القاهرة 17 يوليو 2018 الساعة 11:56 ص
د.هـناء زيادة
دائما ما كانت رياضة كرة القدم وأفلام السينما من أعظم وسائل الترفيه خلال القرن الماضي والحالي، لذا لم يكن من المستغرب أن يتم تناول كرة القدم في الأفلام السينمائية في عدد كبير منها، بلغات متعددة ومن كل زاوية يمكن تصورها، فكرة القدم لم تأسر فقط عشاقها ومحبيها من جماهيرها العريضة حول العالم، بل امتد سحرها ليشكل جزءً مهما من السينما، حيث شغلت الساحرة المستديرة الكثير من صناع الفن السابع، فأبدعوا أفلاما لا تزال عالقة في ذاكرة المشاهدين، فمن أقدم الأفلام التي كانت كرة القدم محورها الأساسي هو فيلم "لغز ملعب آرسنال" الذي يعود إلى عام 1939م، الفيلم يتحدث عن جريمة غامضة تحدث مع لاعبي فريق أرسنال الإنجليزي، فيما كان الملعب القديم للنادي "هايبوري" مسرحا للعديد من المشاهد، وهو ما ساهم في ضمان أهمية هذا الفيلم على عدة مستويات، ومن بينها نقل صورة لعبة كرة القدم، كان للحرب العالمية الثانية أيضا دور كبير في قصص أكثر الأفلام الكروية، والتي من بينها فيلم (الهروب إلى النصر ـ 1981م)، أو "النصر" كما عرف في الولايات المتحدة الأمريكية. في نهاية المطاف، وقد شارك في بطولته مايكل كاين وسيلفستر ستالون، ومجموعة من نجوم كرة القدم البارزين، من بينهم بيليه ، و بوبي مور، وأوسي أرديلس، ومن إخراج جون هستون. حيث تتحدث القصة عن مجموعة من سجناء الحلفاء اجتمعوا لخوض مباراة في كرة القدم، وربما الحصول على فرصة للهروب، و رسالة الفيلم هي أن كرة القدم يمكن أن تكون سلاحا وطنيا ونصرا لسجناء ومعتقلين داخل السجن الشديد الحراسة، فتكون نصرا للمسجون ضد السجان، أو فوزا غاليا عظيما للذين ضاعت كرامتهم وراح كبرياؤهم فيبحثون عنه في فوز بمباراة ضد منافس أو خصم ولو كان فوزا بين أسوار سجن.
إلى جانب حضورها في التلفزيون من خلال المباريات، وتحقيقها لنسب مشاهدة عالية خاصة عندما يتعلق الأمر بمباريات كأس العالم أو مباريات دوري أبطال أوروبا، فإن كرة القدم كانت حاضرة بقوة في السينما، من الأفلام الأخرى التى تناولت اللعبة الشعبية الأولى فيلم (بالألوان ذاتها – 1949م)، والتي قدمها اللاعب الأرجنتيني الأسطوري "ألفريدو دي ستيفانو" والذي قام بدور البطولة، والذي بعد انتقاله إلى أسبانيا من أجل بدء رحلته الشهيرة في صفوف فريق ريال مدريد، عاد مجددا إلى الشاشة الكبيرة في عام 1956م، حيث قدم فيلم بعنوان "لا سايتا روبيا" أي السهم الأشقر. والذي كانت قصته تدور حول لصوص سرقوا محفظة، ثم أدركوا أنها تخصّ لاعبهم المحبوب "دي ستيفانو"، وهو ما تبعها من علاقة إيجابية ربطتهم بالسهم الأشقر "دي ستيفانو" من خلال مواقف متعددة. فيلم (مباراة حياتهم ـ 2007م) تم تقديم رحلة فريق في كأس العالم، حيث ركز الفيلم على كواليس مشاركة الولايات المتحدة الأمريكية في كأس العالم 1950م في البرازيل، وقصة فوزها على إنجلترا.
تضمنت السينما الألمانية فيلمين مهمين ركزا على لحظات تأسيسية في مسيرة تطوير لعبة كرة القدم، حيث تناول فيلم (الحلم العظيم ـ 2011م)، رحلة 20 عاماً من التجارب والمصاعب التي رافقت وصول اللعبة إلى ألمانيا ابتداءً من 1870م، وفيلم آخر تم تقديمه هو(معجزة برن – 2003)، الذي تضمن قصة مؤثرة تحتوي على السحر والدراما والشفقة، كان محورها نهائي كأس العالم عام 1954م والفوز المفاجئ لألمانيا ضد المجر، وقد تحدث هذا الفيلم عن علاقة إحدى العائلات بهذه المباراة في ظل الصعوبات التي أعقبت الحرب العالمية الثانية. الفيلم الإسكتلندي (فتاة جريجوري-1981م)، قدم قصة مؤثرة تتحدث عن المراهقة، الرومانسية وكرة القدم، وهو قريب من فيلم آخر هو (حمّى الملعب- 1997م). ومن الأفلام أيضا التي تتناول الساحرة المستديرة فيلم (بنديت لايك بيكهام – 2002م) والذي يتحدث عن التحديات التي تواجه لاعبات كرة القدم النسائية، وعقبات القيم الثقافية التقليدية وما يتبعها من تحديات، وهناك فيلم مماثل له وهو (جرايسي-2007م)، الذي يتحدث عن فتاة تحاول أن تتبع حلمها الكروي في نيوجيرسي خلال السبعينات، وهو فيلم مستوحى من تجارب الحياة الحقيقية لـ "إليزابيث شو" التي رشحت خلال مسيرتها لجائزة أوسكار، مؤثرا خاصة أنه يتداخل مع تطبيق الولايات المتحدة للقانون الذي ينص على أنه لا يمكن استبعاد الشخص من برنامج تعليمي على أساس الجنس.
