القاهرة 22 يوليو 2018 الساعة 11:54 م
نور وائل سعيد
أقامت دار بتانة مساء الخميس الموافق 19من شهر يوليو الجاري، ندوة لمناقشة كتاب "تهافت المثقفين" للكاتب والباحث والأكاديمي الدكتور سعيد اللاوندي، الصادر عن دار غراب للنشر والتوزيع، والتي قام بتقدميها الشاعر شعبان يوسف، وناقشه كل من الشاعر أحمد الشهاوي, والروائية والناقدة الدكتورة هويدا صالح, والشاعر سعيد الصاوي, بحضور نخبة من المثقفين والقراء.
بدأ شعبان يوسف بأن الكتاب يطرح قضايا عديدة، من خلال عدة مقالات مختلفة مشيرًا إلى تأثر اللاوندي واشتباكه مع واقع الثقافة المصرية والعربية والعالمية -الفرنسية تحديدًا- خلال العقود الأخيرة وبصفة خاصة عقب سفره إلى فرنسا ليكمل دراسته في جامعة السوربون.
وأكد الشاعر أحمد الشهاوي على تأثر اللاوندي بالحياة الثقافية الفرنسية بقوله أن سعيد يقدم لنا في هذا الكتاب بشكل شعوري أو غير شعوري ما قرأه في الكتب الفرنسية.
لاسيما وهو صديق مقرب له، ولذلك يرى شكلين مختلفين في كتابة اللاوندي؛ على المستوى الأكاديمي من جهة ومن جهة أخرى على المستوى الصحفي.
ولا يمنع ذلك من معارضة الشهاوي للكاتب على فكرة التصنيف المطروحة في بداية الكتاب، وقد رأي أن مقال "شكوك المشروع" ص59 يأتي خارجًا عن سياق الكتاب وكان ينبغي رفعه.
وأضاف أن معنى كلمة "التهافت" اللغوي هو التساقط والضعف والانهيار ويقصد اللاوندي هنا أن المثقفين يتساقطون قطعًة قطعة كما في الحديث النبوي "يتهافتون في النار" وأيضًا قارن المعنى بكتاب "تهافت التهافت" لابن رشد.
بينما عارضت د. هويدا صالح الرؤية التي طرحها اللاوندي للمشهد الثقافي المصري, وكان رأيها أن الصورة ليست معتمة وغامضة وكالحة كما قدمها ولكن هناك جانب آخر مشرق لمثقفين لم يشر إليهم اللاوندي نهائيًا، فهناك من المثقفين من يمكن أن نصفهم بالمثقفين العضويين، حيث يعملون من أجل مجتمعهم، ويشتبكون مع قضايا الوطن.
ورغم تأكيدها على أن الكتاب سلس والمقدمة مختصرة ومعبرة, وأنها انتهت منه في جلسة واحدة, فقط بضع ساعات تكفي لقراءة الكتاب، إلا أنها رأت أن الكتاب لم يخرج عن التناول الصحفي المتعجل، غير المتأمل، فقد توقعت أن تجد تحليلا أكاديميا ورؤى فلسفية للقضايا التي تناولها سعيد اللاوندي، فلو أن الكاتب قام بتحليل الظواهر الثقافية والبحث عن أسبابها، بدلا من سرد حكايات وشائعات غير موثقة، فالكتاب لم يخرج عما يتداوله الناس على مواقع التواصل الاجتماعي، دون توقف وتأمل!.
كما رفضت هويدا صالح إدانة الكاتب لاعتصام المثقفين أمام وزارة الثقافة عقب تولي الوزير الإخواني علاء عبد العزيز الوزارة، ورأت أن هؤلاء الذين خرجوا لإبعاد الوزير الإخواني كانوا يحملون أرواحهم فوق أيديهم، فلو أن الأقدار أتت بما لا يشتهي المثقفون، وبقي الإخوان في الحكم، كانوا سوف ينكلون بكل من خرج جدهم.
كذلك تعجبت هويدا صالح من رفض الكاتب للهوية المصرية القديمة، وفضلت استخدام المصرية القديمة بدلا من مصطلح "الفرعونية" الذي هو غير دقيق تاريخيا، وتعجبت من قبول اللاوندي للهوية العربية لمصر ورفضه للهوية المصرية القديمة، ورأت أن الهوية السوية هي التي تتعدد طبقاتها، فمصر هويتها مصرية قديمة وعربية وشرق أوسطية وبحر متوسطية وإفريقية وهذا ما يعززها ويقويها.
عقب الشاعر سعيد الصاوي على تعليق د. هويدا صالح بوصفه أنه ملئ بالتفاؤل وعكس ما يجري في المشهد الثقافي المصري والعربي, ولكنه اعتبر الكتاب بمثابة شهادة على العصر, وأن اللاوندي رصد فية حالة الضعف والتساقط التي أصابت المشهد الثقافي المصري.
يقول اللاوندي في مقدمة الكتاب: صدمني ما قاله المفكر الفرنسي ريجيس ديبريه من أن المثقفين هم فئة ضالة ومضللة لأنها تضيع وقت الناس فيما لا طائل منه. وهم قوم ضرب الشيب مفرقهم وفقدوا دورهم التنويري النبيل وأصبحوا أشبه بقلة من البشر فقدت الذاكرة.
مضيفا: شاءت أقداري أن أعيش جملة من الأحداث كنت طرفًا في بعضها ووسيطًا في بعضها الثاني وشاهدا في بعضها الثالث..., فوضعت يدي وعيني على مواطن "التهافت" وهي كثيرة في حياتنا الثقافية.
من أجواء الكتاب: وفي كتابه خيانة المثقفين أكد المفكر الفرنسي جوليان باندا انقراض فئة الدجالين*؛ يقصد المثقفين. بينما سكب فيلسوف آخر هو جان فرانسوا ليوتار كل ما في روحه من يأس ومرارة على أوراق ضمها كتاب بعنوان "قبر لكل مثقف" يصفه الكتاب بأنه شهادة وفاة حقيقة لأن من يقرأه يشعر بأنه يسير - بحق- في جنازة المثقفين.
هذا الكتاب يدعو كل مثقف أن يحفر قبره بيديه.