القاهرة 20 يونيو 2018 الساعة 01:32 ص
صلاح صيام
يهل هلال عيد الفطر على ربوع العالم الإسلامي بعد شهر من الصيام والقيام، وتهل معه بركات الفرح والاحتفال بنهاية شهر حافل بالطاعات والخيرات، إذ يحتفل به أكثر من مليار كل حسب ثقافته وعاداته وتقاليده، و رغم أنها تتشابه في الطقوس إلى أن تفاصيل الاحتفالات تختلف من بلد لآخر، ومن ثقافة إلى أخرى.
ويتشابه العيد في جميع دول العالم الإسلامي فى أنه يبدأ بصلاة العيد، ثم تبادل التهاني ومصافحة المسلمين بعضهم البعض، ومن ثم ينطلق كل منهم في وجهته وممارسة عادات خاصة بكل شعب.
و أجواء العيد في دول المغرب العربي متشابهة، فمن ليبيا إلى تونس إلى الجزائر فالمغرب فموريتانيا، يتقاسم المغاربة نفس النمط وذات النفس الروحي والاجتماعي، حيث تتشارك كما هو دارج في أغلب الدول الإسلامية في ارتداء ملابس تقليدية جديدة وأنيقة والتزاور بين الأهل والأقارب وتبادل التبريكات وتوزيع العيديات وزيارة المقابر في أجواء يسودها التسامح والابتهاج.
غير أن "العيد الصغير" كما يسميه المغاربة، يبدأ في تونس بمدفع العيد و "بوطبيلة" الذي يعلن عن حلول عيد الفطر، فيجوب الأحياء مهنئا المواطنين بقدوم العيد، وتقدم أشهى الحلويات التونسية للضيوف، ناهيك عن أطباق تُعد خصيصا بهذه المناسبة كـ"الشرمولة" التي تعد في كل من مدينتي صفاقس وجربة.
وفى سوريا فبرغم ما تعانيه من دمار وهلاك وقصف مازال المواطنون يحاولون الحفاظ على تقاليد، كصناعة الحلوى وهى نوعان: المعمول والمبرومة، وكلاهما مصنوع من الطحين والفستق الحلبى والسكر، لكن الأول مشوى بالفرن، والثاني يقلى بالزيت قبل أن يصف فى الصوانى
وينتظر السوريون العيد ليس فقط للاحتفال به وإنما يمثل لهم نقطة انطلاقة أخرى وهي فتح الحدود بينهم وتركيا للقاء الأحبة والأهالي بين البلدين دون اتباع الإجراءات التقليدية، وسط تسهيلات اعتمدتها السلطات في تركيا وسوريا.
أما في المغرب، فيحرص المغربيون على ارتداء الأزياء التقليدية، يقتني الرجال "الغندورة" وتتهافت السيدات المغربيات على شراء "القفطان" و"الجلابة" اللذان يعتبران مميزا هاما للموروث الثقافي المغربي، ويكتمل الطقم التقليدي مع "البلغة الفاسية" وهو نعل تقليدي شائع في المغرب.
أما في سوريا، فالأجواء تختلف قليلا بسبب أجواء الحرب، إلا أن مظاهر الاحتفال والابتهاج لا تغيب عن المدن السورية التي تعطرها رائحة الحلويات الشامية كـ " المعمول" و"الأقراص" التي تتغلب على رائحة الموت والدمار، وتعتبر "العيدية"،وهي هدايا مالية يقدمها الكبار للصغار، أحد أهم مظاهر العيد التي لا يُغفلها السوريون حتى في أوقات التقشف والحرب.
ويحلّ العيد على شبه الجزيرة العربية بنفس البهجة والسرور، وبذات التفاصيل التي تتشاركها أقطار العالم الإسلامي من تهندم وتأنق وأداء للصلاة وتزاور بين الأهل والأقارب، وإن كان المغاربة والمصريون والشوام يحتفلون بالعيد بمختلف الحلويات فإن الخليجيين لهم نمطهم الاحتفالي الخاص، إذ يحرصون على تحضير أطباق فاخرة دسمة ومالحة مثل "الكبسة السعودية"، و"المجبوس الكويتي" و"السمك المحمر" البحريني و"الهريس الاماراتي"، تقدم هذه الأطباق في ولائم جماعية يقيمها أرباب البيوت على شرف العائلة، فالعيد في الخليج العربي هو مناسبة روحانية أسرية اجتماعية تدوم عشرة أيام.
