن بنفس الحنان. تحت وطأة إهاناتها ثرت، وصفعتها صفعة شديدة فاصطدم جسدها بالمائدة، وسقط الطبق والتفاحتان.
مرت عدة أسابيع منذ خرجت هاربا من الكافيتيريا والبيت والجامعة، أخذت تمرة من طبق موضوع بجانبي على أرض المسجد، وصارحت الأخ "س" بعدم رغبتي في العودة للجامعة، أخذ الأخ "س" التمرة المتبقية وهو يخبرني أن حياتي القادمة في ظل الجماعة ستكون مختلفة، وأن عودتي للجامعة ستعود بالنفع علي وعليهم أيضا.
جلست منزويا في ركن الغرفة "اجلس فوق المقعد". جلست مترددا، كنت مرهقا وداميا من استقبال القسم، لكن لم يكن من اللياقة أن أجلس على المقعد دون أن يأمرني الضابط بذلك أو هكذا حسبت. "هل تخصك هذه الأشياء؟" أشار إلى منضدة عليها بعض قطع السلاح ولثاما وبعض المال والذخيرة. "نعم".
استأذن المحامي في الكلام، وظل يتكلم وعيني مثبتة على طبق به علبتين من الرصاص فوق المائدة، خفضت رأسي قائلا بلا صوت:
ولكنني لا زلت أحبها.