في السينما المصرية.. نجد أن هناك أفلام مصرية كثيرة تناولت موضوع كرة القدم إما كجزء رئيسي ومؤثر في الأحداث، أو تناولتها بشكل عابر من خلال مشهد أو مشهدين، منها فيلم (الحريف – 1984م)، الذي قدمه المخرج محمد خان، ومن بطولة الفنان الكبير عادل إمام وفردوس عبد الحميد، ويتحدث عن كرة الشوارع وحياتها وأبطالها، لكن سبق الحريف أفلام أخرى منها فيلم (الرياضى)، الذي كتب قصته وأخرجه "توجو مزراحى" في عام 1937م، وقام ببطولته شالوم ونجم الاتحاد السكندرى السيد حودة، وهو أول فيلم رياضى على الإطلاق فى تاريخ السينما المصرية، حيث قدم "شالوم" شخصية لاعب كرة أو عاشق يتمنى أن يلعب الكرة فى صفوف نادى الاتحاد السكندرى. وتضمن الفيلم لقطات حقيقية لمباريات نادى الاتحاد فى ذلك الوقت، وبعض لقطات للنجوم الكبار وقتها فى هذا النادى العريق. في حقبة لاحقة تم تقديم فيلم (كابتن مصر)، الذى قام ببطولته المطرب محمد الكحلاوى مع زهرة العلا وإسماعيل ياسين ومحمود المليجى. حديثا تم تقديم فيلم آخر تحت نفس الاسم كتبه عمر طاهر وقام ببطولته محمد عادل إمام، أما فيلم (العالمى -2009م)، الذى قام ببطولته يوسف الشريف، وتدور أحداثه حول لاعب كرة قدم ، يواجه اعتراضات من جانب والده الذي يحاول إقناع ابنه بالعمل معه في المطبعة التي يمتلكها، وبعد حدوث تغييرات كثيرة على حياته يقرر احتراف كرة القدم وينتقل للعب فى "النادي الأهلي" الذي يكون بوابة دخوله لمنتخب مصر، والاحتراف الخارجي إلى نادي فالنسيا ، ولكن تنقلب الأمور رأساً على عقب بعد ذلك، الفيلم يتناول معاناة لاعبي كرة القدم. هناك أفلام مصرية أخرى حاولت الاقتراب من عالم كرة القدم، مثل فيلم (4 2 4)، والذي أدي البطولة فيه يونس شلبى وسمير غانم، و فيلم (رجل فقد عقله)، من بطولة عادل إمام وإكرامى، و فيلم (أونكل زيزو حبيبى) من بطولة محمد صبحى وبوسى، و فيلم (الشياطين والكورة) و (غريب في بيتي) الذي قام ببطولته نور الشريف وسعاد حسنى .
وقد صدر للكاتب الصحفى حاتم جمال ضمن سلسلة كتاب الهلال، كتاب بعنوان (السينما والكرة .. أسرار وحكايات)، وهو الكتاب الذي يعد الأول من نوعه عربيا الذى يربط بين سحر السينما بالساحرة المستديرة، من خلال 6 فصول، الفصل الأول يدور حول 48 فيلما رصدت تناول السينما لكرة القدم 2017م، أما الفصل الثانى فتناول نجوم كرة القدم أمام كاميرات السينما، وقد رصد الفصل مسيرة 28 لاعبا جذبتهم السينما موثقا بشهادات معظم هؤلاء النجوم، بينما تناول الفصل الثالث نجوم الفن الذين بدأوا فى عالم كرة القدم منذ الصغر وتحولوا لنجوم على الشاشة، فى حين رصد الفصل الرابع أشهر عشرة قصص حب بين نجوم الفن والرياضة مبتعدا عن الشائعات، وتعرض الفصل الخامس الى حكايات غريبة وطريفة جمعت بين نجوم الساحرتين وضم الفصل السادس مجموعة متميزة من الصور النادرة التى تنشر للمرة الأولى.