وتختلف عادات الاحتفال بعيد الفطر المبارك من منطقة إلى أخرى، فقد اعتاد البعض أداء صلاة العيد في البيت الحرام المكى والمدنى، وتنتشر عادة فى الكثير من الأسر السعودية تتمثل فى استئجار الاستراحات التى تقع فى المدينة أو فى أطرافها، إذ يتم استئجار «استراحة» يتجمع فيها أعضاء الأسرة الواحدة الكبيرة، وتقام الذبائح والولائم، ويرتدى الرجال الجلباب الأبيض والشماغ والعقلة، أما النساء فهن مشهورات بارتداء العباءة السوداء.
وتتنوع مظاهر العيد فى المملكة حيث تشتمل، على زيارات الأهل والأقارب، وصلة الرحم، وتوزيع الحلوى على الأطفال في المدن المختلفة عاملًا مشتركا بينهم، كما أن لكل منطقة طريقة مختلفة بعض الشيء في ممارسة هذه العادات والتقاليد وطريقة الاحتفال.
والعيد له نكهة أخرى في تركيا، إذ تُقام خلاله الاحتفالات طوال ثلاثة أيام بكاملها إضافة إلى عشية يوم العيد، ويزيد الأتراك عن غيرهم بتكريس جو الاحترام والعرفان حين يُلزَم الأطفال بتقبيل اليد اليمنى لوالدهم وجدهم وجدتهم حين يحصلون على العدية أو الحلوى، التي بدورها تتوزع بين شتى أصناف الحلويات التركية الشهيرة، على رأسها حلوى البقلاوة التي يقدمها الأتراك لضيوفهم، ويطلق الأتراك على عيد الفطر اسم " رمضان بيرم" بما يعني نهاية شهر رمضان، وفيما عدى ذلك يتزاور أبناء الأناضول فيما بينهم ويتبادلون التهنئات والتبريكات مرتدين أجمل حلله
وتشهد أندونيسيا قبيل يوم العيد واحدة من أكبر الهجرات المؤقتة على الصعيد العالمي، ويعود ذلك إلى العرف الذي يقضي بعودة جميع العمال والطلاب إلى قراهم الأصلية، حيث ينتقل 30 مليون شخص إلى مسقط رؤوسهم خلال عطلة العيد التي تدوم ليومين مع أيام مضافة قبيل العيد أو بعده، وهذا يعود إلى المكانة الثقافية والروحية للعيد في أنفس الاندونيسيين الذين يعتبرونه عيدا وطنيا تماما كما هو مناسبة دينية.
ويتبادل الأندونيسيون التهنئة بتوزيع بطاقات العيد المعدة خصيصا لهذه المناسبة، كما يرددون فيما بينهم عبارة "سيلامات عيد الفطر"، هذا وتُضاء المصابيح والمشاعل داخل البيت وخارجه فيما تُطلق الألعاب النارية احتفالا بقدوم هذا الضيف العزيز.
ومما يميز العيد فى جزر القمر ممارسة لعبة المصارعة الحرة، فمع بداية المناسبة تقام المنافسات بين مصارعين مرشحين من مناطق مختلفة للتنافس على كأس بطل المصارعة على مستوى الجزر الثلاث، وهي: أنجوان، وموهيلي، وجزيرة القمر الكبرى، وتجتذب هذه المنافسات جماهيرا غفيرة من الرجال والنساء على مدى أيام العيد الثلاثة
وتعتبر عادة "إعطاء اليد" التي تعني التهنئة بالعيد، من أشهر العادات المرتبطة بالعيد في جزر القمر حيث يقوم المسلمون بتقديم التحيات والتهاني بالعيد للأقارب والأصدقاء، ويسأل كل قمريا الآخر: هل أعطيت فلانًا اليد؟ بمعنى هل هنأته بالعيد؟
بعد أداء صلاة العيد يتسابق المسلمون في موزنبيق على التصافح مع بعضهم بعضًا، حيث يعتبرون أن أول من يبدأ بمصافحة الآخر هو الفائز بخير العيد كله و يعد هذا تقليدا شائعا في البلاد نزولا عند قوله مع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "... وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.
ويصدح المسلمون فى نيجيريا بتكبيرات العيد وسط الأدغال، و يجتمعون في صلاة العيد مرتدين زيا موحدا أعد خصيصا للمناسبة، إذ يحرص النيجيريون على أداء صلاة العيد خارج المسجد في مناخ مميز.
كما ينتظر النيجيريون المسلمين وغيرهم مواكب السلاطين والامراء، ويقفون على أرصفة الطريق لمشاهدة تلك المواكب المبهجة لأميرالمدينة وهو يتجه نحو المسجد في أجواء احتفالية مميزة.